شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
حيْرَةٌ .. وصَيرورةٌ ؟!
أتَيْتُ إلى الدُّنيا ومـا كنْتُ مُختْـارا
ولو أَنَّني خُيَّرتُ ما اخْتَرْتُها دارا!
فلو كنْتُ لم أُخْلَقُ لما كنْتُ آثِمـاً..
ولا كنْتُ مَغروراً.. ولا كنْتُ مِهْذارا!
ولا ابْتَهَجَتْ نَفْسي بمـا كان مُخْزِياً
ولا انْفَجَعتْ نَفْسي بما كانَ قَهَّارا!
فقد عِشْتُ فيهـا ماجِنـاً مُتهافِتـاً
على مُتَع عادتْ هُموماً وأَوْزارا..!
شقاءٌ طُفُولِيٌّ.. شقاءٌ مُراهِقٌ
شقاءُ شبابٍ كانَ قَصْفاً وإعْصارا!
وشَيْخُوخـةٌ ناءتْ بأفْـدَحِ شِقْـوَةٍ
فلـم تَلْـق إلاَّ ما يُلَطِّخُهـا قـارا!
ولـو أَنَّـني لم آتِ.. كنْتُ هَبـاءةً
فلا تَبْتَغي أَهْـلاً. ولا تَبْتَغـي دارا!
ولا تَبْتَغي المَجْدَ المُؤَثَّل رافِعاً
مكانَتَها.. يَشْـدُو به النَّاسُ أَشْعارا!
ولا تَبْتَغي المالَ الذي يُسْكِرُ النُّهى
فما تَجْتَوِي خِزْياً.. ولا تَجْتَوي عارا!
مُبَرَّأَةً مِن كلِّ عَيْبٍ لأَنَّها
سَدِيمٌ. فما لاقى هَواناً.. ولا جـارا!
ولو كُنْتُهُ.. ما كانَ لي مـن ظُلامَـةٍ
عَلَيَّ. ولا مِنِّي. ولا كنْتُ غَـدَّارا!
وها أنـا في هـذي الحيـاةِ مُـرَزَّأٌ
أُغادِرُ أَنجاداً.. وأَسْكُـنُ أَغْـوارا!
ويَصْحَبُني الأَخْيارُ حِينـاً فأَسْتَـوِي
على مَلَلٍ مِنْهم. وأَصْحَبُ أشْـرارا!
أَبِيتُ على هَمٍّ بِهِ. يَلْتَـوي الحَشـا
وهُم جُثَّمٌ صَرْعى. عَشِيّاً وإِبِكـارا!
يَعيشُونَ صُبْحـاً كالبَهائِـمِ رُتَّعاً
بلا زَاجِرٍ يَلْوِي. ويُمْسُونَ فُجَّـارا!
* * *
على أنَّ حَوْلي مَعْشَراً مُتَرَفِّعاً
عن اللَّهْوِ أطْهاراً كَرُمْنَ. وأَبْرارا!
تمنيت أَنِّي مِثْلَهم فَتَعَثَّرَتْ
خُطايَ. فأجْريْتُ المَدامِعَ مِدْرارا.!
ألا لَيْتَ أَقْدارِي سَخَوْنَ كما سَخَتْ
عليهم.. وأعْطَتْني فكنْتُ لهم جارا!
وعُدْتُ فآثَرْتُ اصْطِبـاري فَرُبَّمـا
وَجَدْتُ بإيمانِي.. على الوِزْرِ أَعْذارا!
فقد كان يُشْقِيني. وإنْ كنْتُ أَشْتَهي
به ثَمَراً يَحْلو مَذاقـاً.. وأزْهـارا!
وقد كنت لا أرضـى بـه ثم انثـنى
إليه عَمِيّاً.. يَحْسَبُ الآلَ أَنْهـارا!
ولَمَّا يَجِدْ ماءً يَبُلُّ به الصَّدى
ولا وَشْلاً. ما أَرْخَصَ الخُسْرَ مِقْدارا!
أرى عَدَمي خَيْراً مِن العَيشِ خِاضِعاً
لأَهْوائِهِ. جَهْراً صَفِيقاً وإشرارا!
تَمَنَّيْتهُ.. لكنَّني جِئْتُ لِلدُّنى
فَحُمِّلْتُ أَوْزاراً. وحُمِّلْتُ أوْضارا!
وحاوَلْتُ أَنْ أَحْيا بَرِيئاً من الخَنى
فما اسْطَعْتُ عنه. وهو يُهْلِكُ إدْبارا!
بَلى.. رُحْتُ أَدْعُوه فَيُقْبِـلُ تـارَةً
ويُعْرِضُ أُخْرى.. شادِيـاً ثم زَآرا..!
ونَفْسِيَ مِعْوانٌ له.. وهـو عـارِفٌ
بِهذا. وما يُرْضِ على اللَّهْو أَسْتارا!
أَلَسْتُ إذا ما لَم أَكُنْ.. كنْتُ ناجِيـاً
وكَيْنُونَتي هذى سَتُورِدُني النَّارا؟!
فكيْفَ نَجَاتِي مِنْهُ وهـو مسيطـرٌ
عليَّ وإنْ كانَ المُسَيْطِرُ جزَّارا؟!
* * *
ويا مَنْ هَداني بَعْدَ غَيِّـي تبارَكَـتْ
أيادِيكَ واسْتَعْلَتْ.. فقد كُنْتَ غَفَّارا!
فما أتمنّى اليـوم أنْ لـو تَحوَّلَـتْ
حياتي هباءً.. بَعْدَ أنْ صِرْتُ مِغْوارا!
بلى.. أتمنَّاها حياةً قَرِيْرَةً
تجوب الذُّرى حتى تُكَلِّلُهـا الغـارا!
سأُعْرِضُ عمَّـا لا أَوَدُّ وقـد بـدَا
لِيَ النُّورُ غَيْثاً بالهدايَةَ دَرَّارا!
وكلاَّ. فإنِّي أتَّقيها بِصَحْوَةٍ..
تَبَيَّنْتْ منها أَنَّني كنْتُ كفَّـارا..!
وكانَ أَمامـي الرُّشُدُ والْغَيُّ فانْبَرى
إلى الغَيِّ رُوحِي يَنْشُدُ اللَّهْوَ والبارا!
فَناءَ بِما يُدْمِـي الحشَـا مُتَرَنحِّاً..
بِسُكْرَيْهِما حتى هَوى الرَّوحُ مُنْهارا!
* * *
فيا صَحْوَةً قد أَسْعَدتْـني بِرَجْعَـةٍ
إلى الرُّشْدِ.. وِرْداً كَوْثرِياً وإِصدارا!
تباركتِ. إنَّ الرُّشْدَ كـانَ بِشـارَةً
لِنَفْسي. وإِنَّ الغَيَّ قد كان إنْـذارا!
وها أنـا في يَوْمـي أُهَلِّـلُ بالمُـنى
تَحَقَّقْنَ بعد اليَأْسِ تَبْزُغُ أَقْمـارا!
جدة/ الاثنين: 9/11/1412هـ
11/ 5/ 1992م
 
طباعة

تعليق

 القراءات :492  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 20 من 174
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج