شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الشيخ محمد الغنيمي.. التفتازاني!
وأتذكر من الشخصيات التي تركت أثراً في من رآها أو اجتمع بها في أحد مواسم حج تلك الأعوام شخصية السيد محمد الغنيمي التفتازاني شيخ الطريقة الغنيمية الصوفية، فقد كان بين كبار حجاج ذلك العام، وكان ضيفاً على أمين العاصمة "مكة"، الشيخ عباس قطان، وقد زار الملك عبد العزيز واجتمع به مرات، وكانت لقاءاتهما مستمرة، كما كان لقاؤه كثيراً مع بقية رجال الدولة، وأخصهم وزير المالية الشيخ عبد الله السليمان، ولم يكد يصل السيد التفتازاني إلى الحجاز حتى التف حوله البارزون من الشباب بمكة، يزورونه في بيت القطان ويجتمعون حوله في الحفلات والمناسبات التي يحضرها، وله في تلك الرحلة أخبار عسى أن يتيسر لي ذكرها في مناسبة أخرى.
قصدت بالاستطراد إلى ذكر تلك الأسماء اللامعة بين جماهير الحجاج في مواسم الحج أن أشير إلى أهمية أداء تلك الفريضة، وحضور ذلك المؤتمر السنوي، وتعارف الوافدين فيه بعضهم إلى بعض من مشارق الأرض ومغاربها في العالم الإسلامي، فأضيف هذه الصلات التي حث عليها الإسلام إلى ما سبق في حلقات ذكرياتي من الإشارة إلى أن تلك الأيام كانت تتماوج بالإخاء العربي والإسلامي، يقبل الناس فيها بعضهم على بعض ويتوادُّون ويتراحمون ويتزاورون، ويكفي أن تجيء شخصية بارزة من قطر من الأقطار العربية إلى قطر عربي آخر حتى ينشغل الناس بالترحيب بها وزيارتها وتكريمها، وجعلها تحس أنها بين أهلها وفي وطنها.
وهكذا عندما كان هؤلاء يفدون للحج يشغلون الشباب في تلك السنوات المتعددة المتوالية بالالتفاف حولهم وتكريمهم والأخذ عنهم، وعندما جاء طلعت باشا في أول زيارته إلى المملكة كان على الترحيب والتأهيل من الملك عبد العزيز ونائبه الأمير فيصل ورجال دولته ومنا نحن الشباب، فكنا نتشوق إلى الذهاب إلى مقر إقامته مع أعضاء بعثته الاقتصادية من بنك مصر وشركائه، ونحتفي بالجميع حفاوة تصدر من قلوبنا، وعندما زار الشاعر حافظ إبراهيم وأمير الشعراء أحمد شوقي لبنان وسورية شغلا الناس، وتجمع عليهما الشباب ورجال البلدان الرسميين وغير الرسميين، فكانت الأيام والليالي مشرقة بهما تلاحقهما الكرامة والإكرام والاحترام مقرونة كلها بالمحبة والإخاء، فكانت تلك الأيام في البلاد العربية كلها كأنها أيام أعراس وأفراح، وعندما يجيء الدكتور طه حسين أو الأستاذ عباس محمود العقاد في زيارة إلى فلسطين أو السعودية قبل الحرب وبعدها يشغلان الناس بزيارتهما والترحيب بهما، وهكذا كانت الدنيا العربية يومئذ تتماوج بالعواطف والمحبة والاحترام في جميع محافل الأدباء والشعراء ورجالات البلاد وحكوماتها.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1199  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 58 من 191
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور محمد خير البقاعي

رفد المكتبة العربية بخمسة عشر مؤلفاً في النقد والفكر والترجمة.