يا هِنْدُ عِشْتُ مُضَرَّجاً |
بِدَمٍ يكادُ يَصِيح ظُلْما! |
يا هِنْدُ عِشْتُ مُتَيَّماً |
ومُهَذَّباً رُوحاً وجِسْما! |
قد كنتُ أَحْسَبُكِ الوفيَّةَ |
في الهوى. وَصْلاً وغُنْما! |
عادَ اليَقينُ لَدَيَّ فيكِ |
وقد غَدَرْتِ اليَوْمَ وَهْما! |
ما كنْتُ أَحْسَبُ أنَّني |
سأعُودُ بعد التِّبْرِ فَحْما! |
أنا لَسْتُ صِفْراً إنْ أَرَدْتِ |
وإنْ أَرَدْتِ أكُونُ رَقْما! |
كلاَّ فإنِّي بعد غَدْرِكِ |
قد غَدَوْتُ أَشَدَّ عَزْما! |
* * * |
يا هِنْدُ هل راجَعْتِ قَلْبَكِ |
قَبْل أَنْ تَعِمي السَّجايا؟! |
فارْتَحْتِ لِلْظُّلْمِ الرَّهِيبِ |
ولم تُرَوِّعْكِ الضَّحايا! |
ورأَيتِ أشْلاءً تَنِزُّ |
ولم تُخَوِّفْكِ المنايا؟ |
ولَهَوْتِ ما بَيْنَ النَّدامى العاطِلينَ مِن المزايا! |
وهُموا على جَذلٍ من الجّسَدِ المُلطَّخِ بالخَطايا! |
كنْتِ السَّبِيَّةَ بَيْنَهمُ |
وهُمُ العِطاشُ إلى السَّبايا! |
يا لَلْهَوانِ.. لقد تَرَكْتُ |
لكِ المباذِلَ والدَّنايا! |
* * * |
يا هِنْدُ. والأَمسُ الوَفِيُّ |
يُطلُّ لِلأمْسِ الغَدُورْ! |
فَيَرى به القَسَماتِ شاهَتْ |
- وَيْلُ يَوْمِكِ- بالبُثُورْ! |
شَتَّانَ ما بَيْنَ الأَثِيْمِ |
هَوى وما بَيْنَ الطَّهُورْ! |
ويَرى ندَاماكِ الهياكِل |
كالأرانِبِ في الجُحُورْ! |
ويَراكِ في الأَمْسِ الوَضِيء |
وأّْنتِ لِلظُّلُماتِ نُورْ! |
زِنْتِ الِحجابَ مِن العَفافِ |
وفُقْتِ رَبَّاتِ السُّفورْ! |
أَفلا تَرَيْنَ الفَرْقَ بَيْن |
الأَمسِ واليَوْمِ الكَفُورْ؟! |
* * * |
أَفَلا نَدِمْتِ على الكريم |
يَرُوحُ عَنْكِ بلا ارْتِدادْ؟! |
قد كانَ في يَدِهِ القِياد |
وقَد عَدَوْتِ على القيادْ! |
وأَرَدتِ أَنْ يَبْقى الرَّهِينَ |
لَدَيْكِ مَسْلوُبَ الرَّشَادْ |
يَشْقى به العَقْلُ الرَّجِيحُ |
ويَسْتَطَيِرُ به الفؤادْ! |
كلاَّ. فَقَدْ عافَ اقْتِرابَكِ |
واسْتَراحَ إلى البِعادْ! |
بَعْضُ السُّهادِ يكُونُ أَحلى لِكريمٍ مِن الرُّقادْ! |
وَلَّى هَناؤُكِ فالْبَسي |
يا هِنْدُ أثْوابَ الحِدادْ..! |
* * * |
إنَّي لأَشْتَفُّ النَّدامةَ |
في مَلاِمِحِكِ الجَمِيلةْ! |
وأرى بها الأَلمَ المُبَرَّحَ |
يَسْتَبِدُّ على الكَلِيلَهْ! |
تَرْجو الرُّجُوعَ إلى المُهاجِرِ |
دُونَ أن تَجِدَ الوَسِيلَهْ! |
هَيْهاتَ أَنْ تَجِدي السَّبِيلَ |
وقد قَطَعْتِ له سبِيلَه! |
خَلَّي الظُّنُونَ الآمِلاتِ |
وَوَدَّعي نَفْحَ الخَمِيِلهْ! |
بَعْد الجَهامِ سقى رِياضي |
وَابِلُ السُّحُبِ الثَّقِيلَهْ! |
ما كانَ أنداها عَلَيَّ |
فلم تكن أَبَداً بَخِيلَهْ! |
* * * |
إنَّي أقُولُ.. ولسْتُ |
أَشْمَتُ.. يا فَتاتي المُسْتَطِيلَهْ! |
لم يَبْقَ لِلْحُسْنِ المُدَلَّلِ |
غَيْرُ أيَّامٍ قَلِيلهْ! |
هلاَّ ارْتَقَبْتِ من الفُتُونِ |
وقد قَسَوْتِ به. رَحيلَهْ؟! |
هلاَّ رَعَيْتِ الطَّيْرَ .. ما |
أَحْلاهُ.. ما أَحْلى هَدِيلَهْ! |
والرَّوْضَ ما أَحْلى الزُّهُورَ |
به. وما أّحْلى نَخِيلَهْ! |
لو قـد رَعَيْـت لكُنْـتِ خالِـدةً |
بما يشْفِي غَلِيلَهْ! |
لكِنْ قَسَوْتِ فَطارَ. والعُشُّ الحَبِيبُ بِكى نَزِيلَهْ! |
أنا شاعرُ الخُلْدِ الطَّمُوحُ |
ولن ترَيْ أَبَداً مَثِيلهْ! |