(ذهبُ الأصيل على لجين الماء) |
تسبي مفاتنُه نُهى الشعراءِ |
وشراع كل سفينةٍ يهفو به |
شوق النسيمِ، ولهفةُ الدأماءِ |
والموج يعْبَثُ راقصاً ومصفِّقاً |
والشط يضحك بالثرى الوضَّاءِ |
والأفق يغمره الجمال كأنما |
نسجتْ غلالتَه يد اللألاءِ |
والشمسُ في شفق المغيب كأنَّها |
كبد الشجيّ تضرَّجت بدماءِ |
حتى إذا التقمَ الخضمُّ شعاعها |
وطغَتْ على الدنيا دُجى الظلماءِ |
نثرتْ على الأفق النجوم كأنَّها |
زَهر يميسُ بروضة غنّاءِ |
وتطلَّعت زُمُر البشائر تحتفي |
وتزفُّ حلم اللَّيلة الغرّاءِ |
هي ليلة العيد السعيد جمالُها |
أبداً وسام الكون والآناءِ |
هي بسمةٌ في كل قلبٍ وهيَ... للأرواح جنَّة بهجةٍ وضياءِ |
والعيدُ خلف الفجر بين السحر |
والبسمات والأفراح والأضواءِ |
يُزْجي البشائرَ للحياةِ كأنَّه |
مَلِكٌ يسوق الخير للبؤساءِ |
أعلى الملوك يداً وأسماهم أباً |
وأعزُّ من يمشي على الغبراءِ |
سند المكارم ملتقى حسناتها |
والحجَّة الكبرى على الزُّعماءِ |
في الحلم، في بثِّ الهداية، في التُّقى |
في عزم تلك الهِمَّة القَعْساءِ |
أبداً تسجِّل معجزات صفاته |
عجز البيان، وخيبة البلغاءِ |
وتُلَقِّن الدنيا بلاغة مجدها |
بالفعل لا بزخارف الأسماءِ |
هو (ناصر الدين) الحنيف؛ وإنَّما |
بجهاده انتصرتْ منى الحنفاءِ |
تمجيده شعري، وصدق ولائه |
ديني، ونيل رضاه عين شفائي |
ما زال حزني منذ فارق سوحه |
حَظي ينغَّص ضحوتي ومسائي |
* * * |
يا ناصر الإِسلام حسبي حسرتي |
بله الذي قاسيتُ من أرزاءِ |
(بالبدر) نجلك عذتُ من شرِّ الورى |
وهو المعاذ لمعشر التعساءِ |
سر لمجدك أودع الرحمنُ في |
ذاك الجبين المشرق الوضَّاءِ |
سرٌّ تألق في جبين "محمد" |
و"وصيه" و"بنيه" و"الزهراء" |
ما زال طِلَّسْمَ البطولةِ والعُلا |
وتميمة الزعماء والعظماء |
جحدوه، أو كتموه، أو ضاقوا به |
سيَظلُّ وضَّاءٌ كنور ذُكاءِ |
تقفُ العقول على مطالع نوره |
حَسرى تصَابر خيبة الأعياءِ |
لا تستطيع تعمقاً في وصفه |
كبُرتْ حقائقُه على الشعراءِ |
فاعذُرْ يَراعي إن كبا، واعذر لسا |
ني إن هفا، واعذر قصور ثنائي |
حُبِّي لكم حَسْبي شفيع تحنُّن |
ينثني سرائر محنتي الخرساءِ |
ستُّون شهراً عشتُ فيها ميِّتاً |
لولا رقى أملي وروح رجائي |
ما حدتُ فيها لحظةً عن ذكركم |
ندمان أبكي نكبتي وشقائي |
وإذا انتشيتُ بخاطرٍ عن مجدكم |
هان المطاب ولم أُبَلْ بعناءِ |
وإذا ذكرتُ ندى "الخليفة" بُدِّدت |
سحب المخاوف وهي ملءُ سمائي |
وإذا لهجتُ باسمه متعوِّذاً |
صُهِرَتْ قيودي واختفتْ أدوائي |
حتّى تداركني لطيف حنانِه |
فأفقتُ أرشف نسمة الأحياءِ |
وسرَتْ بأعصابي الحياة لذيذةً |
وجرت بترياق النشاط دمائي |
سأظل أحمدُ "أحمداً" مترنماً |
بعُلاه في الإِصباح والإِمساءِ |
هو روض آمالي، وكنز سعادتي |
وشعار إيماني، وسرُّ بقائي |
* * * |
يا ليلة العيد اغربي عنِّي فما |
في العيد من أربٍ لصبٍّ نائي |
الناسُ في بسماتهم قد أَغرقوا |
همَّ الحياة وكربة البأساءِ |
وعواطفي في ذكريات تعاستي |
صرعى كأشلاءٍ على أشلاءِ |
والحبُّ يغلي في دمي ويؤجُّ في |
كبدي وتكوي ناره أحشائي |
وكأنَّما أنا -والهموم تحوطني- |
صوت أحيط بزعزع هوجاءِ |
* * * |
عيد الغريب الدمع، والآهات |
والذكرى فيا شجواه للغرباءِ |
ويح الغريب به إذا عصفت به |
الذكرى فبات بليلة ليلاءِ |
ورمى بنظرته الوجود فلم يجدْ |
سلوى ولم يظفَرْ بأي عزاءِ |
* * * |
مولاي أنت العيد؛ كل مَسَرَّةٍ |
لولاك لغو خرافةٍ وهُراءِ |
فهو الجدير بأن يهنَّأ إذ زهَتْ |
أفراحهُ بسماتك البيضاءِ |