شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
 
هَذا أنا.. وهَذه أنْتِ؟!
كم تعذَّبْتُ في الحياةِ.. وكم
صِرْتُ رسيفاً ما بين شتَّى القُيودِ!
وتعَذَّبْتُ بالرَّفاء. وبالشَّدَةِ
فالوصْلُ كان مِثْلَ الصُّدودِ!
يالَ هذي النَّفْسِ العجيبةِ
ما كانتْ سوى شَوْكةٍ بِدُنيا الوُرُودِ!
يَجْتَوِيها المُرفَّهون بلا ذَنْبٍ
كَخَصْمٍ من الأُباة لدُودِ
الورى كلُّهمْ سوى النَّزْرِ لاقوا
مثلها في قيودهم والسُّدودِ
رَبَطَتْنيِ بهم أواصِرُ شَتَّى
من شقاء مُسَلَّطِ.. وكُنُودِ
عَرَفوا أنَّهم. وإنْ بَذلوا الجُهْدَ
وما بعد جُهْدِهم من جُهودِ!
فَسَيَلْقَوْنَ من نَكيرٍ. ومن
سُخْطٍ عليهم مُجَلَّلٍ بالجُحودِ!
فاستكانوا كما اسْتكنْتُ إلى
العُزْلةِ. خوفاً من اعْتِسافِ الحَقُودِ!
* * *
وتطلَّعتُ للسَّماء. وقد ضاقتْ
بيَ الأرض مثل ضيق اللُّحودِ!
واسْتضاقَ المدىَ الرَّحِيبُ
فأَحْسَسْتُ كأَنِّي مُسَمَّرٌ الحُدُودِ!
في الدُّجى الحالِكِ الرَّهيبِ
تَنَوَّرْتُ شُعاعاً لِطَرْفِيَ المكْدُودِ!
فرأَيْتُ السُّعُودَ بعد نُحوسٍ
عايَشَتْني دَهراَ وأَصْلَتْ جُلُودي!
صِحْتُ في نشوة تباركت ربي
حين أكرمتني بهذا الصُّعودِ!
حين أكْرَمَتْني وقد عِشْتُ أَهْوِي
لِحضيضٍ داجٍ بهذا السُّعودِ!
وتَبَدَّى رهْطٌ قَليلٌ من الخَلْقِ
وما كان بَيْنَهم من حَسُودِ!
فَكأَنِّي بهم شُهُودٌ.. وما
أَسْعَدَ نَفْسي بهؤُلاءِ الشُهودِ!
شِمْتُ منهم نَدى الوِدادِ فأشجاني
فما شِمْتُ قَبْلَهم من وَدُودِ!
ما أحَيْلى الوُجُودَ في هذه الدُّنْيا
إذا كان مِثْلَ هذا الوُجودِ!
وَيْكَأَنَّ الفِرْدَوْسَ عاد لعَيْنَيَّ وروحي فَلُذْتُ بالمَفْقُودِ!
وكأَنِّي وُلِدتُ أُخرى بُدُنْيا
غَيْر تِلْكَ الدنيا. وذاكَ الكُنُودِ!
صِرْتُ في الذُّرْوَةِ العَليَّةِ
من بَعْد مُقامي بِظُلْمَةِ الأُخدُودِ!
* * *
يا رِفاقي. ما أَكْرَمَ العَيْشَ إنْ
كان طَمُوحاً يَرْنُو لِمَجْدِ الخُلُودِ!
والكِفاحُ المَرِيرُ أَجْدَرُ بالمَرءِ
وأَولى من الوَنى والرُّقُودِ!
واللُّغوبُ المُضني أجَلُّ من الراحةِ
عُقْبى تَحُطُّ فوق النُّجودِ
ردَّني الغابرُ السَّحيقُ إلى الرُّشْدِ
فَلَم أَخْشَ من دَوِّي الرُّعُودِ!
واسْتَبانَتْ لِيَ الدروب. فَهذي.. بوَعِيدٍ. وهذهِ بِوُعُودِ!
فَسَلَكْتُ المُخِيفَ منها. وما خِفْتُ
فَلَيْس المَسِيرُ مَثلَ القُعُودِ!
ولقد تُثْقِلُ الحُظُوظُ الموازينَ
فَيَغْدُو المُحِسُّ كالجُلْمودِ!
كم قرودٍ ساءَتْ أُسُوداً فعَزَّتْ
وغَدَتْ سادَةً لِشُمِّ الأُسُودِ!
* * *
إيهِ يا فِتْنَتي. ويا رَبَّةَ الطُّهرِ
أَطِلِّي بكل مَعْنًى شَرُودِ!
أَلْهِميني بما يَرُوعُ من الشِّعْرِ
لأِشْدُو بِفاتِناتِ القُدُودِ!
بِعُيُونٍ تذيبنا.. وثُغُورٍ
وخُصُورٍ ضَوامِرِ ونُهُودِ..!
أنا أَهْوى الأُمْلُودَ منها. فمَرْحىً
بِعُيونٍ تهِيمُ بالأُمْلُودِ!
ولأَنْتِ السَّنامُ منها.. وما
تَمَّ سنامٌ سِواكِ بالمَشْهُودِ!
إِكْتَسي بالبُرُودِ. أو فاخْلَعيها
باحْتِشامٍ. فَأنْتِ مَجْدُ البُرُودِ!
* * *
أًَنْتِ. يا أًَنْتِ من أُجِلُّ وأَهْوى
وسواءٌ أَنْ تَبْخَلي أَوْ تَجُودي!
جدة 2/6/1415هـ
5/10/1994م
 
طباعة

تعليق

 القراءات :398  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 84 من 174
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج