شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الأمْسُ وَاليومُ؟!
يا حُلْوتي لو كُنْتِ غازَلْتِني
قَبْلَ مَشِيبي لَرَأَيْتِ العُجابْ!
لكُنتِ أَفْضَيْتِ إلى نَشْوَةٍ
تُنْسِكِ بالبَهْجَـةِ نَهْـجَ الصـوابْ!.
فإِنَّني كُنْتُ الفتى عارِماً
يَفْتَرِعُ الـذُّرْوَةَ رَغْـمَ الصِّعـابْ!.
عُروقُهُ تَحْوى دَماً لاهِباً
يَجْري بِهـا مُكْتَسِحـاً كلَّ بـابْ!.
يالَ شَبابي مِن لَظًى مُحْرِقٍ
أَذْهَلَـني.. أَذْهَـلَ كُلَّ الكِعـابْ!.
قُلْنَ وقد شاهَدْنَهُ عَاصِفاً
ماذا بِهِ؟! يا سِحْرَ هـذا الشَّبـابْ!.
ورُحْنَ يَحْلَمْنَ بِحُلْوِ الرُّؤى
بِه.. ويُكْثِرْنَ عليه الطِّلابْ!
وهو قَرِيرٌ بالهَوى جارِحاً
أَفْئِدَةَ الغِيدِ.. كماضِـي الحِـرابْ!.
تَعِيْثُ في أَحْشائِهنُ المُنى
وهُنَّ يَسْعَدْنَ بِهذا العذابْ!
أَحْلـى المُنى كـانَ مِنْهـا النَّـوى
بُشْرى بِوَصْـلِ حافِـلٍ بالثَّـوابْ!.
* * *
قالتْ وقد رَاوَدَني طَيْفُها
من صَحْوَتي بَيْنَ عَدِيدِ الصِّحـابْ!.
وهي التي تَسْحَـرُ أَعْيُـنَ النُّهـى
وهي التي تَخْطُرُ فَـوْقَ السَّحـابْ!.
ماذا؟! ألا تَعْرِفُ أنِّي التي
مِن دُونِ كُلِّ الفاتِنـاتِ اللُّبـابْ؟!.
ما لَكَ عَنِّـي هكـذا مُعْـرِضٌ؟!
والنَّاسُ. كلُّ النَّاسِ مِنِّي غِضـابْ؟!.
كأَنَّني الشَّهْدُ حَلا صَافِياً
فاجْتَمعُوا مِـن حَوْلِـهِ كالذُّبـابْ!.
يَشْكُونَ مِنِّي الصَّدَّ لكِنَّني
أَرْخَيْتُ -فانْجابُوا- صَفيقَ الحِجابْ!.
لم أَحْتَفِلْ إلا بِمُرِّ الهَوى
هَواكَ هذا.. بَعْدَ عَذْبِ الشَّـرابْ!.
فاصْدَعْ بِحُبِّي إنَّني جَدْوَلٌ
صافٍ. وأَخْدانكَ مِثْـلُ السَّـرابْ!.
* * *
قُلْتُ لهـا يـا حُلْوَتـي. يا جَـنى
رَوْضٍ نَضِيرٍ.. أَنْتِ مِثْلُ الشِّهـابْ!.
مُسْتَعْلِياً من أُفُقٍ شاهقٍ
مُنْتَشِيـاً بالحُسْـنِ غَضِّ الإِهـابْ!.
من خُيَلاءٍ يَسْتَوِي لاهِياً..
بالشَّجْوِ.. ما لِلشَّجْـوِ إلاَّ التَّبـابْ!.
وما لَهُ غَيْرُ النَّوى والقِلا..
وما لَـهُ غَيْـرُ ضَـنًى واكْتِئـابْ!
ولَسْتُ مِن هـذا الـذُّبابِ الـذي.
أَشْقَيْتِهِ.. عَرَّضْتِهِ لِلْخَرابْ!
أَمْسـى عَمِيّـاً ما يَـرى دَرْبَـهُ..
كيف؟! وقد خَيَّـمَ فيه الضَّبـابْ؟!.
فلا ذَهاباً يَرْتَجي سالِماً
وما لَـهُ عِنْـدَكِ حُسْـنُ المـآبْ!
دَعِي فُؤادِي. إنَّهُ قانِعٌ
بِحَظِّهِ مِن زَيْنَبٍ والرَّبابْ!
هُما. وسِرْبٌ ناعِمٌ يَشْتَهي
هَوايَ.. قد يُخْطِىءُ فيه الحِسـابُ!.
وأَنْتِ.. قد يَغْدو الـذُّبابُ الـذي.
صَدَدْتِهِ.. يُقْذِيهِ مِنْـكِ الرُّضـابُ!.
فَلْتَحْذَرِيهِ.. رُبَّ مُسْتَوْحِشٍ
يَنْهشُ في جِسْمِكِ نَهْـشَ الذِّئـابْ!.
أَخْشى احْتِراقي من شِهابٍ يرى ما تَحْتَهُ إلا الهَشيمَ المُذابْ
بَكَتْ.. ولكِنِّـي ارْتَضَيْتُ الطَّـوى
عـن شِـبَـعٍ يُلصِقُـني بالتُّـرابْ.
* * *
أوَّاهِ مِن شَيْخُوخَةٍ لاتَني
تَجْعَلُ مِنِّي الشَّدْوَ مِثْـلَ النُّعـابْ!.
كُنْتُ هِزاراً شادِياً.. مُطْرِبا
وعُدْتُ مِنْهـا ناعِقـاً كالغُـرابْ!.
لو كُنْتُ مِثْـلَ الأَمْـسِ مـا شَفَّنِي.
حُسْنٌ. ولا أَثْخَنَ رُوحي الضِّـرابْ!.
ولـم أَكُـنْ أُغْضِـي إذا مَسَّـني.
مِن العـوادي جَنَـفٌ أَوْ سِبـابْ!
لكِنَّهُ الدَّهْرُ.. ويا وَيْلَتا..
مِنْه فقد أَوْجَعَني بالمُصابْ!
ولَيْسَ لي إلا اصْطِبارِي على
سِرْدابِهِ المُظْلِمِ بَعْد القِيابْ!
تَبارَكَ اللهُ.. فَكَم ضَيِّقٍ
نَأْلَفُهُ بَعْد وَسِيع الرِّحابْ!
لَيْسَ عُجاباً أُلْفَتِي لِلأَسى
وهو ضجيعي.. فالنُّفُور العُجـابْ!.
هذا أَنا. إِنِّي أَلِفْتُ الضَّنى
بعد الغِلابِ التَّـمِّ. بعـد الوِثـابْ!.
جدة/ 19/ صفر الخير/ 1414هـ
7/ أغسطس/ 1993م
 
طباعة

تعليق

 القراءات :416  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 45 من 174
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور سعد عبد العزيز مصلوح

أحد علماء الأسلوب الإحصائي اللغوي ، وأحد أعلام الدراسات اللسانية، وأحد أعمدة الترجمة في المنطقة العربية، وأحد الأكاديميين، الذين زاوجوا بين الشعر، والبحث، واللغة، له أكثر من 30 مؤلفا في اللسانيات والترجمة، والنقد الأدبي، واللغة، قادم خصيصا من الكويت الشقيق.