شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
أقلل عتابك
لا بد أن لاحظنا من الإخوانيات السابقة، يشكِّل العتاب جزءاّ أساسياً من الشعر الإخواني، كما أشار د. محمد عثمان الملا في كتابه القيّم "الإخوانيات في الشعر العباسي". كان الشعراء والأدباء، وكما هم الآن، يتضايقون من كثرة العتاب، وفي ذلك قال بشار بن برد، وأحسن في قوله:
إذا كنت في كل الأمور معاتباً
صديقك لم تلقَ الذي لا تعاتبه
ولكنهم كانوا يتضايقون أيضاً من عدم العتاب، فهو يدلّ على عدم الاكثراث. العتاب على الأقل دليل على الاهتمام والحرص على الصديق. وكانت العرب تقول "كثرة العتاب إلحاف وتركه استخفاف". إنه بالأحرى أشبه بالنقد، فالأدباء والفنّانون يتضايقون إذا لم ينقد كتابهم أو عملهم الفني، ويتضايقون أيضاً إذا أمعن الناقد في انتقادهم.
لقد قيل الكثير من شعر العتاب الإخواني، ومن أبدع ما ورد في هذا الباب شعر سعيد بن حميد الذي أورده البيهقي في كتابه "المحاسن والمساوىء". وفي ذلك الشعر يعاتب الشاعر صديقاً له أمعن وتمادى في عتابه فخاطبه متوسلاً أن يقلّل من ذلك، ويذكره بقصر الحياة التي لا تتسع لكل هذه المعاتبات والملامات بين الأصدقاء والخلاّن، قال ناصحاً إياه:
أقلل عتابك فالبقاء قليلُ
والدهر يعدل تارة ويميلُ
لم أبكِ من زمن ذممت صروفه
إلاّ بكيت عليه حين يزولُ
ولعل أحداث المنية والردى
يوماً ستصدع بيننا وتحولُ
فلئن سبقت لتبكينَّ بحسرة
وليكثرنّ عليّ منك عويلُ
ولتفجعنّ بمخلص لك واثق
حبل الرجاء بحبله موصولُ
ولئن سبقت -ولا سبقت- ليمضين
من لا يشاكله لديَّ خليلُ
وأراك تكلف بالعتاب وودّنا
صافي عليه من الوفاء دليلُ
ولعلّ أيام الحياة قليلة
فعلام يكثر عتبُنا ويطولُ؟
 
طباعة

تعليق

 القراءات :800  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 18 من 76
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة بديعة كشغري

الأديبة والكاتبة والشاعرة.