شُعْلَةُ الحَقِّ تَسْتَقي مِنْ دمانا |
فَلْيَكُنْ دَرْبُنا لَظىً ودُخانا |
ما عَلَيْنا إذا مَضَيْنا لِيَبْقَى |
عَلَمُ الضادِ خافِقاً في ذُرانا؟ |
كلُّ غالٍ فداؤُها غَيْرُ غالٍ |
مُجدّداً في ضَريحه عَدْنانا |
إنَّها عِرضُنا فمِنْ لَمْ يِصُنْه |
كان بَيْنَ الرجالِ نِكْساً جَبانا |
بَرئ الشِعْر مِنْ رَطانة رَهْطٍ |
نَكِراتٍ تَخالُهَ هَذَيانا |
نَفَضَتْ كَفها الفَصاحَةُ مِنْهُم |
واستَحَى يَعْرُبٌ وغَضَّ هَوَانا |
زَعَموا أنَّهُم دُعاةُ جَديدٍ |
قُلْتُ غَنّوا مُوّالكم لِسِوانا |
لَيْسَ في الشِعْر طارفٌ وتَليدٌ |
إنَّ في الشِعْر حِنْطَةً وزُؤانا |
كُلُّ قَوْلٍ تلبَّسَ الليلُ ثَوْباً |
ساءَ فألاً وأوْقَرَ الآذانا |
لَمْ يَطِـرْ في مسـابح النَـجْم ديـكٌ |
فاكْتَفَى أنْ يُغَيّر العُقْبانا |
إنَّمـا الشِّعْـر نَفْـحَةٌ تُنْـعِشُ القَلْبَ |
وَلحْنٌ يُهَدْهِدُ الوِجْدانا |
نَحْنُ لا نَكْرهُ الجَديدَ، ولكنْ |
نَكْرَهُ الزَّيْفَ، نَكْرَهُ الرَوَغانا |
قَدْ عَشِقْنا الجَمالَ خَداً وقَدّاً |
واسْتَجَدْناه فِكْرةً وبَيانا |
كَسَد الشِعْرُ مُنْذُ أصْبَح لغْواً |
وَخَبا نورُه وهانَ ودانا |
عاثَ فيه وجاسَ كلُّ غُرابٍ |
يا رِفَاقي ألا ازْجُروا الغِرْبانا |
لَمْ نُهادِنْ ولَنْ نُهادِنَ رَهْطاً |
بَلْبَلوا ذَوْقَنا وغَلُّوا خُطانا |
* * * |
يا بُغاثَ القَريـض جَـدَّدَ جُـبْـرانُ |
فهَلاَّ اقْتَفَيْتُمُ جُبْرانا |
لَمْ يَكُن شِعْرُه طَلاسِمَ هاذٍ |
بَلْ بيَاناً مُجَنَّحاً ريّانا |
جاء بالمُعْجِزات، لَمْ يَتَنَكَّرْ |
للتُراثِ الذي تحدّى الزَمانا |
ثارَ لكنْ على اجْترار المَعاني |
وعلى الجهْل يَدّعي العُرْفانا |
وعلى النَثْر يَستحيل بَخوراً |
وعلى الشِعْر يَنْتهي بَهْلوانا |
كَبُر الفَرقُ بَيْنَ ثَوْرة بانٍ |
ودَعِيّ يُهَدِّمُ البُنْيانا |
* * * |
يا أخا الـوُدِّ أْلـفُ مَرْحـىً ومَرْحـىً |
هُجْتَ وَجْدي فلا تَلُمْ أسْوانا |
شَدَّنا الحَـرْفُ، وهُـوَ أكْـرَم قُرْبـى |
والتَقَيْنا عقيدةً ولِسانا |
غَمَرَتْني يَداك بالتِبْر، فاسْلَمْ |
كيفَ لي أنْ أصـوغَ شُكـري جُمانـا |
شَرّدَتْنا الرِّياحُ شَرْقاً وغَرْباً |
أتُرانا فُروضَها، أتُرانا؟ |
ذابَ قَلْبي إلى الدِّيار حَنيناً |
مَنْ لِقـلْبٍ يَخـوضُ حَـرْباً عَـوانا؟ |
كلَّما لاحَ بارِقٌ مِنْ رَجاءٍ |
خابَ آناً وفَاته الحَزْمُ آنا |
يا بلادي إذا قَضَيْتُ غَريباً |
أوْسِعي لي على ثَراك مَكانا |
عِشْتُ أصْبـو إلَيْـكِ قَلْبـاً ورُوحـاً |
فانْقَعي نارَ لَهْفَتي جُثْمانا |