أرى الأيـام تُـرْهقنـا عنـادا |
وتَـأبـى أن نـرى منهـا ودادا |
وننـأى عـن مـواجهـة الـرزايـا |
فتـدنـو كلمـا زدنـا ابتعـادا |
هـي الأهـوال كـم نَفِـدت قـرونٌ |
ولـم نبصـر لمنبعهـا نفـادا |
إلام صـروف هـذا الـدهـر تعـدو |
وتعبـث فـي أكـارمنـا اصطيـادا؟ |
فيـا ليـت الحِمـام غدا حَمـامـاً |
يكـون لمَنْسِـر البـازيّ زادا
(1)
|
فكـم أدمـتْ بـراثنُه قلـوباً |
وكم فجعتْ قساوتُه عبـادا |
ولـو تـدري المنيـة من أصابت |
لما خلعتْ له عنها الحِدادا |
أَبَعـد المنفلـوطـيّ المفـدَّى |
نحـاول فـي ذرى الأدب ارتيـادا |
فتـى كـانـت مـآثـره شمـوسـاً |
فأدهش ضـوؤهـا هـذي البـلادا |
إذا قبضـت أنـاملـه يـراعـا |
يقـود المعجـزات بهـا اقتيـادا |
* * * |
فقيـد الفضـل والأدب المعلَّـى |
سمـوتَ فلـم تغـادر مستـزادا |
وأخفـى ذكرُك الكتاب قبلاً |
فما خلـنا لسـوقهـمِ مَعـادا |
وأَنسـانـا حميـداً وابـن يحيـى |
بديـعا، والمقفَّـع والعمـادا
(2)
|
* * * |
فقيـد الفضـل والأدب المعلَّـى |
من استخلفـت للفصحـى عمـادا؟ |
لقد خـرسـت عقيـرتُها وكـانـت |
تجـرّد منـك ألسنـةً حِـدادا |
وقد دوَّنتَ للآداب كتباً |
فجـاءت كـالعـروس لنـا تَهـادى |
فذي "النَّظَـراتُ" لـم تنظـر نظيـراً |
وذي "العبراتُ" لـم تبـرح تُهـادى |
سيخلـد منـك للكتـاب نهـجٌ |
وآثـارٌ غـدتْ لهمـو مـدادا |
فأَعظِمْ باحتـرامـك مـن مُصابٍ |
نَضَـا مـن مقلـة الأدب السـوادا |
ولم أر كالبلاغة من نتاج |
علـى الأجيـال يخلـد مستجـادا |
عقـول النـاشئيـن بـه تُربَّـى |
ويبقـى بعـدهـم أبـداً عَتـادا |
ومَن في الأرض لم يغرس فخـاراً |
فـأَجـدِرْ أن يكـون لهـا سَمَـادا |
* * * |
عزاءُ القوم أنك لم تفارق |
وقـد خلَّفـت كنـزاً مستفـادا |
فمـا قدمـتَ مـن أدب رفيـع |
ستبقـى بعـده حيـاً تُنـادَى |