شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
- 51 -
يا أمةً قَهَرَتْ جيوشَ غُزاتِها
بالماضيين رجائِها وإِبائها
سرتِ الزَّعامةُ فيكِ داءٍ قاتلا
فحذارِ ثُمَّ حذارِ من بَلوائها
لا تطمئني للوعود، فَطالما
حملتْ عوادي الشرِّ في لألائها
حطّمتِ نيْرَ الأَجنبيّ فحطِّمي
نيْرَ الزَّعامةِ تَبرئي من دائِها
أَشقى الأنامِ – لمن تَبصَّرَ – أُمةٌ
تنقادُ صَاغِرةً إلى زُعمائِها
* * *
- 52 -
مالي سَئمتُ من الحياة ولم أَزلْ
في فَجرِ أَيّامي وزهوِ شَبابي
لا القلبُ يَخفقُ كُلَّما ضحكتْ له
ليلى، ولا يهفو لثغر رَبابِ
عَبَسَ الوجودُ بناظري، فصباحُهُ
كمَسائِهِ، وسُلافُه كالصَّاب
يا لائمي لا تتعبنَّ، فإِنني
حطّمتُ قيثاري وعفتُ شرابي
أَنا بلبلٌ زَاهي الجناحِ جميله
لكنَّ في جنبيَّ روحُ غرابِ
* * *
- 53 -
قالا تقاربتِ القُلوبُ وزالَ ما
بينَ الورى من فتنةٍ وخِلافِ
قلتُ الشعوبُ من الفسادِ بريئةٌ
لا يغدرُ الحافي الشريفُ بحافِ
أَصلُ البلاءِ هُمُ الذين تحكَّموا
بالنَّاسِ وارتفعوا على الأكتاف
نَامتْ عن البَاغي العيونُ فصفَّقتْ
أَطماعُه بقوادِمٍ وخَوافِ
كالذئبِ يستشري، فيفتك حينَ لا
يخشى عصا الرَّاعي، بِسِرْبِ خِرافِ
* * *
- 54 -
يا عاقدينَ على الغريبِ رَجاءَكُم
هيا انسجوا لرجائِكم أكفانا
لا تُغرِكم هذي الوعودُ، فإنَّها
تُخفي وراءَ بريقِهَا الثُّعبانـا
ضَحِكَ الغريبُ عليكُم فضحكتُمُ
فَرحاً وسرتُمْ خَلفَهُ عُبدانـا
ليس العمى أَن تعتريكَ غِشاوةٌ
إنَّ العَمى أَن تنطحَ البُرهانـا
أَرأيتَ قبلَ اليومِ ذئباً جائعاً
يرعى بعينِ حَنانِهِ الحملانا؟
* * *
- 55 -
ولقد بكيتُ على الشبابِ ولم أَزلْ
أَبكي عليهِ بدمعةٍ لا تنضُبُ
من وحيِهِ شِعري، ومِن فِردَوْسِهِ
عِطري، ومن يَنبوعِهِ ما أَشربُ
صاحبتُه لا بسمتي مجروحةٌ
وَلْهى، ولا قَلبي شكيٌّ مُتعبُ
لم يبقَ عندي، بعد فَاجعتي بهِ
أَملٌ على أُفُقِ الشَّبابِ مُذهّبُ
ما العمرُ إلاَّ بالرجاءِ فإنْ مَضى
زمنُ الشبابِ فكلُّ برقٍ خلّبُ
* * *
- 56 -
يا مَن يُحاول أَنْ يُشوِّه سمعتي
وينالَ من أَدَبي أمامَ الناسِ
قُلْ ما تشاءُ فلنْ أَحطَّ كرامتي
مهما غَوَيْتَ ولن أُحَقِّرَ ماسي
من كان مثلي لا يُهدّم مَجدَه
هذيانُ محمومِ النُّهى دَسَّاسِ
اللهُ حَسبي، لستُ أَرجو غيرَه
بُشراكَ فالْحقْ أَنتَ بالخنَّاس
إِني حبستُ عن الوقيعةِ منطقي
وشهرتُ في سوق الخَنا إِفلاسي
* * *
- 57 -
لقّحْ بأفكاري قريضَك إن تَشأْ
فلقد أبحْتُ روائعي وخواطري
لا تَخْشَ من تخشى الفحولُ نِزَالَه
ماذا تهمُّ البحرَ حسوةُ طائرِ
حسبي إِذا استقويتَ أَنَّك لم تكنْ
لولاي أَكثرَ من جدارٍ هَائرِ
بسطَ الإِلهُ عليَّ وارفَ ظِلِّهِ
أأعقذُه عقَ الشحيحِ الكافرِ؟
من لا يجودُ على الدَّعيِّ بفضلِةِ
من فيضِ ثروتِهِ فليسَ بشاعرِ
* * *
- 58 -
أَوسعتُ صَدري للنِّبال تنوشُه
وعلمتُ أَني قاتلٌ وقتيلُ
وتشابهتْ شتى المعاني واستوى
عِندي كريمٌ في الورى وبخيلُ
لا ليلَ إلاَّ سوف يعقُبُه ضُحىً
لا ضحكَ إِلاَّ قد يليه عويلُ
أحسنْ إلى الأَعداءِ تأمنْ شرَّهُمْ
واغفرْ، فأَجرُ الغافرينَ جَزيلُ
ليسَ احتفالُك بالجميلِ مُروءةً
إنَّ ابتسامك للقبيحِ جَميلُ
* * *
- 59 -
يا مَن يَزينُ ليَ الوَعودَ لأَنثني
عن مَبدئي، وأُمجِّدُ الأَقزاما
دعواك باطِلةٌ ووعدُكَ كاذبٌ
فاعرضْ لغيري هذه الأوهاما
هيهات يجمعُنا طريقٌ واحدٌ
أَوَ أنتَ أَعمى القلبِ أَم تَتَعامى؟
أنا لا أَبيع كرَامتي، بل ذرّةٌ
منها بثروةِ من بنى الأَهراما
* * *
- 60 -
أوصدتُ قلبي عن كلامِكَ فاقتصدْ
أوْلا ففي الحالين لستُ بسامعِ
أُذُني إليكَ وخاطري في شاغلٍ
عن تُرَّهاتِ حديِثكَ المُتدافِعِ
أَدبُ المجالسِ أَنْ تُحدِّث لحظةً
وتُصيخَ أُخرى للجليس البارعِ
ما دمتَ وحدَك للكلامِ فلن تَرى
فينا سوى متثائبٍ أو هاجعٍ
لَنسيتُ فيك بليّتي وغفرتُها
لو كنتَ تملكُ ردَّ وقتي الضَّائِعِ
 
طباعة

تعليق

 القراءات :517  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 400 من 665
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور محمد خير البقاعي

رفد المكتبة العربية بخمسة عشر مؤلفاً في النقد والفكر والترجمة.