كَرِّمِيني يا حُلوتي - كرَّم الله |
نَداكِ - بالصَّدِّ لا بالوصالِ! |
إنَّ في الصدِّ حِكْمتي وانْبِعاثي |
لِقَوافٍ تُعيي كبارَ الرِّجالِ! |
وأرى فيه نَشْوتي وانْصِهاري |
بِعذابٍ يُفْضي لِشُمِّ العوالي! |
لَذَّتي في العذاب هذا.. فَكُوني |
لي عَذاباً يَقُودُني لِلمعالي! |
* * * |
يَا فَتاتي.. ما أَعْذَبَ الأَلَمَ الصاهِرَ |
أَطوى به كريمَ اللَّيالي! |
إِنَّ سُهْدي به كَرىً مُسْتطابٌ |
حافِلٌ بالرُّؤى العِظامِ الحَوالي! |
فيه حُسْنٌ مُجَلَّلٌ بالأساطيرِ |
اللَّواتي يُلْهِبْنَ مِنِّي خَيالي! |
أَتَمَلَّى به الزَّمان الذي وَلَّى |
وأَعطى به كريمَ النَّوالِ! |
كُنْتِ لي بَلْسماً إذا انْتَفَضَ الجُرْحُ |
حَباني الشِّفاءَ قَبْلَ السُّؤالِ! |
وأنا اليَوْمَ ذو جراحٍ شَتيتاتٍ |
وفِيهنَّ قُوَّتي وصيالي! |
لم أعُدْ بالوصال أَحْفَلُ إلاَّ |
حينما أجْتَلي به القوافِي الغَوالي! |
قَلَّما أَجْتَلي.. ولكِنَّ صَدِّي |
يَتَجلَّى يَوْمَ الخُطوبَ الثِّقالِ! |
* * * |
ما أُحَيْلى كرامتي فهي بالوَصْلِ |
تُعاني من اتِّقاءِ النِّضالِ! |
وهي بالصَّدِّ لا تُعاني.. وتَجْني |
من بَساتِينِهِ شَهِيَّ السِّلالِ! |
* * * |
فاذْكُريني يا هِنْدُ إنْ ضَمَّكِ |
الحُبُّ بِمَجْلىً مُزَيَّنٍ بالجَمالِ! |
ما أَراني أَظُنُّه مِثْلَ مَجْلايَ |
فَهَيْهاتَ مِثْله من مَجالي! |
وإذا رَتَّلَ النَّدامى العَواني |
آيَ أَشْواقِهم لِحُلوِ الدَّلالِ! |
فاذْكُريني. فَلَن يكُون كَتَرْتِيلي |
فَلَيْس الضِّرغامُ مِثْلَ السِّخالِ! |
كُنْتِ مِثْلَ الفِعالِ غُرّاً تُوالِينَ |
ثَناءً على كريمِ المقالِ! |
وتَقُولِينَ.. أَنتَ يا نَجِيِّي فَريدٌ |
من مزاياكَ رِفْعَةً. والخِلالِ! |
لم أَكُنْ يَوْمها أرى الغيدَ إلاَّ |
عِفَّةً تَزْدهي بِخَيْرِ عِقالِ! |
فهو من الأَوْجِ إنْ يَكُنْ طاهِرَ الذَّيل فَطُوبى لطاهري الأَذْيالِ |
وهو في الدَّرْكِ إنْ يَكُنْ قَذِرَ |
الذَّيْلِ لَعُوباً يَخُوضُ في الأَوْحالِ! |
* * * |
شَدَّني في الشَّبابِ لِلْحُسنِ طَبْعٌ |
ما يرى في هَواهُ غَيْرَ الضَّلالِ! |
يَتَصَدَّى له حَراماً.. حَلالاً.. |
والهوى خَيْرُ زادِهِ في الحَلالِ! |
كنْتُ فيه رِئْبالَهُ ما أُبالي |
بنصال منه.. ولا بِنِبالِ! |
وجِراحي به تَنِزُّ فما أَشكو |
كيف تَشْكو ضَراوةُ الرِّئْبالِ؟! |
والغَواني حَوْلي يُؤَجَّجْنَ لَهْوِي |
ويُبارِكْنَ –وَيْلَهُنَّ- خبالي! |
وَتَمَرَّسْتُ بالخلاعَة حتَّى |
ضِقْتُ ذَرعاً بِصَبْوتي وانْتِهالي! |
فَهُما السَّجْنُ في الهوى ودَواعِيه |
وأَنْكى مَن أَْوثَقِ الأَغْلالِ! |
وتَبَدَّى الهُيامُ لي كالحَ الوَجهِ |
-كشَيْطانِهِ- شَدِيدَ المِحالِ! |
وَتبَدَّتْ لَيْلى كَبدْرٍ وَضِيءٍ |
داعِياً لِلسَّلامِ. لا لِلْوبالِ! |
داعِياً لِلْوصالِ أَحْلى من الشَّهْدِ |
بَرِيئاً من الخَنَى والسَّفالِ! |
كالزّلالِ العَذْبِ اسْتوى بَيْن رَوضٍ |
عَبْقَريَّ. وبَيْن بَرْدِ ظِلالِ! |
فيه شَتَّى من الأزاهيرِ تَسْخُو |
بِعَبير يَشْفي من الاعْتِلالِ! |
وثمار يَحْلو جَناها ولكِنْ |
هي أغْلا من نادِرات الَّلألي! |
* * * |
قُلْتُ.. يا قَلْبُ ههُنا الحُبُّ والحُسْـ |
نُ تسامَتْ عن جَفْوةٍ ومَلالِ! |
وتسامَتْ عن اللُّغُوبِ.. فلن تَلْقى |
وَنىً من رِحابِهِ.. أَو كَلالِ! |
جَلَّ رَبِّي.. ففي البُكورِ أُلاقي |
وَحْيَ رُشْدي منه. وفي الآصالِ! |
أنا مِنْه في جَنَّةٍ وَشْيٍ |
وظِلالٍ تُحِي بِسِحْرٍ حلالِ! |
إنَّ لي في الأواخِرِ اليَومَ ما لَم |
أَلْقَهْ قَبْلُ في السنين الأَوالي! |
فالعَصِيُّ.. العَصِيُّ أَمْسى مُطِيعاً |
من قوافٍ رَطيبَةٍ كالدَّوالي! |
وحَياتي شِعْرٌ وحُبٌ. فإنْ زالا |
فإِنِّي أَعُودُ كالتِّمثالِ! |
لا تَزُولا عَنِّي. فقد تُؤْثِرُ الرُّوحُ |
إذا زُلْتما بِوَشْكِ الزَّوالِ! |
وأراني في نَجْوةٍ منه فالنُّورُ |
يُغشِّي فدافِدي وجِبالي! |
* * * |
هو فَضْلٌ من صاحِبِ الحَوْلِ والطَّوْلِ |
وعَوْنٌ من رَبِّنا ذِي الجَلالِ! |