شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
ظلال من حياة الشاعر
"الأَربعون"!!!
الأَربعونَ معاناةٌ ومعتصمُ
حديثُها الأَمسُ بالتَّذكار ينسجمُ
طِفلٌ رضيعٌ.. بحضن الأُمِّ مرتعهُ
والوالدُ الفذُّ.. أَفراحٌ ومُبتَسمُ
طفلٌ يتيمُ الأَب الماضي إلى جدثٍ
عفَّى عليه.. وزالَ الطَّيفُ والسَّأَم
والأُمُّ تحملُ عبءَ العمر ثانيةً
زوجان قد مضيا.. فالقلبُ يختصم
وعادَ يُذهلُها المقدورُ في أَملٍ
الطفلُ شُلَّتْ له ساقٌ.. فيرتطم
لكنها صَبرتْ.. والطفلُ يَحفِزُها
فَزُوِّجتْ عمَّه.. والشَّملُ يلتئم!
لم يعرفِ الأَبَ - إِلاَّ عمَّه، ومضَتْ
به السُّنُونُ.. وفي أَحنائها الحُمم
وأُدخلَ (المكتبَ) الداني لمنزلهمْ
يُلقَّنُ الحرفَ.. والقرآنَ يَستلمُ
قالوا: هو الطفلُ مسكينٌ بحالتِه
كم روَّعتْ أُمَّه الأَوهامُ والسَّقم
قالوا: سيمضـي مع الإِعصـار في دِعـةٍ
خيرٌ له ولتلك الأُمِّ ينهزمُ!
لكنه القدرُ (الخلاَّق) لاحظَهُ
أرادَ سبحانَهُ شأْناً له ذِمم
بحالِهِ.. قاومَ الأَدواءَ وانْتصرتْ
في كلِّ آنٍ علَى عِلاَّتهِ الهِمم
عاشَ العذابَ يُغذِّي منه شعلتَهُ
فتىً.. شباباً.. وعمراً كلُّه حُمم
واسْتقطبَ العِلْمَ وُجداناً ومنطَلقاً
وحافزاً للغدِ المجهول يَنتظم
واستعذبَ السُّهدَ في ليلاتِ عزلتِه
مفكِّراً.. دارساً.. والذِّهنُ ملتئم
يَطوي الشُّهورَ فلا يَضنَى بوَحدتِه
الكتْبُ شاغلُه والفكرُ والحُمم
وناغمَ الحبَّ إحساساً.. ويُشعلُه
حسنٌ تَساقاه كأْساً فجرُها نَغم
والقلبُ أَسلمه للحسنِ مبتهجاً
ليْلاه صفوُ الحياة البِكر والحُلُم
الحبُّ أَلهاه عن سَقمٍ به نَشَبتْ
أَنيابُه.. يا لقلبٍ راعَه الشَّبم
والحبُّ أَشعلَه.. يرنو لعالمِه
دنيا عواطفُها وُدٌّ به رَحم
إنْسانُ يرجو لكلِّ الناس صفوهَمُو
وأَن يضمَّهُمُ الإِسعادُ والنِّعم
وكانَ يحلمُ أَنَّ الحبَّ يَمنـحُه
يدَ الأَليفةِ.. والآهاتُ تنعدم
لكنَّ قيساً وليلَى القلبِ.. إِفْترقا..
تغرَّبا في الصِّبا.. فالشَّملُ منحسِم
والزَّورقُ الحالمُ المنشودُ أَغرقَهُ
تيَّارُ عاصفةٍ ثارتْ بها الرُّجم
تحطَّم الأَملُ المرقوبُ وانْقبرتْ
أَشواقُ قلبيْن.. والأَحلامُ والدِّيم
لكنَّها قد صَحتْ شِعراً بلوعتها
فنّاً تُردِّدُه الأَجيالُ والرُّسم
* * *
أَوَّاه للقلبِ عانَى بالقُلاب (1) صِباً
وجاءهُ الأَلمُ المجنونُ يخْترم!
أَصابَ صمَّامه ضيقٌ يُغلغلُه
ويُرهبُ الجسمَ.. يا للنَّفس تَنهدم!
لكنَّ فيها إراداتِ الحياةِ صحَتْ
والرُّوحُ قدرتُها.. والعزمُ والذِّمم
* * *
تزوَّج الشاعرُ الشَّادي شريكتَه
دربَ الكفاحِ.. تُغنِّي حوله النُّسم
والوُلْدُ يأْتونَ في أَحضان مَرحمةٍ
هيَ الوجودُ توالتْ بينها الأُممُ
الماردُ انْطلقتْ آمالُه ومضَى
في موكب الشِّعر، تَحدوها له القِيم
يُصوِّر الحبَّ إِنسانيَّةً كمُلتْ
للْكلِّ.. حتى يسودَ العزُّ والشَّمم
وينظمُ النُّورَ إِنْشاداً وملحمةً
وينثرُ الفنَّ آداباً بها حِكَم
فكلُّ فنٍّ من الآدابِ عالجَهُ
وفيه أَبدعَ إِنتاجاً هو العِظَم
هذي رسالتُه يَحيا لها أَبداً
رفيقُه الكتبُ والأَفكارُ والقلم
تَمضي السُّنونُ.. ويأْتي مثلُها عَجِلاً
وفي خُطاها تذوبُ الرِّيحُ والظُّلم
وينتهي الزَّبدُ الطَّافي بلا أَثرٍ
والذِّكْرُ يبقَى حديثَ الدهر يَبتسم
هذي الحياةُ يَراها في تخيُّلِه
يُحسُّها واقعاً لم يُبله الهَرم
فلا يضِجُّ من الآلامِ في غدِه
كالأَمسِ لم تُثْنه الأَوصابُ والسُّدم
قد كان أَقوَى من الإِعصار مِشعلُه
والقلبُ والروحُ والأَنفاسُ والكِلم
* * *
الأَربعونَ وقد بُلِّغْتُها صُعداً
خطوي بها العنفُ والإِجهاد والنَّغم!
تَمتدُّ أَعوامُها.. والقيدُ يجذبُها!
لا يَرعوي عن شبابي فيضُها العرِم
لكنَّ إحساسيَ الورديَّ ملتهبٌ
يشدو الربيعَ وآمالاً بها ضُرَم
يَسمو تفاؤلُنا من كلِّ مشأَمةٍ
والعيدُ مطلعهُ الأَنغامُ والأَلم
هذي الحياةُ تحدٍّ لا ارْتياحَ بها
إِرادةُ الأَملِ الموؤودِ تَنتقم
حتَّى تُحقِّقَ للإِنسان نُصرتَهُ
علَى الزمانِ.. ويزهو المجدُ والقَلم
والشاعرُ الباسمُ المحزونُ.. شامخةٌ
أَيَّامُه.. في روابي الخلدِ تَحتكم
حديثُها الأَمسُ بالتِّذكار ينسجمُ
الأَربعونَ معاناةٌ ومعتَصم
المدينة المنورة: سنة 1389هـ
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1042  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 4 من 63
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الأعمال الكاملة للأديب الأستاذ عزيز ضياء

[الجزء الرابع - النثر - مقالات منوعة في الفكر والمجتمع: 2005]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج