يا هذه أَوَّاهِ لو تكْشِفينْ |
عن قَلْبيَ الصادي! |
لكُنْتِ عن أجوائه تَهْرُبينْ |
من صُفْرةِ الجادي! |
عَدَتْ عليه عاديات السِّنينْ |
من كلِّ مِرْصادِ..! |
يُخْفى الجوى الكاوِي. ويخفى الأنينْ عن الورى الرَّائحِ والغادي! |
* * * |
فسائليه علَّه يَسْتَجِيبْ |
وعاتِبيه علَّه يَسْتَبِينْ! |
وعلَّه بعد الجفا يستطيب |
رَجْعَةَ ماضِيهِ. ونَجْوى الحَنينْ! |
وَيْحَ الهوى. وَيْحَ الفُؤادِ الحريبْ |
من وحْشَةِ الهجر. ونأُي القرينْ! |
هما بلاءٌ. ما له من طبيبْ |
وكيف للطِّبِّ بقطع الوتينْ! |
* * * |
وساءلْتهُ فاسْتوى واجماً |
كمُسْتفِيق بعد طُولِ السُّهادْ! |
أو كجريحِ لم يَزَلْ نازِفاً.. |
من سهْمهِ الغاَئِصِ وسْطَ الفُؤادْ! |
فمن رآهُ ظَنَّه خائِفاً.. |
من سطوَة الهجْرِ وظُلْم البِعادْ! |
ظَنَّ الصِّبا يا وَيْحَه عاصفا.. |
لِطُولِ ما عانى. وسوء الحصادْ! |
* * * |
قالت له. يا أنْتَ يا هاجِري |
وهو يَظُنُّ منِّي. افْتِئاتْ! |
كيف تريّبْتَ بلا زاجِر.. |
بمن سقَتْ حُبَّك عَذْبَ الفُراتْ؟! |
كيف؟! وما طَرْفُك بالسَاهرِ؟! |
في حِينِ طَرْفي يتَمَنى السُّباتْ؟! |
في حيِنِ قلبي لم يَزَلْ قاهري |
على هَوىً عِنْدكَ أَمْسى رُفاتْ؟! |
* * * |
لا تَنْسَ يا هذا فأنت ارْتَويْتْ من مَنْهَلي العذْبَ. ولم تِشْكُرِ! |
أمَّا أنا الظّمآى فإِنِِّي اكتَوَيْتُ |
وأنْتَ لم تُحفَلْ. ولم تَشْعُرِ! |
ظَمْآى.. فما الوَهْمُ بأنِّي اجْتَوَيْتُ؟! من قَلْبِكَ النَّاهِلِ من كوْثَري؟! |
يا لَيْتَني أَشْعُرُ أنِّي انْتَهَيْتْ |
من صَبْوتي هذي. ولم أَسْكَرِ..! |
* * * |
قال. وقد أَذْهَلَه قَوْلُها. |
والآهُ. والدَّمْعُ. وطَيْفُ الحَنينْ! |
يالَ فَتاةٍ.. راعَني عَذْلُها.. |
الصّادِقُ. الصّادِقُ. يُخْزي الظّنينْ! |
أَدْمى ضميري عاتِياً نُبْلُها.. |
وأَظْلَمَ اللَّيْلُ على المُسْتَهِينْ! |
ما كنت أَدْرِي أَنَّني ظالِمٌ.. |
لها. وأنِّي كنت بِئْسَ الخدينْ! |
* * * |
وقال يا هِنْدُ. أيا صَبْوتي.. |
قد كنْتُ أَعْمى سادِراً في ضلالْ! |
يا ليْتَني لم أَقْتَرِفْ شِقْوتي |
ولم أعِشْ مُكْتَئِباً في خبال! |
أَوَّاهِ كَفِّي نَسَجَتْ كُرْبتي |
وصَيَّرتْني نادِماً في اعْتِلالْ! |
يا ليَْتَها تُطْفِىءُ من وَقْدَتي |
فأسْتَوِي بعد اللَّظى في ظِلالْ! |
* * * |
وأَطْرَقَتْ هِنْدٌ. وقد زَلْزَلَتْ |
ذِلَّتُه من قلبها المُسْتَهامْ! |
كانت له نَعْماءَ فاسْتَهْولَتْ |
شِقْوَتَه. وهو الهوى والمرامْ! |
فَسالَ منها دمْعُها واشْتَكَتْ |
بآهةٍ حَرَّى.. دفينَ الغَرامْ! |
قالت له. أَنْتَ الذي ما اشْتَهَتْ |
نَفْسي سواه. فعليكَ السّلامْ! |
* * * |
وانْطَلَقَا بَعْد طويلِ النَّوى |
طَيْرَيْنِ في جَوِّ الفضاء الرّحيبْ! |
بعد اعتكار راقَ صَفْوُ الهوى |
وراقتِ البَسْمَةُ بعد النَّحيبْ! |
ما أَعْذَبَ الأُلْفَةَ بعد الجوى |
والنَّسْمةَ الحُلْوةَ بعد اللَّهيبْ! |
قد شَبِعَ السَّاغِبُ بعد الطوَّى |
وسكَنَ الخافِقُ بعد الوجِيبْ! |