ريبَ الزمان ترفُّقاً وكفافِ |
دعْ لي بقايا السِّرب من ألاَّفي |
بالأمس "زيدٌ" والرفاق تصرَّموا |
وجَحاجحُ الزعماء والأشرافِ
(1)
|
واليوم في "عباس" أسفحُ عبرتي |
وأريق سؤْر حشاشتي وشغافِي |
أصبحتُ أخشى أن أعيش مرزَّأً |
ًأبكي بلا دمعٍ، ودون قوافِي؛ |
* * * |
لا تعذلوا "خولان" إن مادتْ أسى |
وانهار كل سميدعٍ وقافِ |
وتزلزلتْ "صرواح" خاوية الصوى |
وهو "براش" محطم الأعطافِ؛ |
ومشى "الغراسُ" إلى الضريح بقبره |
وأتى "رجامُ" بروضهِ المئنافِ
(2)
|
وتحَسَّرتْ تلك الوهاد توجعاً |
وبكت صقور الجوِّ في الأشعافِ
(3)
|
و"الخارد" الدَّفاق غارَ وصوَّحت |
جنباته، من وحشةٍ وجفافِ |
فلقد تجوَّل في رُباها مصلحاً |
بمقال إحسانٍ، وطُهر عفاف |
ما إن يريد إمارةً، أو ثروةً |
لكنَّه يدعو إلى الإِنصافِ |
* * * |
قالوا: قضى "عباس" قلتُ: قضى النَّدى |
مَن بعدهُ للجودِ والأضيافِ |
ومَن المحامي عن مكارم قومِه؟ |
ومن المُواسي للفقير العافي؟ |
ومن الذي سيكون رمزاً بعده |
للحقِّ، لا للحِقدِ، والأحلافِ؛ |
لو كان يُفدَى سيدٌ في قومه |
لَفدته أعدادٌ من الآلافِ؛ |
* * * |
قد كان لي صنواً، وكنتُ أعدُّهُ |
للحقِّ، عند تصادم الأهدافِ |
في موطن، حرِّيةُ التفكير قد |
وهبته كلَّ تناصفٍ وتصافي |
تتصارَع الأقلام في ساحاتِه |
كتصارعِ الزُّملاء، والألاَّفِ؛ |
والعلم رائدنا، وتحت لوائه |
نرضى الذي نختاره.. ونجافي؛ |
واليوم قالوا: ماتَ عباس، وقد |
وافاهُ من ريب المنون موافي |
ففزعتُ وارتعشت حياتي، والتظى |
دمعي جوى في طرفي الرعَّافِ |
نجمٌ هوى، والركب يستهدي به |
فتخبطوا في ظلمة الأسدافِ |
* * * |
مَن ذا أُعَزِّي؟ كلُّ مَن في شعبه |
باكٍ عليه بمدمعٍ ذرَّافِ؛ |
إخوانه؟ وهُم الفطاحلُ همة |
من كل أروع ماجدٍ مضيافِ |
راضوا الخطوب وجرَّبوا أرزاءَها |
وتثَقَّفوا بالهول أيّ ثقافِ |
ماذا يقال لهم وهم أهل الحجا |
والفضل والإِيمان والألطافِ؟ |
والندبُ "إبراهيم" غرةُ مجدهم |
قد حاز كلَّ محاسن الأوصافِ |
وكأنما قد كان عند "محمد" |
في "بدر" أو "أحدٍ" مع الأحنافِ |
وكأنما رضع الهدى من نبعه |
ثرّاً طرياً كالنُّمير الصافِي |
وكأنه ما بيننا مَنْجَاةُ منْ |
عَرفوا، ومَهْلكةُ الغفول الغافِي؛ |
تزكو شمائله الكريمة دونما.. |
تيهٍ يرى الكدرِّ في الأصدافِ؛ |
وتبثُّ في دنيا الورى حسناتِها |
كالورد، أو كالعنبر المستافِ |
وتَرى الخفيّ من المحاسن واضحاً |
ًوعن العيوب كليلة الأطرافِ؛ |
وإذا استثيرتْ غيرةً، وديانةً |
جمحت كموج الزَّاخر الرجَّافِ؛ |
* * * |
يا صارمَ الإِسلام صبراً.. إنما |
هذه الحياة سحابة الأصيافِ |
والعلم فيها ليس يدري سرّ ما |
في كنهها من ألفةٍ، وتنافي؛ |
تتلوَّن الأحداث حين تنوشنا |
ما بين ناصعةٍ، وبين غُدافِ |
ونذودُها بالصَّبر مبتسماً وبالإِيمان |
لا نزقاً، وليس بجافي |
الله لِلعلماء إن صبروا، وما |
للهول غير الصَّبر طِبُّ شافي |
صبر الأولى طابوا هوى وسريرةً |
لا صبر ذي ملقٍ، ولا خوافِ |
لك من "عليٍّ" والألى من بعده. |
صبروا شعار يَبْتَلي ويُعافي |
* * * |
"عباس" لا برحتْ شآبيب الرضا |
تهمي عليكَ كهاطلٍ وكافِ |
ما زلت ملء نفوسنا وقلوبنا |
ذكرى المودَّة والحنانِ الضَّافي |
يا كامل الإِحسان، واعذرني إذا |
ما لم أقل: يا كاملَ الأوصافِ |
قد عشتَ مضطلعاً بأعباء الألى |
تركوا الجهادَ مخافة الأرجافِ |
ومضيتَ في ثقةٍ وعزم صامتٍ |
ٍتقفو قويمَ طَرائق الأسلافِ |
والناس حولك للصغائر أعبدٌ |
ٌشهواتُهم مثلُ الفراشِ هوافي |
وقطعت شوطكَ راضياً وكأنما |
قد جئتَ هذي الأرضِ "كالمصطافِ" |
تجني الحياة محاسناً ومحامداً، |
للعطف والأبهاجِ والأتحافِ |