| أراشدي الرَّاجِحُ. إنِّي امُرؤٌ |
| غاض مَعيني.. وخَبَـتْ جَذْوتـي!. |
| كيف تُرَجِّـي المـاءَ من ناضـبٍ؟! |
| وكيف تبغـي الجمـر من رَغْـوَةِ؟!. |
| قد أرْمَدَتْ جَمْري الخُطـوبُ الـتي. |
| عَدَتْ. فلم تُبْـقِ علـى وَقْـدي! |
| وجَفَّفَتْ نَبْعي فَلَمْ تُبْقِ لي |
| ما يَنْفَعُ الغُلَّةَ مِن مُهْجتي! |
| فليس لي بعد شبابي الذي |
| وَلَّى سـوى رَاعِـشِ شَيْخُوخَـتي!. |
| * * * |
| كانَ الهوى يُشْجِي بآلائِهِ |
| ويَسْتَفِزُّ الحُسْنُ مِن صَبْوَتي! |
| واليَوْمَ لا حُسْنَ.. ولا صَبْوَةٌ |
| بعد أُفُولِ البَدْرِ من لَيْلَتِي! |
| البَدْرُ كـانَ العَـزْمَ يـا صاحِـبي |
| وقد تَوَلَّى. فَطَغَتْ ظُلْمَتي! |
| وأَنْتَ تَدْعوني لأُمِّ القُرى |
| للِشَّدْوِ.. للتَّرْنِيمِ في مَكَّتي..!. |
| مكَّةَ ما أَكْرَمَها مَوْطِناً |
| فإِنَّها - رَغْمَ الجَوَى- جنَّتي!. |
| وُلِدْتُ في بَيْتٍ بِها مُشْرِقٍ |
| بالحُبِّ تَخْتالُ بِها حَبْوَتي..! |
| كُنْتُ صَبِياً يَكْتَوِي بالنَّوى |
| بِاليُتْمِ.. بالشَّوْقِ إلى صُحْبَةِ! |
| يَشْتاقُ صَدْراً حانِياً.. حابِياً |
| مِن التي وَلَّتْ بلا رَجْعَةِ! |
| ويَكْتُمُ الشَّوْق لِكَيْلا يَرى |
| إشْفاق مـن شَـبَّ بـلا لَوْعَـةِ! |
| كنْتُ سَرِيعَ الدَّمْعِ لكنَّني |
| ما تُبْصِرُ الدَّمْـعَ سـوى خَلْوتـي!. |
| * * * |
| ومن حِمـى مكَّـةَ كنْـتُ الفَـتى |
| والرَّجُلَ الطّامِحَ لِلرِّفْعَةِ! |
| دَرَسْتُ في صَرْحٍ بِها شامِخٍ |
| بالعِلْمِ.. بالأَفْذاذِ.. بالصَّفْوَةِ!. |
| كانُوا رجالاً.. أنْجُمـاً في الدُّجـى. |
| تَكْشِفُ للسَّارِي صُـوى الرِّحْلَـةِ!. |
| يا رَحْمَةَ الله تَجَلِّي لَهُمْ.. |
| فإنَّهُمْ أَجْدَرُ بالرَّحْمَة.! |
| ولِلرِّفاقِ الشُّمِّ.. من رَاحِلٍ |
| وعائِشٍ في السَّفْحِ والذُّرْوَةِ! |
| كُنَّا أشِقَّاءَ.. فما نَسْتَوي |
| إلاَّ على الوُدِّ بلا جَفْوَةِ..! |
| أَوَّاهِ ما أَحْلا الزَّمانَ الذي.. |
| كُنَّا به نَرْفُلُ في نِعْمَةِ..! |
| فَقَفْرَتِي كانَتْ بِه رَوْضَةً |
| فكيف لا أَصْبُو إلى رَوْضَتي؟!. |
| وشِقْوَتي كانَتْ به رِقَّةً |
| تَحْنُو..فمـا أَحْـلا بِـهِ شِقْوَتـي! |
| كم أَلْهَمتْـني الشِّعْـرَ أَشْـدو بِـهِ |
| كالطَّيْرِ في العُشِّ.. وفـي الدَّوْحَـةِ!. |
| ثم اسْتَرَدَّتْ ما أفاءَتْ بِهِ |
| فَعُدْتُ بَعْد اللِّينِ كالصَّخْرةِ |
| * * * |
| يا راشِدي الرَّاجِـحُ.. لَيْـتَ المُـنى. |
| تَسْخُو على المُبْيَضِّ مـن لِمَّـتي..!. |
| فانْظُمُ الشِّعْرَ بلا عائِقٍ.. |
| يَعُوقُ من هـذا الخَوى المُسْكِـتِ!. |
| أَصْغَيْتُ.. أَصْغَيْتُ. وصَـدَّ الهـوى. |
| عنِّي. وغابَ الحُسْنُ عـن مُقْلَـتي!. |
| فهل أَنالُ الصَّفْحَ من سَيِّدٍ |
| يَطْلُبُ مِنِّي الشَّـدْوَ في عِزْوتـي؟!. |
| يا ليْتَـني أَقْـوى فَأَطْـوِي المـدَى |
| إليه كَـيْ أَسْعَـدَ مـن رِحْلَـتي! |
| وأَلْتَقِي بالصَّحْبِ من مكَّةٍ.. |
| طابَتْ وطابُـوا.. فهـو أُمْنِيَـتي..!. |
| * * * |
| يا راشِدي الرَّاجِحُ.. كُـنْ عـاذِري. |
| فَهذِهِ يا سَيِّدي قِصَّتي! |