| ما أراني من بعد ما شِخْتُ إلاَّ |
| طَلَلاً بالِياً جَفَتْهُ العُيُونُ! |
| كان رَوْضاً تَرْعى الحسانُ مَجالِيه |
| شَذِيّاً تَرِفُّ فيه الغُصُونُ! |
| صَوَّحَتْهُ الأيَّامُ. واستشرت الرِّيحُ عليه. فَراحَ عنه الفُتُونُ! |
| وأراني أشِيحُ عن رُؤْيَةِ الغِيدِ |
| وقد كانَ لي بِهِنَّ جُنُونُ! |
| يال حُزْني على الصِّبا ومغانيه |
| فقد أجْهَزَتْ عليه السِّنونُ! |
| ولقد قالتِ الصبايا. وقد كُنَّ بِمَنْأىً عنِّي.. عَدَتْه المَنُونُ! |
| كانَ فينا الوَرِيقَ.. هل صَوَّحَ |
| الرَّوضُ. وقد عَطْعَطَتْ عليه الحُزُونُ؟! |
| ولَئِنْ كانَ فهو ماضٍ وَضِيءٌ |
| فيه راياتُهُ. وفيه الحُصونُ! |
| لا نطيق العُزُوفَ عنه ولو شاخَ |
| فإن العِقْدَ الثَّمِينَ. ثَمِينُ! |
| لن يَهُونَ الكريم فينا.. ولن نَجْحَدَ |
| كَلاَّ. فهو السَّريُّ المَصُونُ! |
| وتَنادَيْنَ فانْتَهَيْنَ إلى النَّجْوى |
| وفيها مِنِّي الهوى والشُّجُونُ! |
| وإذا بي أرى ويا طيبَ مَرْآيَ |
| لِمَغْنىً تَرِفُّ فيه اللُّحونُ! |
| من نَشِيدٍ ومن غُناءٍ شَجِيٍّ |
| فأنا مِنْهما الغَوِيُّ الرَّصِينُ! |
| * * * |
| أَيُّهذا الفاني العَجوزُ تحامَقْتَ |
| فما أنْتَ بالغَرامِ قَمِينُ! |
| لم تَعُدْ بالهِزَبْرِ. فالغاب أَهْوى |
| بعد كان َ عامراً.. والعَرِينُ! |
| هذه صَبْوةٌ تُرَدِّيكَ لِلْقاعِ |
| فأنت المُصَفَّدُ المسجونُ! |
| ماجِنٌ أًنْتَ إنْ صَبَوْتَ. وقد |
| يَسْخَرُ منكَ الهوى. ويَلْهُو المُجُونُ! |
| * * * |
| وَيْ كأَنِّي بين الأنامِ غَرِيبٌ |
| ليس لي بَيْنَهُمْ فْؤادٌ حَنونُ! |
| قلتُ للدَّهْرِ وهو يُسْرعُ في الخطو |
| تمادَيْتَ أيّهذا الطَّحُون |
| راعَني ما لَقِيتُه من سِنيني |
| فكأَنَّ السِّنينَ مِنْكَ قرونُ! |
| وكأَنِّي مُجَلَّلٌ بالسَّمادِيرِ |
| يَقيني أجَلُّ منه الظُّنُونُ! |
| قِيلَ عَنِّي أنِّي الجَزُوعُ بما كانَ |
| فَوَيْلي إذَنْ بما سَيَكُونُ! |
| أيكُونُ الجُنونُ؟! كلاَّ فإِنِّي |
| عَبْشَمِيٌّ يَرْتاعُ منه الجُنُونُ؟! |
| * * * |
| وبدا لي الصَّوابُ فانْصَعْتُ |
| إليه.. بعد الضَّلالِ المُبِينِ! |
| كنْتُ في غَفْلةٍ نسِيتُ بها |
| الشَّيْبَ فأفْلَتُّ مِن عذابٍ مَهِينِ! |
| كيف يَرْضَيْنَ بالثَّعالِبِ يَزْحَفْنَ |
| ويَنْأَيْنَ عن لُيوثِ العَرِينِ! |
| رُبَّما جِئْتُهُنَّ يَوْماً فَقَهْقَهْنَ |
| وأرجعنني بِقَلْبٍ حَزِينِ! |
| ولقد يَرْتَجي العجوز بمَجْدٍ |
| وحُطامٍ نَوال حُسْنٍ مَشِينِ! |
| لَسْتُ هذا أنا. فإِنَّ شبابي |
| فاز بالحُسْنِ خاضِعاً. والحَنِينِ! |
| لم أَكُنْ بالرهين يَوْماً فَعِنْدي |
| من سَراةِ الحِسان ألفُ رَهينِ! |
| حَسَدُوني الرِّفاقُ.. حتى لقد كِدْتُ |
| غرُوراً.. أَقُولُ. أَيْنَ قَرِيني؟! |
| آهِ من هذه الحياة فَكَمْ مَنَّتْ |
| وضَنَّتْ.. بِشَدْوِها والأَنِينِ! |
| كم سقَتْني الأُجاج صَبَاحاً |
| فَتَجرَّعْتُه مَشُوباً بطين! |
| ثُمَّ جاء المساءُ مِنها بما لم |
| أَتخَيَّلْهُ مِن زُلالٍ مَعِينِ! |
| لَسْتُ وَحْدِي. وما أَلُومُ |
| فقد عِشْتُ سعيداً بِشَكِّها واليَقِينِ! |