للهِ ثُمَّ لك الثناءُ الأَوفرُ |
فاهنأْ بعيدٍ فجرُه بك مُسفرُ |
أضحى بك الأضحى سَعيداً مُشرقاً |
واعتزَّ فيك مُحلقٌ ومقصِّرٌ |
ومشى إليك به الحجيجُ كأنَّه |
بحرٌ من العُبَّادِ نحوكَ يَزْخُرُ |
شِيَعٌ كأمثالِ السَّحابِ تَدفَّعَتْ |
ولها إِليك تقدُّمٌ وتَقهقُرُ |
متهافتينَ إلى حِماكَ طَوائفاً |
والجو مفترُّ المَباسِمِ مُمْطِرُ |
والأفقُ زاهٍ بالقَبولِ مُرنَّحٌ |
غَرِدٌ شذيٌّ أفيحٌ بك أزهرُ |
يَرِدونَ حَوضَكَ من مَناسكِ حجِّهِمْ |
أو أنَّهُ بين المَواقفِ "مِشْعَرُ" |
حامتْ به الآمالُ وهي جَسيمةٌ |
وتلفتتْ فعيونُها لك تَنظُرُ |
تتزاحم الوُفَّادُ فيه مَواكباً |
تَترى ويَزهُوهَا اللِواءُ الأَخضرُ |
* * * |
ولقد سمعتُ فلمْ أجدْ من ناطقٍ |
إلا بعصرِكَ معجباً بك يَفخَرُ |
هاجتْ به الذِّكرى ولجَّ بنفسِهِ |
ما كان في "عهدِ النُّبوَّةِ" يُؤثرُ |
فرآك معجزة القرونَ وقد خلتْ |
والدينُ من جُور التَّغَرُّبِ يَجأرُ |
جاءتْ مُصدِّقةً لوعدِ كتابِهِ |
ولينصُرنَّ اللهُ من هو يَنصرُ |
ما في بلادِك بِدعةٌ وتهتُّكٌ |
كلا ولا خَمرٌ يُباحُ ومَيسِرُ |
الأمرُ بالمعروفِ فيك عَقيدةٌ |
لا يستقيمُ على هُداهَا ومُطهِّرٌ |
باتتْ أقاصيصُ الرُّواةِ حَياتهُمْ. |
ومماتُهمْ عِبراً لمن يَتَدَبَّرُ . |
والأمنُ مَضروبُ السُّرادقِ وارفٌ |
والحكمُ عدلٌ والشريعةُ مَظهرُ |
والظلمُ لفظٌ ضلَّ عن مَدلولِهِ |
أَيَّانَ كنتَ فإنَّه بِك يُذْعرُ |
والجيشُ مُدَّرعُ الحديدِ كأَنَّه |
مَاضٍ يعودُ وحاضرٌ يتطورُ |
* * * |
كَتبتْ مواقفُكَ الخلودَ صَحائفاً |
بِيضاً وسطَّرَها النجيعُ الأحمرُ |
لو كان للتاريخِ يوماً آيةٌ |
كانت بنصرِك في كفاحِك تُبهرُ |
* * * |
أخلصتَ سِرَّكَ للإِلهِ فلم تَهَبْ |
خَلقاً فأنت مُوفقٌ ومُظفَّرُ |
المسلمونَ جميعُهم لك قوةٌ |
وقلوبُهُم لك في الجِهادِ معسكرُ |
والمؤمنونَ وإن تناءتْ دارُهُمْ |
رغمَ الفَوارقِ بالتَراحُمِ عُنصرُ |
لا يعبدونَ سوى الذي هو وحدَهُ |
ربٌ وجلَّ الخَالقُ المُتكبِّرُ |
أتباعُ شِرعةِ "أحمد" كلُّ امرئٍ |
منهم بها فيما استخارَ مُيسَّرُ |
فإذا أرادا أنْ يكونوا سَادةً |
في العَالمينَ وأمةً لا تُقهرُ |
فلهم بأخلاقِ "الرَّسولِ" هِدَايةً |
في الأولينَ وحين ذلك يُنصروا |
* * * |
فانظُرْ إلى عُظمائِهِمْ ووُجُوهِهِم |
تلقَ المودةَ في تُقىً تتفجرُ |
باهوا بك الأملاكَ في مَلَكُوتِها |
وسما الشعورُ بهم لديكَ فكبَّروا |
لغةُ العيونِ أصحُ في إعرابِهَا |
ولقد يُداهنُ ذو اللسانِ ويَهذُرُ |
* * * |
أما الحقيقةُ فهي أصفى جَوهراً |
من أن تُشابَ وضَوؤها بك أَنورُ |
(أُيِّدتَ من فَصلِ الخِطابِ بِحكمةٍ |
تُنبي عن الحقِّ المُبين وتُخبرُ) |
(ووقفتَ في بُردِ النبيِّ مُذكِّراً |
باللهِ تُنذرُ تارةً وتُبشِّرُ) |
* * * |
هذا نداؤكَ صَادِعٌ ومُغلغلٌ |
في الخَافِقَيْنِ رسالةً لك تُنشرُ |
إني لأحسَبُ ما أقولُ عِبادةً |
فكأنَ قلبي في هَواكَ مُسخَّرُ |
وأرى الحياةَ سبيلَها مُتعقدٌ |
جَهمٌ ولكن باليَقينِ تُفَسَّرُ |
ولئنْ بلغتُ لكَ السَّماءَ فإِنَّما |
أنت العظيمُ ووصفُك المُتَعَذَّرُ |
وأنا الذي أرجو بحُبِّكَ ذِمةً |
في اللهِ لا تَخفى ولا هي تُخفرُ |
ملكتْ عليَّ جوانِحي وجَوارحي |
أفأنتَ تعلمُ ما أُسِرُّ وأُضمِرُ |
اللهُ يعلمُ أنني لك مُخلصٌ |
فيه وأني بالخوالِجِ أَجهَرُ |
ما قلتُ إلا ما علمتُ تَطوُّعاً |
وغداً أوفيَّ ما احتسبتُ وأوجَرُ |
فاسلمْ لدينِ اللهِ واهن بنصرِهِ |
فلأنت أحرى بالنعيمِ وأجدرُ |
واقبل بفضلِك ما نظمتُ فإنني |
رغمَ انطلاقي في ثَنائِكَ مُحصرُ |
ثم الصلاةُ على الشفيعِ وآلِهِ |
ما فاضَ وَبْلٌ أو أَفاضَ مُكَبِّرُ |