اسْأَلِيني ما الذي يَجْعَلُني |
شَبَحاً حـتى أرى الخَلْـقَ هَبـاءَ؟!. |
واسْأَلِيني عن دَواعِي عُزْلَتي |
أَفكانَتْ جَفْوَةً أم خُيَلاءَ؟! |
وإذا أثَرْتِ أنْ لا تَسْأَلي |
فَدَعيني أُوثِرُ الدَّاءَ العَياءَ! |
أنا وَحْدي في اعْتِزالي ذائِقٌ |
لَذَّةَ الروح ابْتِعاداً واجْتِواءَ! |
* * * |
واسأليني ما الذي يُسْعِدُني |
وأنا أُبْصِرُ حَوْلي السُّعداءَ؟! |
إنَّني أُبْصِرُهم في نَشْوَةٍ |
فَأَرى فيهم أمانِيَّ الوِضاءَ! |
تلك كانتْ في شَبابـي وانْمَحَـتْ |
وتَبَدَّلْتُ الأسى والبُرَحاءَ! |
ثم عادتْ وَمْضَةً باسِمَةً |
في مُحَيَّاهُم.. فَكانَتْ لي عَزاءَ! |
* * * |
تُسْعِدُ القَلْـبَ الشَّجِـيَّ المُسْتَـوى |
في دَياجِيهِ. نُجُومٌ مُشْرِقاتْ! |
رُبَّما لا يُبْصِرُ الدَّرْبَ بها |
فهو أَدْجى. أَوْ هو الحَظُّ المَـواتْ؟!. |
هو في دُنْيـاهُ مـا يَرْجُـو سِـوى |
أَنْ يَرى العالَـمَ مَوْفُـورَ الهِبـاتْ! |
ولقد يَرْضى لهم مائِدَةً.. |
مُشْتَهاةً. وهـو يَرْضـى بالفُتـاتْ! |
* * * |
هكذا عِشْتُ غَنِيّاً بالرُّؤى |
بالشَّذا تَشْفِي. وتـروي بالفُـراتْ!. |
وفَقيراً ما يُبالي باللُّهى |
فهي قد تَسْلِبُـهُ حُلْـوَ السُّبـاتْ!. |
ولقد أَشْعُرُ أنِّي طَرِبٌ |
في دُرُوبٍ مُدْلَهِمَّاتِ السِّماتْ! |
ولقد أشْدو بِصَمْتٍ مُطْبِقٍ |
تَتَمنَّاهُ.. فما تَحْظـى – اللُّغـاتْ! |
* * * |
واسْأَلِيني ما الذي يُكْرِبُني؟! |
ما الذي يَدْفَعُني لِلإِنْزِواءْ؟! |
رَغْمَ أَنِّي بانزوائي قَلِقٌ |
دَنِفٌ يهفو لإِخْوانِ الصَّفاءْ! |
أَيْنَهُم؟! إنِّي إِلَيْهِمْ تائِقٌ |
أَيْنَهم؟! هل هُمْ كَمِثْلـي غُرَبـاءْ؟! |
لا تَلاقي بَيْنَنا إنَّ الوَرى |
فَرَّقُوا مـا بَيْنَنـا خَـوْفَ اللِّقـاءْ! |
والورى فيه صَبـاً.. فيـه دَبُـورْ |
فيه عَقْـلٌ مُبْصِـرٌ. فيـه عَمـاءْ! |
فيه رَوْضٌ يانِعٌ. فيه يَبِيسْ |
بَلْقَعٌ لَيْسَ به نَبْتٌ وماءْ! |
طالَما أظْمَأَني.. لكِنَّنِي.. |
سِرْتُ فيه بـين أشْتـاتِ الظِّمـاءْ!. |
لم أَجِدْ فيه سِوى ما راعَني |
مِثْلَ ما راع رَعيلَ الحُكماءْ! |
* * * |
واسأَلِيني ما الذي يَبْهَرُني؟! |
ما الذي يَمْنَحُـني حُلْـوَ المتَـاعْ؟!. |
ما الذي يُؤنِسُني في وَحْشةٍ |
لَم تَجِدْ في لَيْلِها الدَّاجي شُعـاعْ؟!. |
وأعْجَبي مِنِّي.. فما يؤنِسُني |
غَيْرُ أَنْ تَحْلُوَ في الخَلْـقِ الطِّبـاعْ؟! |
فلقد أَلْقى رِعاعاً في سَراةٍ |
ولقد أَلْقى سَراةً في رِعاعْ! |
* * * |
واسْأَليني. ما الذي يُرْهِقُني |
فإِذا مُثْخَناً دُونَ صِراعْ؟! |
وإذا بي الشِّلْوَ يَدْمي حَمَلاً |
خائفـا ما بَيْـنَ أنْيـابِ السِّبـاعْ! |
وأنا الأَعْزَلُ لا سَيْفَ له |
يَدْفَعُ الظُّلْمَ.. ولا رأْي مطاع! |
لَتَمَنَّيْتُ. وما تُجْدِي المُنى |
أَنَّني كُنْتُ طَعاماً لِلْجِياعْ! |
* * * |
واسألِيني. ما الذي يُلْهِمُني |
ما الذي يُلْهِبُ فِكْري وشُعـوري؟!. |
ما الذي يَمْلَؤُنِي مِن غِبْطَةٍ |
وأنا المَحْـزونُ يَطْويـني ثُبُـوري؟!. |
وأنا الآمِلُ في اللُّبِّ وقد |
تَغْلِبُ اللُّـبَّ وتَطْوِيـهِ قُشُـوري! |
وأنا المُلْتاعُ في أَمْسائِهِ |
حالكاتٍ تَشْتَهـي نُـورَ البُـدورِ! |
ما الذي يُلْهِمُني يا ماضِياً |
حافِلاً بالحُسْنِ يُشْقي.. والغُـرورِ؟! |
ما الذي يُلْهِمُني يا حاضِراً |
لم يَعُدْ عِنْدي سوى ذِكْرى حَـرُورِ!. |
إنَّه ذِكْراكِ.. ذِكْرى أَلَمٍ |
حارِقٍ كالجَمْر ما بَيْـنَ الصُّـدُورِ!. |
إنَّه أَنْتِ. وقد عادَ غَدي |
مُلْهَماً يَبْكي على أَمْسي الحَصُـورِ! |
فاسْأَلِيني.. لا فما أُصْغِي إلى |
فِتْنَةٍ عادت رفاتا في القُبُورِ! |