شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
نحيب القوافي
في رثاء أمير الشعراء أحمد شوقي
حين نشر نبأ وفاته رحمه الله في أوائل الثلاثينيات، فارتجّ له العالم الأدبي في الوطن العربي. وقد نظمتها آنذاك وأنا طالب في كليتي الحقوق والآداب بالجامعة السورية (جامعة دمشق حالياً) سنة/ 1932م. وقد أسمعتها إذ ذاك الصديق الأديب الأستاذ أحمد عبيد فأشار علي بنشرها، ثم شغلتني الامتحانات الجامعية عن تبييضها ونشرها فبقيت محبوسة في مسودتها:
لِتبكِ القـوافي، فهي أشجى وأثكَـلُ
فـإن وفَتِ الميثاقَ فهْـيَ السَّمَوْألُ
أما عاهدتْ عينيك، شوقي، عيونُها
بأنْ لا تزالَ الدهرَ بَعدك تَهمُلُ؟
ألم يكفِها بالأمس رُزْء بحافظٍ
عظيمُ المآسي مستطيرٌ مجلْجِلُ؟
فيا ويحها ما أعظمَ اليومَ خَطْبَها
وأوجـعَ مـا تُدْهـى ومـا تتحمَّلُ
* * *
أميرَ القوافي، والإمارةُ بعدما
نُعيتَ إليها اليومَ، صرحٌ مزلزَلُ
رفعت لهـا عـزاً، وأَنْشـرت سـؤدداً
وخير أميـرٍ مَـن بـه العـزُّ مُقْبـلُ
تَنازَعها من بعدك اليومَ عصبةٌ
ولـو كنت حياً مـا تحـرَّك مِقْـوَل (1)
ألا إن هاتيك الإمارة عُطِّلـتْ
إلى أن يُرى في أمّة الشعر مُرْسَلُ
ويأتينا بالمعجزات التي أتـى
بـأروعهـا منـك البيانُ المعسَّـلُ
* * *
لئن قيل: من للقافيات يَحُوكها
إذا مـا مضـى كعـبٌ، وفوَّز جَرْوَلُ (2)
فقد زانها من صَوْغ شوقـي أميـرِهـا
حِلىً لم تكن فـي مثلـها قبلُ تَـرْفُـلُ
جريت فلم يدرك غبارَك لاحقٌ
وحلّقتَ حتى ارتاع من يتأملُ
فتحتَ حصونَ الشعر في كل حَلْبـة
فلم يبق باب دون قصدك مقفَلُ
وأبرزت في فنّ القريض بدائعاً
تنـادي: انظـرونـي، حينمـا تتمثَّلُ
وأخرجت خَبْءَ (3) الشعر في كل مَوسمٍ
فمنك له زرعٌ وضَرْع وسُنْبُلُ
وفيه أزاهيرٌ لنا وحدائقٌ
يطوف بها الصاحي الطَّروبُ فَيَثْمَلُ
وفيه رياض للطفولات أُنشئـت
فتلـك وُرودٌ نُـوِّعت وقَرَنْفُـلُ
وفيه المراثي الخالدات جعلتَها
سِجِلاًّ بـألـوان البُطولات يَحْفِلُ
وفيه من مناجاة، وفيه رقـائـق
وفيـه لمـن رام الهـوى مُتَغَـزِّلُ
وفيه من اللهو البريء دُعابةٌ
وفيه من التمثيل ما هو أَمْثَلُ
* * *
نزعت إلى التجديد في الشعر إذ رأت
عيـونُك نقصـاً، فانبـريـت تُكمِّلُ
وما جعل التاريخَ في العرب شاعرٌ
يعيـد لنـا أشخـاصَه تتجـوّلُ
فتنشر أخلاقاً، وتحيي مآثرا
وتبعـث آلامـاً، وتَقْضـي فَتَفْصِلُ
نفختَ لهم في الصُّور فارتـدّ وعيُهـم
وكلُّ من الأَجْداث قـد قـام يَنْسِـلُ:
"فمجنون ليلى" جاء يشكـو هيـامـَه
ومهجتَـه الحَرَّى التـي تتملمـلُ
و "مصرعُ كِلْيوبتْرةٍ" عـاد ماثلاً
لأعيننـا فيـه العظـات تُفصِّلُ
ومـن حيـوان الخلـق أنشـأت نادياً
فأنطقتهـا فيـه وأنـت تُسجِّـلُ
حكاياتُها فيهـا دروس وعِبرةٌ
وتَبْصرةٌ جُلَّـى لمـن يتعقّلُ
طيورٌ ووَحْشٌ أُنطقتْ حِكمـاً غـدَتْ
مَضـاربَ أمثـالٍ فتُـروى وتُنْقـلُ
تربى بهـا الأجيال كـي تَلْزَم الهـدى
وتَغْـذو عقـولَ الناشئيـن فتكْمُـلُ
فتسليـةٌ مُثْلـى، وتـوعيةٌ لهـم
وعلـمٌ وتوجيـهٌ لـذيـذٌ مسلْسَـلُ
وما الأدب القوميُّ إلاَّ مـدار سٌ
بهنّ الشـعور الحـيّ يسمـو وينبُـلُ
كذا فلْيَقُم بـالشعر من كان شـاعـراً
وإلاَّ، فحسْبُ الشعرِ شـوقـي المفضَّلُ
 
طباعة

تعليق

 القراءات :811  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 16 من 56
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور سعد عبد العزيز مصلوح

أحد علماء الأسلوب الإحصائي اللغوي ، وأحد أعلام الدراسات اللسانية، وأحد أعمدة الترجمة في المنطقة العربية، وأحد الأكاديميين، الذين زاوجوا بين الشعر، والبحث، واللغة، له أكثر من 30 مؤلفا في اللسانيات والترجمة، والنقد الأدبي، واللغة، قادم خصيصا من الكويت الشقيق.