| طَرَقَتْكَ لبنى؟ أَمْ دَعَتْكَ لميسُ |
| فالليلُ زِقٌّ.. والهمومُ كؤوسُ |
| يا مُطْعِماً للحزنِ صَفْوَةَ عمره |
| إنَّ الجراحَ إذا صَدَقْنَ: شموسُ |
| حَتَّام يُضْنيكَ العذابُ وَتَرْتَعي |
| ضَيْماً، وحتَّامَ العراقُ حَبيسُ؟ |
| نَخَلَ الهوى قلبي، فما لعراقنا |
| في كل يومٍ "داحسٌ" و"بَسوسُ"؟ |
| وَلَكَمْ نَهَضْتُ مع الصباح |
| مُؤَمِّلاً أنَ الذي أَبْصَرْتُهُ: كابوسُ!! |
| بغدادُ ما عادَتْ عروسَ عروبتي |
| وأخو الرذيلةِ في العراق عريسُ! |
| أَخْشَى على بغدادَ من دنسٍ، وما |
| عرفتْ مطاوَعَةَ اللئيمِ عروسُ! |
| "يـا بنتَ جعفر" كم صَرَخْتُ وراعني |
| أنَّ الذي سَمعَ الصُراخَ: غَلوسُ!
(1)
|
| تخشى قوافلنا خُطى ملاَّحِها |
| ويخافُ من غلوائِهِ الناموسُ! |
| وإذا تَسَيَّدَت البلادَ عصابةٌ |
| فالظلم دينٌ، والدماء: طقوسُ! |
| من أين للفجر الصَبوحِ شموسُهُ |
| إنْ حَدَّقَتْ نحوَ الظلامِ رؤوسُ؟ |
| طَفَحَ الخَنا فَغَرِقْتِ يا ابنةَ جعفرٍ |
| وعلى حقولِكِ أَزْهَرَ التدليسُ! |
| عَتَبي على موجِ الفراتِ وَنَخْلِهِ |
| كيف اسْتكانَ فعاث فيهِ شَرُوس؟ |
| آهٍ على زَمَنٍ تَعَثَّرَ فَجْرُهُ… |
| فاسْتَعْبَدَت أرضَ الأسودِ تِيُوسُ! |
| فإذا ابنُ طاهرةِ الثيابِ مُشرَّدٌ |
| وإذا ابنُ خالعةِ الإِزارِ رئيس!! |
| وإذا العراقُ مدينةٌ غَجَرِيةٌ |
| ومن المآذنِ يشهقُ الناقوسُ! |
| * * * |
| يا بنتَ سبعين التي عُكّازها |
| صدري، وأَحْداقي لها فانوسُ
(2)
|
| يا بنت سبعين اغْتَرَبْتُ لأنَّ ليْ |
| نسكي وقد ساسَ العراقَ مجوسُ |
| في الروح مئذنةٌ تُكَبِّر للهدى |
| وعلى فمي يتبارك التقديسُ |
| جَيَّشْتُ إيماني – وكان مُلازمي – |
| ما غَرَّني ثالوثُهُ "إبليسُ"
(3)
|
| زَعَمَ ابنُ عفلقَ أن دينَ محمدٍ
(4)
|
| لم يكتملْ.. إنَّ الدَّعِيَّ دَسيسُ |
| سَمَلَ الدروبَ، فلا الصباح يَشدُّنا |
| زهواً، ولا عرف المساءَ أنيسُ |
| ما للعراقِ اليومَ يَكْظِمُ غَيْظَهُ |
| والبغيُ في بيتِ الكماةِ جليسُ؟ |
| نَسَجَ الأسى ثوباً لِعُرْيِ أرومةٍ |
| والنسجُ من كفِّ الخسيسِ: خَسيسُ |
| "تموزه" عارٌ على أعوامنا
(5)
|
| ويفوح من "نيسانه" التدنيسُ
(6)
|
| * * * |
| فَتَّشْتُ ذاكِرَتي وعهدَ طفولتي |
| هل عانَقَتْ صُبْحَ العراقِ شموسُ؟ |
| وأَسِفْتُ لا حزناً على يُتْمِ الهوى |
| إني على حزنِ العراقِ تعيسُ |
| فَرَمَيْتُ أحلامي وكان يَشدُّني |
| في مقلتيَّ من الصباحِ رَسيسُ |
| من ها هنا "نجدٌ"؟ فَيَمَّمْتُ الخطى |
| وشميمها قنديليَ المأنوسُ |
| تمشي على أَثَري حقول طفولةٍ |
| وعلى الطريق هوادجٌ ونفوسُ |
| فَتَخَضَّبَتْ روحي بِمِسْكِ حجازها |
| فإذا بروحي بالأمانِ تميسُ |
| بادَلْتُ قلبي – لو ملكتُ – بطينةٍ |
| من طين هذي الأرضِ، وهو نَفيسُ |
| أَفْصِحْ! لقد أَفْصَحْتُ يا قلبي، فهل |
| طرقَتْكَ لبنى؟ أَمْ دَعَتْكَ لميسُ؟ |
| * * * |