شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
جحظة في سخريته
كنت أتصفح الكتاب الفريد والملذ الذي كتبه الشاعر والأديب الكويتي أحمد السقاف عن أديرة العراق باسم "الأوراق"، فاستوقفتني أبيات إخوانية ظريفة قالها الشاعر العباسي أحمد بن جعفر بن موسى بن يحيي بن خالد البرمكي، والمعروف في عالم الأدب والشعر باسم جحظة، وكان هذا ميّالاً الى الشعر والأدب واللغة والفلك والطرب، مولعاً بالنوادر وظرف العشرة. يجيد الغناء والموسيقي وله صوت عذب. إنه في الواقع الشخصية النمطية لشخصية الظريف الكلاسيكية وشخصية الفنان المعاصرة، فعلى حسن أدبه وطيب مجلسه، كان كما يقول السقاف، على جانب كبير من القذارة والدناءة .
دخل يوماً منع اثنين من الظرفاء على عريب المأمونية، جارية الخليفة الأمين ومن بعده المأمون، فأنكرته وامتعضت من هيئته، فقيل لها: هذا من أهلك، أبوه جعفر بن موسى البرمكي، وهو يغني بالطنبور. وامتحنته فغنى لها أصواتاً استحسنتها وتنبّأت له بصيت في الغناء، ثم أكرمته بمائة دينار.
وكان جحظة في حاجة لتلك المائة دينار لشظف العيش الذي كان يعينه مما جعله يتبرّم من الحياة ساخراً بأرباب السماح. دعاه خلّ من خلاّنه الى وليمة وكان هذا على جانب كبير من البخل والحرص، فخرج منها جحظة لينطق بهذا الأبيات المفعمة بالسخرية والغنية بروح الفكاهة:
لنا صاحب من أبرع الناس في البخل
وأفضلهم فيه وليس بذي فضل
دعاني كما يدعو الصديق صديقه
فجئت كما يأتي إلى مثله مثلي
فلما جلسنا للغداء رأيته
يرى إنما من بعض أعضائه أكلي
ويغتاظ أحياناً ويشتم عبده
وأعلم أن الغيظ والشتم من أجلي
أمدّ يدي سراً لآكل لقمة
فيلحظني شذراً فأعبث بالبقل
الى أن جنت كفي لحتفي جناية
وذلك أن الجوع أعدمني عقلي
فأهوت يميني نحو رجل دجاجة
فجرت -كما جرت يدي رجلها- رجلي!
 
طباعة

تعليق

 القراءات :889  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 15 من 76
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج