شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحُسْنُ.. والشَاعِرُ؟!
رُبَّ حُسْنٍ راعَنا ثم اسْتَوى
غَدَقاً نَنْهَلُ منه ما نَشاءْ!
وإذا الحُسْنُ بدا مُفْتَرِساً
فَسَيحْني رَاْسَهُ للشُّرفاءْ!
ذلك الحُسْنُ الذي يَرْنوا إلى
نَجْدةِ الفَنِّ.. حُنُوّاً.. وعطاءْ..!
وهو يَحْبوه. وَيدْرِي أَنَّه
سوف يَجْزِيهِ خلوداً وإعلاء!
* * *
أيُّها الحُسْنُ لقد أَثْملَتْني
من يَفاعي. فأنا العاني الأَسيرْ!
وأنا الضَّارعُ. إن كرَّمْتَني
ما أُبالِي كيف ما كانَ المَصِيرْ!
فإذا ما رُمْتَني مُسْتَعْبَداً..
عُفْتُ مَغْناكَ. وآثَرْتُ المَسِيرْ!
فأنا المُعْطِيكَ حُسْناً وسَناً
وأنا الكاسيكَ تِبْراً وحَريرْ!
* * *
سوف يَبْكي الحُسْنُ. لو طال المَدَى
وسيَبْقى الفَنُّ يَلْهو بالسِّنينْ!
يَتَحدَّاها .. فما تَلْوي به
فهو في حُصْنٍ مِن الدَّهْرِ حَصِينْ!
وهو يَحْمي الحُسْنَ في ذُرْوَتِهِ
حينما يَهْوي إلى السَّفْحِ الحَزينْ!
كانَ يَحْبوهُ فما ضَيَّعَهُ..
بل حَباهُ الخُلْدَ في السِّفْرِ الأَمِينْ!
* * *
فإذا بالنَّاسِ لا يَنْسُونَه
حينما كان شِعاعاً ونَدى!
كيف يَنْسَوْنَ الذي كان شَذىً
والذي كانَ عفافاً وهُدى؟!
فهو كالبلسم يَشفِي مُهَجاً
شَفَّها البُؤْسُ. فكان الرَّغَدا!
واسْتَوى ما بَيْنَهم يُرْضي الهوى
راشداً عَذْباً. فما أَحْلى الصَّدى!
* * *
ولقد جَرَّبْتُ من أَطْهارِهِ
ولقد جَرَّبْتُ من أَقْذارِهِ!
فإذا الحُسْنُ وَضِيءٌ في الذُّرى
تَسْتَشِفُّ الرُّوحُ من أَسْرارهِ!
ليس يَطْوِي قَلْبَه إلاَّ على
عِفَّةٍ تُقْصيهِ عن أَوْزارِهِ!
فهو لا يَخْشى الورى أَنْ يَهْتِكوا
بِشَتِيتِ القَوْلِ عن أَسْتارهِ!
* * *
ما الذي يَخْشاهُ مِمّا اخْتَلَقوا
وهو حُسْنٌ زانَه عَذْبُ الرُّواءْ؟!
يَزْدَهي بالطُّهْرِ لا يَخْدِشُهُ
بَصَرٌ عَفٌ. شَغُوفٌ بالنَّقاءْ!
شَدَّ ما أَلْهَمني حُلْوَ الرُّؤى
فَتَغَنَّيْتُ بما يَرْوي الظِّماءْ!
وتَطَلَّعْتُ فأَفْضَيْتُ إلى
كَنَفٍ عالٍ بأَجْوازِ الفَضاءْ!
* * *
حاورَتْني فيه أَمْلاكٌ سَمَتْ
وتَلاقَيْنَا.. فَنَحْنُ الخُلَصاءْ!
ههُنا الشِّعْرُ عَرِيقٌ سَيِّدٌ
وهنا الفِتْنَةُ جَنْبَ الشُّعراءْ!
فِتْنَةٌ تَهْدي. وشِعْرٌ رائِعٌ
بِمَعانيهِ. تَجِيٌّ للسَّماءْ!
يا لها من أُلْفَةٍ مَحْبُورَةٍ..
ليس فيها غَيْرُ مَنْحٍ وعَطاءْ!
* * *
عِشْتُ لا أَمْلِكُ إلاَّ قَلَماً
ذَا مِدادٍ من دمٍ مُحْتَدِمِ!
وسَطَوراً سُطِّرَتْ مِن أَلَمٍ
يَدْفَعُ الرُّوحَ لأَعْلا القِمَمِ!
وشُوراً لم يَزلْ مَضْطَرِماً
مِن يَفاعي.. راضِياً بالضَّرَمِ!
ولقد أَزْهُوا بِفِكْرٍ شامِخٍ
مُسْتَنِيرٍ.. كاشِفٍ لِلظُّلَمِ!
* * *
حِينَما يَزْهُو الورى إلاَّ الأُلى
عَشِقوا المَجْد بِطرْسٍ ويَراعْ!
فَهمُوا الصَّفْوَةُ لا تَرضى سِوى
بِمَتاعٍ ليس يُشْرى ويُباعْ!
فهو مَجْدٌ وحُطامٌ خالِدٌ
ليس يُغْنِيهِ ولا يُبْلي الضَّياعْ!
وأرى الدُّنْيا بِعَيْنَيْ شاعِرٍ
من سباعٍ ضارِياتٍ.. وضِباعْ!
لَسْتُ من هذَيْنِ. لكِنْ طامِعٌ
أَنْ أَرى في الحَلَكِ الرَّاجي شُعاعْ!
فَيُريني الدَّرْبَ سَمْتاً لاحِباً
أَسْتَوي فيه مع الحقِّ. الشُّجاعْ!
أنا لا أَطْمَعُ إلاَّ في العُلاَ
لم يَشُبْها مِن هَوى النَّفْسِ اتِّضاع!
فأنا المُسْفِرُ لا يَحْجُبَني
كأُولي السُّوءِ. عن العَيْنِ قِناعْ!
* * *
إِيهِ. يا تَوْأَمَ رُوحي إنَّني
في سِبيلِ الحَقِّ لا أَخْشى الصِّراعْ!
أَلهميني. إنّّ إلْهامَكِ لي
هو زَادِي. وهو لي نِعْمَ المتاعْ!
أَنْتِ رَوْضٌ. وأنا الغَيْمَةُ في
ذُرْوَةِ الجَوِّ.. حُنُوّاً. والْتِياعْ!
نَوِّلِيني لأُجازِيَكِ هَوىً..
لا يُدانيهِ هَوىً.. قبل الوداع!
جدة/ 17/11/1415هـ
17/4/1995م
 
طباعة

تعليق

 القراءات :382  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 166 من 174
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

التوازن معيار جمالي

[تنظير وتطبيق على الآداب الإجتماعية في البيان النبوي: 2000]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج