ردّي السلام فإني قادمُ عجل |
أسرى بي الشوقُ "يا صنعاء" والأمل |
تطوي ركابي ديارَ الله واحدة |
في أثرِ أخرى أناجيها وأرتحل |
في كل أرض زرعتُ الشوق ملتهباً |
وجمرُهُ في حنايا القلبِ يشتعل |
أفنيتُ عمري وآمالي تسابقُني |
أدنو فتنأى، أوافيها فتعتزل |
وما يزال مدارُ الشوط يُبعدنا |
عن بعضنا فهي لا تدنو ولا أصل |
* * * |
"صنعاء تالله" لو تدرين أيَّ جوىً |
بين الجوانحِ كالبركانِ يعتمل |
ما زال تغلي بأعماقي مراجله |
كأنها بقليبٍ منه تتصل |
"صنعاء" جئت إليك اليوم مبترداً |
حرّ الغليل إلى مغناكِ يبتهل |
لعلّني واجدٌ عند التي احتملتْ |
من الهمومِ جبالاً ليس تُحتَمل |
بعضَ التأسي وصبراً يُستعانُ به |
إن الجراح بملحِ الصبر تندمل |
* * * |
"صنعاءُ" يا هبةَ التاريخ من سبأْ |
للآن يمرحُ في أحداقكِ الأمل |
أسوارُك الحجرُ الصمَّاء ما برحت |
تروى أساطيرَ مما خطَّهُ الأزل |
و (عرشُ بلقيسَ) إذ أخفوا معالمَه |
ونكّروه بعينها وقد سألوا؟ |
ما غابَ عنها وقد بانت ملامُحه |
بأنه (عرشُها) ذاكَ الذي حملوا
(2)
|
فأستلهمي فِطنة الماضي وحكمته |
فإن ماضيك فيه يُضرب المثل |
واستقبلي غَدكِ المأمولَ واثقةً |
أن العيونَ به لا بدَّ تكتحل |
وأن ما فاتَ من هولٍ ومسبغةٍ |
مما جرعتِ عليه السترُ ينسدل |
* * * |
(صنعاء) رُدّي إلى الأيام بهجتها |
وليضحكِ السفح والأعراشُ والجبل |
ولتزدهرْ أرضُكِ المعطاءُ، أخضرُها |
بالأسود الذهبِ المكنونِ يحتفل |
إني أرى فجرَك الزاهي وقد شخصت |
من كلِّ صوب إلى لألائِه المُقل |