أَحلَى لياليَّ أَن أَخلو مع الفكَرِ |
مع الكتاب يغذِّيني مدَى عُمُري |
أَحيا لفنِّي شعوراً لا يمزِّقُه |
هولُ الحياةِ ولا يَشقيه في سفري! |
دنيا المَلا لا يُعنِّيني تَطلُّبها |
حسبي التَّأَمُّلُ والإِغراقُ في فِكَري |
أَمضيتُ شرخَ الصِّبا في معزلي وَلِهاً |
بالكُتْبِ، والنورُ في أَحضانها نَظري |
طَوراً تُحادثني الأَفكارُ ناعمةٌ |
وأَقبِسُ العلْمَ ميسوراً بمختصري |
والرُّوحُ تصفو.. وحيناً أَرتقي قمماً |
ويجهدُ الفكرُ والإِحساسُ بالسَّهر |
ولا أَملُّ مدَى السَّاعاتِ أَقتلُها |
بحثاً.. وأَبْعثُها فيضاً من العِبر |
نشَّـأْتُ نفسـي على حبِّ الكتـاب وهَـلْ |
أَبقَى وأَجملَ من رفَّاتِه الزُّهُر |
لكنَّ قلبي وقد أَصغَى لطفلتِهِ |
محرابُهـا الحسـنُ بين الطُّهـر والزَّهـر |
أَلقَى بروضتها أوهامُه زمناً |
غنَّى بها راهباً في تيههِ الخفِر |
عاش الصَّبابةَ مسحوراً بعالَمِه |
شعراً ولحناً.. وإلهاماً من السِّحْر |
ذاك الشَّبابُ.. وحبُّ الفجرِ روعتُه |
إنْ كنتُ أَحببتُ كالأَطفال في صغري |
بالأَمس كنتُ خياليّاً خُرافتُه |
تزهو بلألائها - فتَّانةُ النَّظر |
كانتْ كحلْمٍ جميلٍ لا يُضيِّعهُ |
مَرُّ السِّنين.. ويبقَى ناعمَ الطُّرر |
لكنَّهُ ظلَّ يَمضي في تلفُّتِه |
حتَّى توارَى مع الأَيَّام والغُدر |
شفَّتْ ملامحُه في كلِّ منطلقٍ |
فيه الشُّعورُ يصوغ الحبَّ بالدُّرر |
ذاكَ الجمالُ ترانيمٌ يُلَحِّنُها |
قلبي لدنيا الهـوَى السامي علـى وتـري |
* * * |
تلك المشاعرُ آياتٌ مُبَهْرَجةٌ |
غذَّتْ خيالـي.. وماجتْ في دُجَـى عمري |
أَسلو بِهـا فـي طريـقٍ لحـبٍ عبَـرتْ |
خطايَ فيه على الأَشواك والمَدر |
فيها أُصوِّرُ نجوى الرُّوح ساهمةً |
أُلقـي عن النَّفـس ثِقْلَ اللَّيـلِ والوضَـر |
وأَرقبُ الأُفْقَ.. والآمالَ أَنسجُها |
تُداعبُ الصّدرَ بالأَحلامِ والذِّكَرِ |
هذي خيالاتُ فنَّانٍ يعذِّبُه |
حِسُّ الجراح وهجسُ القلب بالقدر |
يشقَى.. يُلوِّعُهُ في همِّه ظمأٌ |
يجتاحُ مهجتَه في خطوهِ العثِر |
يشتاقُ.. والسَّلسلُ البسَّام يعبُره |
كتائهٍ في الفلا يَلتاع للمطر! |
لكنَّه عاصَر الحرمانَ يَصهرُه.. |
يُقاومُ الدَّاءَ.. بل يسمو على الغِير |
أَذكَى كآبتَه إِصرارُهُ أَبداً |
أَنْ يبلغَ المأملَ الهاني على كِبر |
يرقَى بهمَّتِه العلياءِ.. يحفِزُه |
إِيمانُ بالأَدب الباقي مدَى العُمُر |
رسالةُ العظماءِ الصِّيدِ.. حسبُهم |
عاشوا بناةَ حياةٍ حُلوةِ الصُّور |
هُنا مسالكُ دربي.. والشُّعورُ بها |
أَنْ أَستريحَ لها في جهْدِيَ الحَذِرِ |
مع الكِتاب يُغذِّيني شذَى الشِّعْر |
َأحلى لياليَّ أَن أَخلوْ مع الفكْرِ |