شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
96- السيِّد عبد الله عبد الكريم
[كانت وفاته -رحمه الله- بتعز في رمضان سنة 1372هـ/ 1953م، وأُرسلت عزاءً لابنه السيد العلاَّمة عبد الله بن عبد الله عبد الكريم]:
جفَّ لهول الرَّزيَةِ القَلَمُ
وكاد مِما عَرَاه ينحطمُ
وانسحقَت طاقَةُ البيان فما
لها معان، وما لها كلِمُ
حزناً على من هوت لمصرعه
العلياء، والصالحات، والكرمُ
"فخر الهدى" أطهر الأنام هوى
وسيرةً والمَبرَّأُ الفَهِمُ
رَمَى فؤادي النعيُّ فانتحبَتْ
به الأماني، وحسَّها الأَلَمُ
وكان شعر الرثاء صاعقةً
أمسى بها الصبر وهو منهدمُ
قرأته واللسان راعِشَةٌ
والدَّمع يهمي، والقلب يضطرمُ
شعرٌ تذيب الضلوع لوعتُهُ
بركانه في الرؤوس يحتدمُ
يرفَضُّ دمعاً وحسرةً وأسى
كأنَّما فجَّرت به الدِّيمُ
صوَّر لي هيكل الفقيد وقد
أضناه ضعف الحياة والسقمُ
وطرفُهُ خاشعٌ لخالقه
وروحه بالإِله معتصمُ
ونجلُهُ حولَهُ يذوب أسى
"والنَّفس شجوى والقلبُ منكلمُ"
فقلت يا رحمة الإِله لَهُ
تداركيه فخطبه عمَمُ
لم يرحم الموت خفق مهجتِه
وحزنها كالخِضمِّ يلتطِمُ
ولا رعى برَّه بوالده
وهو الذي تنحني له القِمَمُ
هيهات ما للزُّؤام مرحمةٌ
ولا حنو، وما له رَحِمُ
يخضد زرع الحياة منجله
وجوفه للوجودِ يلتهمُ
والموتُ شَطُّ الحياة؛ صخرتُه
بها حياة الأنام تنصدمُ
والمرءُ مهما تَطلْ إِقامته
تمشي به نحو قبره القدمُ
خرافةٌ عيشه، ومهزَلةٌ
آماله، بل وجوده عدمُ
تعز يا "زينة الشباب"، ولا
تأس فما في الحياة مغتنمُ
وما الذي قد يفيده جزعٌ
وما الذي قد يعيدهُ الألَمُ؟
أسوتنا بالنبيِّ تجبر ما
يجرحُه دهرنا، وما يَصِمُ
والدك الصالح العظيم مَضَى
وروحُه بالجلال يتسِمُ
عاش نقيَّ الضمير، مجتهداً
لِرَبِّه بيتُه له حَرَمُ
البرُّ والخيرُ، والسماحة،
والإِخلاص فيما أَتَى، لَهُ شِيَمُ
غايتُهُ أن يطيعَ خالقَهُ
ويرتجي فضلَهُ ويلتزمُ
ومات بعد السقام مغتربا
وشوقه في الضلوع يضطرمُ
حُقَّ لَهُ الأجر والشهادة
بالموت غريباً يؤوده الهرَمْ
رأيتُه قبل موته شبَحاً
قد حَطَمتْهُ السنُون والسقَمْ
فارتعشَتْ في دمي الحياة أسىً
وانتشرت في جفوني الظُّلَمُ
وكيف لا؟ والأصول تجمعنا
ونجلُهُ لي أخ ومعتصَمُ
وكان أسمَى نَدى تجسَّمَ لي
تخجل من فيض جوده الدِّيمُ
عِناية من "إمامنا" غمرتْ
فقيدَنا والمنون تصطَلِمُ
و"ناصر الدين" فضلُهُ عَمَم
وجوده الجم ليس ينكتمُ
حياته تكسب الحياة لنا
سعيدةً لا تمسها النقَمُ
فقلبه كالسماء متَّسِع
حنانه للشرور يلتهمُ
وعقلُه كالزَّمانِ متَّسِق
لكل ما في الوجود ينتظمُ
ونفسه أنفس مُشعَّبة
خيراتها؛ بل وشخصُه أممُ
لا برحَتْ "رحمة الإِله" ولا
زالت لقبر الفقيد تستلِمُ
الحديدة: 1372هـ/ 1953م
 
طباعة

تعليق

 القراءات :326  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 120 من 639
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور محمد خير البقاعي

رفد المكتبة العربية بخمسة عشر مؤلفاً في النقد والفكر والترجمة.