شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الذِّكريات
ذكرياتي تُمزِّقُ مِن قَلْبي
وتُشْجي حِسـيِّ الرَّهيـفَ ولُبِّـي!.
أيَّها اسْتَعْرضَ الضَّمِيرُ تبدىَّ
شَرِساً.. حانِياً.. مُشِيحـاً.. مُلبِّـي!.
يا لَها مِن دياجِرٍ يَبْزَغُ النُورُ بأطْرافِها.. فأُبْصِرُ دَرْبي!
ولقد تَطْمِسُ الدَّياجـي سنـا النُّـورِ فأسْـرِي علـى ضَـلالٍ ورُعـب!
ربما صِـرْتُ مـن رُؤاهـا كطَيْـرِ
وادِع.. أو مواثِبا مِثْلَ ذِئْبِ!
قد يكـونُ الحبيبُ منهـا كَـرَوْضٍ
ويكونُ الرَّهِيـبُ منهـا كجُـبِّ!
أسلمتْني حِينـاً إلى الفَـرَحِ الحانـي.
وحينا إلى اكْتِئابٍ وكرْبِ!
يالَ حِسِّـي الـذي يُؤَجِّـجُ نـاراً
في حَناياي.. مـن بِعـادٍ وقُـرْبِ!.
لتَمنَّيْتُ أن أكونَ كصَخْرٍ
ما تَلَظَّـى ولا أنْتَشـى بالتَّصبِّـي!.
أَوْ كبَعْضِ مِمَّنْ أرى.. وهُـمْ الكَثْـرَةُ يَشْـدُونَ مـن أُهَيْلـي وصَحْـبي!
لَيْتَني مِثْلَهم. فمـا كنْـتُ أَشْقـى.
كَشَقائِي هذا يَشُقُّ كَعَضْبِ!
إنَّ بعض الغَباءِ بَعْضٌ من
النِّعْمةِ يا لَيْتَـني أعِيـشُ كَسِرْبـي!.
فأنامُ اللَّيلَ الطَّويلَ ولا أَشْقى بِسُهدٍ. وإنْ أَكُنْ غيْرَ صَبِّ!
كم تَخَيَّلْتُ والِدَيَّ.. يُحيلان خَسارِي إلى رَباحٍ وكَسْب!
فَهُما يَسْبِقان طَرْفي إلى الخَيْرِ
بإيثار عاطِفَيْن.. وحُبِّ!
فإذا ما اشْتَكَيْتُ مَسّاً مـن الضُّـرِّ
شَكَوْا مِثْلَـهُ.. وضاقُـو بِرَحْـبِ!.
وهَمَتْ مِنْهُما الدُّموعُ فَوَيْلي
بالذي يّذْرِفـان منـه.. وحسـبي!
وتّذّكَّرْتُ إخْوَتي.. وكُنَّ . وكانُـوا
كنَميرٍ بَرْوِي الظَّمأ ويُسْبي!
ما أُحَيْلى أَصْواتَهُمُ. وهـي تَشْـدُو.
بافْتِخارٍ إذا نَعِمْتُ. وعُجْبِ!
فَكأَنِّي نعماؤهم.. رَحِمَ الله رَعيلاً مِنْهم. ولم أَفْضِ نَحْبي!
* * *
وتَذكَّرْتُ ثُلَّةً مِن رِفاقٍ
كلُّهمْ نِعْمَةٌ من الله رَبِّي!
كالرِّياضِ التي تَضُوعُ بِنَفْحٍ
مِن زُهُـورٍ تَظَـلُّ تَخْتـالُ جَنْـبي!
وثِمارٍ تُغْنِيـكَ عن كُلِّ رَطْـبٍ مِن
شَهِيِّ الطَّعـام. أَوْ عَـذْبِ شُـرْبِ!
عِشْتُ ما بَيْنَهُم سعِيـداً.. وعاشُـوا
سُعداءً بِصَفْوِ وُدِّ وعَتْبِ!
خَلَّفوني من بَعْدِهـمْ فـي اشْتِيـاقٍ.
فَفُؤادي بِهِ حَزِينٌ. وهُدْبي!
* * *
ذِكْرَياتي أَنْتُنَّ فِرْدَوْس نَفْسي
حِين أَلْقـى بِكُـنَّ حُبِّـي المُوّلِّـي!
وجَحِيمي إذا بِكُنَّ تَذكَّرْتُ
بَلاءً أَزْرى بِحِسِّي وعَقْلي!
غير أنّـي أهْفـو إلَيْكُـنَّ باللَّيْـلِ
ففيه الشُّجونُ بالصَّدْر تَغْلي!
إنَّ عِلْمي بالنـاس أصبـح يغتـال
ضَميِري. فأشْتَهي اليـوْمَ جَهْلـي!
رُبَّ ماضٍ ذَكرْتُهُ فتذكَّرْ
تُ رِجالَ العُـلا. ووَقْتَ التَّجلِّـي!
شَدَّ ما أَشْتَهـي الرَّحيـل فَبَعْـدي
لم يَعُدُ يَرْفَعُ اللِّواءَ كقَبْلي!
ليس كُلُّ النَعْماءِ تُرْضـي حَنايـايَ
فَبَعْضُ النَّعماءِ حَظُّ العُتُلّ!
وأَنا لَسْـتُ بالعُتُـلِّ ومـا أَرْضـى
بِعَيْشٍ يَطْـوي المُضـيءَ سِجِلِّـي!
إنَّني أَبْتَغِيهِ عَيْشاً كريماً
ولَئِنْ كانَ في افْتِقارٍ ومَحْلِ!
ربَّ عَيْشٍ على الرَّغادةِ والنُّعْمى كَرِيهٍ بِخِزْيِهِ والتَّدَلِّي!
* * *
يا فتاتي التي تُضيءُ طَرِيِقي
أَرْقِبيني فقد توسَّدتُ رَحْلي!
مَجِّدِ اللهَ يا ضَميري. فقد
عِشْتُ بِقَوْلـي مُحَـرَّراً. وبِفِعْلـي!.
جدة/8/شعبان/1414هـ
19/يناير/1994م
 
طباعة

تعليق

 القراءات :380  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 60 من 174
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور سعد عبد العزيز مصلوح

أحد علماء الأسلوب الإحصائي اللغوي ، وأحد أعلام الدراسات اللسانية، وأحد أعمدة الترجمة في المنطقة العربية، وأحد الأكاديميين، الذين زاوجوا بين الشعر، والبحث، واللغة، له أكثر من 30 مؤلفا في اللسانيات والترجمة، والنقد الأدبي، واللغة، قادم خصيصا من الكويت الشقيق.