أَجَلْ. أنا لَيْلايَ من عاشَرَ البَلْوى |
سِنيناً. ولم يُبْدِ الدُّموعَ ولا الشَّكْوى! |
أَجَلْ أنا هذا المُسْتَوي بِضَمِيرِهِ.. |
بِذَرْوةِ صَبْرٍ لا يَضِيقُ بها المَثْوى! |
أَجَلْ أنا هذا فاذْكُري ذلكَ الذي |
رآكِ فلم يَملِكْ هُداهُ ولا التَّقْوى! |
وكُنْتِ له نَبْضَ الحياة ورَاحَها |
ورَيْحانَها. والمَجْدُ والشِّعْرُ والنَّجْوى! |
وكانت زِياراتٌ. وكانتْ مَواثِقٌ |
تَعَهَّدْتِ فيها أَنَّكِ السَّعْدُ والرَّضوى! |
وضَحَّيْتِ من أَجْلى بِشَتَّى أًَواصرٍ |
وآثَرْتِ عَنْها كلِّها ذلكَ المأْوى! |
نعِمْنا به حِيناً من الدَّهْر حالياً |
نَعِيشُ به كالطَّيْرِ يَسْتَعْذِبُ الجَوَّا! |
يداعِبُنا شَجْوٌ فَيَطوي جَوانِحاً |
عليه. ونَأْبى أَنْ تُخامِرَه السَّلوى! |
وما كانَ أَحْلاهُ هَوًى وطَراوَةً |
فَكُنَّا به النَّشْوانَ يَثْمَلُ والنَّشوى! |
تقَمَّصَ رُوحَيْنا فكُنَّا كَتوْأَمٍ |
يَراه الورى فَرْداً.. فما أكْرَمَ الشّجْوا! |
فكيف هَوى النَّجْمُ الوَضيءُ إلى الثَّرى؟! |
وكيف غَدا العِملاقُ يا حُلْوتي شِلْوا؟! |
قدِرْتِ على هذا المُحال فَرُعْتِني |
بِهَوْلِ فِراقٍ كان أَنْكى من البَلْوى! |
فجِعْتُ به كالرُّزْءِ يَحْطِمُ.. كالرَّدى |
يُمِيتُ. فلم أَمْلِكْ سُلُوّاً. ولم أَقْوى! |
فللَّه أَمْسٌ كانَ حُبّاً مُدَلَّلاً |
يُناغِي . فَيُغْرِيني بأنْ آكُلَ الحَلْوى! |
ولله يَوْمٌ دامسٌ مُفْزعُ الحَشا |
رُؤاهُ.. غدا اللَّيْثُ الهَصُورُ به نِضْوا! |
أَفي الخَلْقِ قَلْبٌ مِثْلُ قَلْبِكِ يَجْتَوي |
بِقَسْوَتِهِ قَلْباً. ويَلْهُو به لَهْوا؟! |
وكانَ له الصِّنْوَ الحَبِيبَ فخانَهُ |
وعَذَّبَهُ.. ما كانَ أَشْأَمَهُ صِنْوا! |
وأوْرَدَهُ المِلْحَ الأُجاج تَجَنِّياً |
وقد كانَ يَسْقِيه النَّمِيرَ الذي أَرْوى! |
* * * |
تمَنَّيْتُ أَنَّ الحُبَّ لم يَكُ جَذْوةً |
بِصَدْري. فقد أَوْدى بِصَبْري. وقد أَلْوى! |
وأنِّي رأَيتُ النَّخْلَ تُغْرِي ثِمارُهُ |
بِقَطْفٍ. فَلَمْ أَقْطِفْ به أبَداً قِنْوا! |
لقد كادَني حتى كَرِهتُ رِحابَهُ |
ولُمْتُ بِما قد ذُقْتُهُ كُلَّ مَن يَهْوى! |
فَمَن كان مَزْهُوّاً بِحُبٍّ فَقُلْ له |
تَمَهَّلْ. فما أحْراكَ أَنْ تَتْركَ الزَّهْوا! |
فقد سَوْفَ تَلْقى في غِدٍ منه شِقْوَةً |
فَتَعْرِفَهُ جِدّاً. وتَعْرِفَهُ لَغْوا! |
لقد كنت أمشي في مغانيه ناعماً |
إلى أن غَدا مَشْيي البَطِيءُ بع عَدْوا! |
نَجَوْتُ بِجِلْدي مِن مآسِيهِ زاهداً |
بِنُعْمى غَدورٍ لا أرى بَعْدها الصَّفْوا! |
ولم أَجِدِ الحُسْنى به غَيْرَ فَتْرةٍ |
تَولَّتْ. فما أوْهى جَداهُ. وما أغْوى! |
فلا تَلْتَمِسْ جَدْواهُ. إنِّي اخْتَبَرتُهُ |
طَويلاً. فلم أَلْقَ السَّلامَ ولا الجَدوى! |
ففي القَلَمِ الشَّادي . وفي الكُتْبِ مُتْعَةٌ |
تمُنُّ ولا تُشْقِي لمن يَطْلُبُ اللَّذْوى! |
رَضِيتُ بها عن عالَمِ الحُسْنِ والهوى |
فألْهَمْنَني فَوْزي . واكْسَبْنَنِي الدَّعْوى! |
وأغْنَيْنَني عن حُبِّ هِنْدٍ وزَيْنَبٍ |
وعن حُبِّ لَيْلى المُسْتَطيلَةِ أوْ فَدْوى! |
فما عُدْتُ أَحْبُو كَيْ أَفُوزَ بِصَبْوَتي |
لدى الغِيدِ. إنَّ الحُرَّ يَسْتَنْكِفُ الحَبْوا! |
* * * |
أسالِكَةً قَصْدَ السَّبِيل بِناشِدٍ |
هُداهُ.. لقد عَلَّمْتِني اللَّحْنَ والشَّدْوا! |
وعَلَّمْتِني أَنْ أَتْرُكَ الهَجْرَ كُلَّما.. |
دُعِيتُ إلى قَوْلٍ. وأَنْ أتْركَ اللَّغوا! |
فَلِلْمَجْدِ دُنْياهُ وقُصْواهُ. والمُنَى |
أَقَلَّ بِدُنْياهُ.. وأَكْثَرُ بالقُصْوى! |
وما أَجْدَبَ الفَتْوى على كُلِّ قاِعِدٍ |
وأمَّا على السَّارِي. فما أَخْصَبَ الفَتْوى! |
* * * |
تبارَكَ من سَوَّى. تَبارَكَ من رَعى |
فَأَغْنى الذي ما كانَ يَمْتَلِكُ الشَّرْوى! |
لقد كانَ بَحْري هائِجاً فَركِبْتُهُ |
بِعَزْمٍ. فأمْسى البَحرُ مِن بَعْدِهِ رَهْوا! |
فما عُدْتُ أَطغى إنْ قَدِرْتُ وسوَّلَتْ |
لِيَ النَّفْسُ طُغْياناً. فما أشَأَمَ الطَّغْوى! |
فقد يُوبِقُ السَّطْوُ الظَّلومُ على امْرِىءٍ |
ضَعِيفٍ فَيُرْدِيهِ إن اسْتَمْرأَ السَّطْوا! |
بَرِئْتُ فما أُعْدِي امْرَءاً مُتَخوِّفاً |
ولا أنا ذو قَلْبٍ خَؤُوفٍ من العَدْوى! |
فَما كانَ من فَضْلٍ فَلِلَّه وحْدَه |
تَمَجَّدَ واسْتَعْلى.. والتمس العفوا! |