عيناكَ مائدةٌ.. ودمعُكَ راحُ |
فمتى يُعانقُ ليلَكَ الإِصْباحُ؟ |
تمضي على شوكِ الدروب مكابراً |
وعليك من غَدْرِ الطغاةِ رماحُ |
خَلَعَ العذابُ عليكَ بُرْدَةَ لوعةٍ |
سوداءَ تَنْسِجُ خيطها الأَتْراحُ |
وَتَرَشَّفَتْ دَمَكَ السخينَ حبيبةٌ |
خلفَ الجدارِ، لها عليكَ طِماحُ |
عذراءُ سامَرَها الأَسى فَأَذَلَّها |
شَوْقٌ، وغادَرَ ليلَها المصباحُ |
* * * |
أهواكِ؟ ما لِمُشَرَّدٍ أفراحُ |
كيف الهوى والأغنياتُ نُواحُ؟ |
أنا يا ابنةَ العشرين حقل صَبابةٍ |
ومياه عشقي – في القديم – قَراحُ |
لا تعذليني إنْ سَلَوْتُكِ، لم يَعُدْ |
في خافقي للفاتناتِ مَراحُ |
طيرٌ أنا قلبي، إذا سَكَنَ الدجى: |
يمضي به نحو العراقِ جَناحُ! |
للأرضِ إحساسٌ كما إحساسُنا |
ولها – كمثلِ حياتنا – أَرْواحُ! |
يا بَيْدَرَ الصَبَواتِ إنَّ لنا غداً.. |
مهما اسْتَبَدَّ بسيفِهِ السفَّاحُ |
السيفُ ما ذبح العبيرَ، ولا التُقى |
وَلَئِنْ سَقَطْنا: فالخلودُ رِباحُ |
يَتَخَضَّبُ الجسَدُ الشهيدُ ليرتقي |
مجداً، ومن دَمِهِ يقوم أُقاحُ |
لولا سياطُ القهرِ ما اشْتاق الورى |
عدلاً، ولا ملأَ الفضاء صُداحُ |
الموجُ نبضُ البحرِ، لولا موجُهُ |
ما لَذَّ في قهرِ البحارِ كِفاحُ |
* * * |
يا قلبُ لا ذُقْتَ النعيمَ ولا ازْدَهَتْ |
عينايَ – والوطنُ الجريحُ مُباحُ! |
أَسْرَجْتُ أحداقي على شُرُفاتِهِ |
ودمي لقافلةِ المنى: مصباحُ |
لو خُنْتُ حبَكَ يا عراقُ لَخانَني |
نُسْكي وليْ نحو الصلاةِ رَواحُ |
وعَساي – إنْ هادَنْتُ باسمِكَ قاتلاً |
شعبي: يُغادرني الغَدُ المِمْراحُ |
تَعرى الرجولةُ من وشاحِ فضيلةٍ |
إنْ لمْ يُزِنْها للصَلاحِ جِماحُ |
أشجارُ عمري الأربعون يبيسَةٌ |
فَلِمَنْ غَرَسْتُ إذا الحصادُ جِراحُ؟ |
دَمُنا مِدادُ كتابِ مَجْدِكَ.. إننا |
لِشِراعِ فجرِكَ يا عراقُ: رِياحُ |
* * * |
لا توقِظوا هذا الشهيدَ فإنه |
سيقومُ كالبركانِ حين يُراحُ! |
وَدَعوا عليه دمَ الشهادةِ ساخناً |
فَدَمُ الشهادةِ للشهيدِ وِشاحُ |
هذا الوثاقُ على يديه: وَصِيَّةٌ |
أنَّ السلاحَ لقيدِهِ: مفتاحُ |
يا "نَغْلَ عفلقَ" لستَ أَوَّلَ مارِقٍ |
دَمُهُ من العمرِ القديمِ: سِفاحُ |
لو أَسْقَطَتْ عيناكَ نظرتها على |
نهرٍ: فَقَدْ نَجَسَتْ عليه بِطاحُ! |
كُنْ ما تشاءُ.. فللشعوب صباحُ |
تَفنى به عتَمٌ، وتشرقُ ساحُ |
* * * |