| ليْلايَ. إنَّ الدَّهْرَ بالأحياءِ يَحْصِدُهُم ويَمْضي! |
| وأنا أعِيشُ مُسَهَّداً.. مِن دُونِ إغفاءٍ وغَمْضِ! |
| أمْسَيْتُ أزْحَفُ بَعْد إسراعي العَنِيفِ. وبَعْدَ رَكْضي! |
| وغَدَوْتُ لَيْلاً مُدَلَهِمّاً. بَعْدَ إشْعاعِي وَوَمْضي! |
| والنَّاسِ تَسْأَلُني فَأُعْرِضُ عن تَساؤُلِهِم وأُغْضي! |
| * * * |
| ماذا أقُولُ لهم. وهُمْ عن صَبْوَتي يَتَساءَلُون؟! |
| أَفَيَعْرِفُونَ حِكايتي لَيْلايَ.. أَمْ هم يَجْهَلُون؟! |
| أَفَيُشْفِقُونَ على المُضَرَّجِ.. أَم تُراهُم يَشْمَتُونْ؟! |
| لا. لن أَقُولَ ولَنْ أُحَدِّثَهُم بأَسْرارِ السُّجُون! |
| فهي الحَبِيسَةُ من القُيُودِ الدَّامياتِ وفي السُّجون! |
| * * * |
| أَتَذَكَّرُ الأَيَّامَ تِلْكَ. وما أُحَيْلاها فأَشدو! |
| بالشِّعْرِ مُخْتَنِقاً يَنُوحُ.. يَرُوعُه وَجْدٌ وصَدُّ! |
| قد كانَ يَرْفِدُهُ الوِصالُ. فَعَيْشُهُ زَهرٌ وَوَرْدُ! |
| واليَوْمَ صَوَّحَ رَوْضُهُ. والنَّبْعُ جَفَّ. فكيف أَحْدُو؟! |
| كلاَّ سأَحْدو. فالْهوى غَيٌّ ضَلُولٌ ثم رُشْدُ! |
| * * * |
| سَتَرَيْنَ يا لَيْلايَ أَنِّي لا أَذِلُّ ولا أَخُورْ! |
| سَتَرَيْنَ أنِّي أتْرُكُ الفِرْدَوْسَ إِنْ كانَ يَجُورُ! |
| فَأَنا المُعْرِضُ عنه. وأنا القالي. ومَرْحًى لِلْحَروْرْ! |
| فهو أَنْدى الشُموخِ الحُرِّ مِنْ حُسْن هَصُورْ! |
| رُبَّما عُفْتُ نَسِيمي العَذْبَ. واخْتَرْتُ الدَّبورْ! |
| * * * |
| وسَتَبْكينَ على الحُبِّ تَوارى عَنْكِ واسْتَخْفى نَداهْ! |
| كانَ مَجْداً لكِ يُعْليكِ.. وتُؤْويكِ رُؤاهْ! |
| ونَوالاً كُلَّ ما جِئْتِ. له.. امْتَدَّتْ يَداهُ! |
| فَتَزَوَّدْتِ مِن الرَّوْضِ جَناهْ.. وَتَذَوَّقْتِ من الزَّهْرِ شَذاهْ! |
| ثم فَدَّاكِ. ولكِنَّكِ ما كُنْتِ فِداهُ! |
| * * * |
| قال أَتْرابُكِ. ما أغْبى التي عَقَّتْ فتاها! |
| لَيْتَهُ اخْتارَ هَوانا.. قَبْلَ ما اخْتارَ هواها! |
| لِيَرَى الفِتْنَةَ تَعْتَزُّ.. وتُولِيهِ جَداها! |
| بل جَداهُ.. إنَّ مَنْ يَمْلِكُهُ اعْتَزَّ وتَاها! |
| خَسِرَتْ تِلكَ التي صَدَّتْهُ طَيْشاً وسِفاها! |
| * * * |
| وتَقَاطَرْنَ إليه.. بَعْدما أَقْفَلَ بابَهْ! |
| وتَوارى خَلْفَهُ.. ضاعَفَ مِنْهُنَّ حِجابَهْ! |
| طارِداً أشْجانَهُ تِلْكَ التي كُنَّ عَذابَهْ! |
| واسْتخارَ المُزْنَ يَرْوِينَ. فما أَصْدى سرابَهْ! |
| واسْتَوى مُنْتَصِباً يَتْلو على المَجْدِ كِتابَهْ! |
| فَتَراجَعْنَ وما ضِقْنَ.. بَلى قُلْنَ سلاما! |
| إنَّها النَّفْرَةُ من قَلْبٍ عن الذُّلِّ تُسامى! |
| عَشِقَ الحُسْنُ فأشْقاهُ.. فَوَلىَّ وتَحَامَى! |
| فإذا الحُسْنُ. وقد وَلىَّ.. عليه يَتَرامى! |
| فانْزَوى. وانْقَلَبَ الحُسْن مُهِيضا وحُطاما! |
| * * * |
| أيُّها الشَّاعِرُ في مِحْرابِهِ الوَادِعَ.. إحْساساً وفِكرا! |
| رَتِّلِ الشِّعْرَ على أحْلامِنا.. أَكْرِمْ به حُلْواً ومُرَّا! |
| إنَّه المِهْمازُ يَقْسو لَيِّناً.. كَسْراً وجَبْرا! |
| الرُّؤى تَمْلأُ جَنْبَيْكَ حَناناً مُسْتَسِرَّا! |
| أَنِرْ الدَّرْبَ وحَوِّلْ قَفْرَهُ المُجْدِبَ نَضْرا! |