سَرْمَدِيَّ الظلامِ قد شفَّني السُّهْدُ.. أما للظَّلامِ هذا انْقِشاعُ؟! |
أنا منه في غَمْرةٍ عزَّني الرُّشْدُ بِبأْسائِها .. وعزَّ الصِّراعُ! |
وَيكأنِّي في مَرْكَبٍ تزْأَرُ الرِّيحُ بأَرْجائهِ.. ويَهْوى الشِّراعُ! |
وكأَنِّي أَغوصُ في اليَمِّ.. لا البأْسُ وَلِيِّي.. ولا وَلِيِّ الخِداعُ! |
* * * |
سَرْمَدِيَّ الظَّلامِ هذي لياليكَ |
تُدَجِّي عَقْلي. وتُظْلِمُ حِسِّي! |
صِرْتُ لا آلفُ الرِّفاقَ.. وقد كانُوا كِراماً.. ولَسْتُ آلفُ نَفْسي! |
ما الذي فِيَّ غَيْرُ ما في الأناسِيِّ |
فأغدو في مأْتَمٍ يَوْمَ عِرْسي؟! |
هِمْتُ بالطِّرْسِ واليراعِ |
فما عاد يراعي الهوى. ولا عادَ طِرْسي! |
* * * |
سَرْمَدِيَّ الظَّلامِ ما عادَ مائي |
النَّميرُ.. النَّميرُ يَرْوِي أُوامي! |
ليسَ يَرْوِي الأُوامَ هذا سوى الحُبِّ.. وقد عاد ثاوياً في الرِّغام! |
كيف يَرْوِي الرُّفاتُ قَلْباً شَجِيَّا |
كان. ثم اجْتَوى شُجونَ الغَرامَ؟! |
واجْتَوى الحُسْنَ بعد ما كانَ صَبّاً |
بِنَسيمِ الغرامِ. أو بالضِّرام! |
* * * |
سَرْمَدِيَّ الظَّلامٍ.. إنِّي غَرِيبٌ |
بين أُهْلي. ومَرْبَعي. ورِفاقي! |
قد شَرِبْتُ الكأَسَ الدِّهاقَ من المُرِّ.. فهل بعد شُرْبها من دِهاقِ؟! |
ولقد كان لي عرائِسُ أمْشاجٌ.. حِسانٌ.. فَراعَهُنَّ طَلاقي..! |
هل خَسِرْتُ السِّباق.. أم فُزْتُ بالسّبْقِ.. كِلا اثِنَيْهِما ابْتُلي بالمِحاقِ؟! |
* * * |
لم أَعُدْ أَشْتَهي. وهل يَشْتَهي الصَّخْرُ؟! وكلاَّ فَمْرْحَباً بالفَناءِ..! |
فَلَعَّلي أَرى حياةً نقيضاً |
لِحياتي هذي الَّتي كالهباءِ..! |
فأرُودُ الفضاءَ أَرْنو إلى الشُّهْبِ |
وأشدو بِنُورِها الوضَّاءِ..! |
وهي تَرْنو إليَّ غَيْرَ مُسيئاتٍ. فأنْسى بِهِنَّ دُنْيا الشَّقاءِ! |
* * * |
سَرْمَدِيَّ الظَّلامِ لو كنْتَ تَدْري |
بِسُهادي لَكُنْتَ أَحْنى ضَمِيرا! |
ولَنَوَّلْتَني القَليلَ من النَّوْمِ.. من الأُنْسِ.. كيْ أَعُودَ بصيرا! |
كُنْتُ فيك الضرِيرَ يعْثُرُ في الحَظْو |
ويَخْشى من المسير المَصيرا! |
وارْتَضَيْتُ المسِيرَ رَغْمي. وهل يَمْلِكُ مِثْلي إلا جَناحاً كَسِيرا؟! |
* * * |
سَرْمَدِيَّ الظَّلامِ. مُنْذُ يفاعي |
كنْتُ أَرْنُو إلى المَصَير هَلُوعا! |
كانَ أَهْلي يَرَوْنَ حُزْني وما أَعْجَبَ حُزْناً يَقُدُّ مِنّي الضُّلوعا! |
عَجِبوا منه واسْترابُوا وقالوا |
لِم تُذْرِي يا طِفْلُ هذى الدُّموعا؟! |
قُلْتُ مُسْتَضْحِكاً.. رأيْتُ مَناماً |
مُفْزِعاً.. فاسْتَفَقْتُ منه جَزُوعا! |
* * * |
هكذا كنْت. واسْتَحَالَ يَفاعي |
لِشبابِ تَحْلُو به النَّزَواتُ! |
ورأَيْتُ الرِّفاقَ صَرْعى من النَّشْوةِ.. تَسْطُو عَلَيْهِمُ الشَّهواتُ! |
لا يَفيقُونَ مَن غَرامٍ وسُكْرٍ في دِياجيرَ.. ما لَها مِشْكاةُ..! |
ولقد كنْتُ مِثْلَهُمْ فَتَهاوَيْتُ إلى الدَّرْكِ مَهِيْضاً وغاضَ مِنِّي الفُراتُ! |
* * * |
سَرْمَدِيَّ الظَّلامِ هذي حياتي |
صَفَحاتٌ مُسْوَدَّةٌ لا تَشُوقُ! |
سادَ فيها الغُرُوبُ فاللَّيْلُ أَهْدى.. مِن نَهارٍ. وارْتَدَّ عَنْها الشُّروقُ! |
فَهِيَ تَهْفُو إلى الضَّلالِ.. وما يَعْرِفُ مِنْها إلا التَّرَدِّي.. السُّموقُ! |
كيف عاف البُرْدَ السَّلِيمَ شَقِيٌ |
فَتَعرَّى.. وتَيَّمَتْهُ الخروق؟! |
* * * |
يا إلهي. إنِّي أُحِسُّ دَبِيباً |
بين جَنْبَيَّ.. هامِساً لضميري! |
آنَ لِلنَّفْسِ أنْ تَفِيءَ إلى الرُّشْدِ. وأنْ تَتَّقِي عّذابَ السّعير! |
فَتَباشَرْتُ بالهدايةِ والتَّوْبِ.. وما عُدْتُ بالغوِيِّ الغَرِيرِ! |
أَنْتَ . أَنْتَ الذي يَمُنُّ فيَرْقى |
لِلذُّرى الشُّمِّ من ثَوى بالحفير! |