| أيْنَ تِلكَ الأَماسي كانـتْ شُعاعـاً |
| في شُعُوري. وشُعْلَةً في ضمـيري؟! |
| لم يَعُدْ لي مِـن بَعْدِهـا غَيْـرُ نَظُـمٍ |
| يَتَهاوى على ضِعافِ حَفِيرِ! |
| لم يَعُدْ لي شِعْري الذي كانَ كالنَّسْـ |
| مَةِ كالشَّدْو. كالنَّـدى. كالعَبـيرِ! |
| لم يَعُد لي غَيْرُ الأَسى. فأنـا الظَّامِـىء ما عُـدْتُ أَرْتَـوِي مـن غَدِيـري! |
| * * * |
| أيـن ذاك الـزَّمانُ.. كـان جِنانـاً |
| وفِراشاً مُرَفَّهاً مِن حَريرِ! |
| ورحيقاً مِن الحَنانِ مُصَفّىً.. |
| ومِن الحُبِّ.. والدَّلالِ المُثير! |
| ومِن الصَّفْوِ لم يُعَكِّرهُ رَنْقٌ |
| ومِن الرَّكْضِ خَلْفَ ظَبْـي غَرِيـرِ! |
| مُسْتَجِيبٌ كأَنَّه النَّسْمةُ تَشْفي القُلُوبَ.. كالإِكْسِير! |
| قد تَوَلىَّ.. فَلَيْـسَ لي غَيْـرُ رِيـح ِ |
| عاصِفٍ بالحياةِ.. غَيْرُ هَجِيرِ! |
| فأَعِيدي إليَّ يا رَبَّةَ الحُسْنِ ما كـانَ |
| أَعِيدي خَوَرْنَقي وسديري! |
| أو فَإِنِّي السَّجِينُ يَرْسُـفُ في القَيْـدِ |
| ويَطْوِي علـى الشَّجـا والزَّفِـيرِ! |
| أَوْ فَكُونِي الإِلْهامَ لي مـن التَّبارِيـح |
| تَكُنْ جَنَّتي بِحَرِّ سعيري! |
| * * * |
| قد يكون الوِصالُ بَؤْسي على الفِكْرِ |
| ونعماء في القِلا والشُّجوُنِ! |
| فلقد كُنْتُ في النَّعِيمِ أَرى البُؤْسَ وَمِيضاً يَصُدُّنِي عَنْ فَتُوني! |
| وأَراني في غَمْرَةِ الشَّكِّ والحَيْرَةِ |
| أَهْذِي كأَنَّنِي في جُنُونِ! |
| كيف يَغْدُو الصُّدُودُ نُعْمى؟! وفَكَّرْتُ |
| وكَفْكَفْتُ دَمْعَةً من عُيُوني! |
| وبدا لي العَذابُ كِفْلاً مِن الرَّحْمَـةِ |
| يَشْفي مِن الهوى والمجُوُنِ! |
| كم تَضَلَّعْتُ باللَّـذاذَةِ حتى كِـدْتُ |
| أَنْسى بِها نَذيرَ مَنُوني! |
| وجَزاني العذابُ عن مُتْعَـةِ اللَّهْـوِ |
| بِما شَدَّ بالسُّمُوِّ حُصُوني! |
| رُبَّما كنْتُ واهِماً حِينَما كُنْتُ أَظُنُّ اللُّهى تُضِيءُ دُجُوني! |
| فإذا باللُّهى تَرُدُّ الفرَاديِسَ |
| إذا هَيْمَنَتْ.. لِجَدْبِ الحُزُونِ! |
| وتَرُدُّ انْطِلاقَنَا لِقُيُودٍ |
| عائِقاتٍ مَسِيرَنا.. وسُجُونِ! |
| فلقد كنْتَ بالنَّعِيم حَرُوناً |
| فإذا بالبُؤْسِ غَيْرَ حَرُونِ! |
| رُبَّ بُرْءٍ يَكُونُ غَيْرَ حَنُونٍ |
| وسِقامٍ يَكونُ جِدَّ حَنُونِ! |
| * * * |
| جرَّبْتُ وَصْلِي. كما جَرَّبْتُ هُجْراني |
| فما عَرَفْتَ مَنِ القاسِي.. مَنِ الحاني؟! |
| كِلاهُما كانَ يُفْضِـي بِـي إلى ظُلَلٍ |
| مِن الغَمام.. وما أَدْرِي مَن الجـاني! |
| هذا يَقُـولُ بِأَنِّـي غَيْـرُ مُقْتَـرِفٍ |
| وذاكَ يُقْسِمُ أنَّ المُذْنـبَ.. الثـاني! |
| فَمَنْ مَلاكي الذي يَهْدي إلى سَنَـني |
| مِنْ النَّقِيضَيْنِ.. مَنْ غَيِّ وشَيْطـاني؟! |
| لقد عَجـزْتُ وأَعْيَتْـني طَلاسِمُهـا |
| هذى الحياةُ.. بِصِدقٍ.. أو بِبُهْتانِ؟! |
| واسْتَبْهَمَ الدَّرْبُ.. هل أَرْسي بأَوْدِيَةٍ |
| تُرِيحُني.. أمْ بأمْواهٍ وشُطْـآنِ؟! |
| وما اسْتقَرَّ قَرارِي.. فهو مُضْطَـرِبٌ |
| ما بَيْنَ مَتْرَبَـةٍ تُشجـي.. وغُنْيـانِ! |
| كأَنَّني لَسْتُ إنْساناً له مِقَةٌ |
| يَظُنُّها ذاتَ آلاءٍ وسُلْطانِ! |
| وهل تَحَيَّـر في الدُّنْيـا وتـاهَ بِهـا |
| عن الطَّريقِ السَّواءِ.. غَيْرُ إنْسـانِ؟! |
| * * * |
| إنَّ الغَرِيزَةَ تَسْتَهْدِي بها أُمَمٌ |
| غَيْرَ الفَرِيقَيْن.. مِن إنْسٍ ومِن جَـانِ! |
| يا ليْتني كنْتُ ضَيْفَهُمـا. أَوْ كُنْتُ أَرْنَبهَـا كـي لا يُضَلِّلَـني شَكِّـي وإيقانـي! |