حَسَدْتْ عليَّ العمر يا ويلاهُ |
لو أنها تدري الذي ألقاه |
قالت وقد عُرضت عليها صورتي |
فوجئت فيما لاح من سيماه |
قد كنتُ أحسب أنه بلغ المدى |
من عمره ونأت به دنياه |
وابيضَّ منه الشَعرُ حتى لم يعدْ |
من لونِه ما كان رمز صباه |
ورسمتٌ صورَته فقلتُ بخاطري |
شيخٌ تُسبِّح للصبا شفتاه |
يُومي إلى الأمس البعيد بشعره |
برماً بحاضره الذي يأباه |
ويحنُّ للماضي بقلب والهٍ |
تَعبٍ، ويحلم أنه يلقاه |
* * * |
ويحَ الزمان لقد برمتُ بفعله |
أوّاهُ من نكباته أوّاه |
أرأيتِ وجهي كيف ينطقُ بالأسى |
والحزن يترك في العيون صداه |
تالله لولا العاديات رأيت بي |
مرح الشباب وروحه ورؤاه |
وسمعتِ صوتي يستعيدُ لـ "معبدٍ" |
أيامه ويُعيدُ من ذكراه
(1)
|
لكن وقد غدر الزمان فإنني |
ودّعتُ أحلام الصبا وهواه |
وقنعت من دهري بأني شاعر |
هاوٍ يبثُّ بشعره نجواه |
يمشي على شوك القتاد وقد نأى |
دربٌ به وتخضبتْ قدماه |
في صدره قلبٌ صبورٌ للأذى |
يشكو ويسمعٌ صامتاً شكواه |