شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( الحوار مع المحتفى به ))
عريف الحفل: شكراً لضيفنا الكبير ونبدأ بطرح الأسئلة على سعادتكم..
سؤال من الأستاذ محمد بشير الدرة يقول:
جزاكم الله خيراً يا دكتور على هذا الطرح الجريء لكن يا دكتور كنتم قريبين من مركز صنع القرار [مجلس الشورى] ما الذي ساهمتم به في تحقيق ما تطرحون. أم أن 11 سبتمبر هو الذي أيقظ وحرّك؟
 
الدكتور أحمد التويجري : إن مجلس الشورى كما يعلم الأخوة هو مجلس استشاري ليست له سلطات على الإطلاق، وشهادةً لله عزّ وجلّ وللتاريخ فإن الأخوة في الشورى بذلوا وسعاً كبيراً للنصح لهذه الدولة ولكن أعتقد أن الوقت حان ليطور هذا المجلس ليكون له صلاحيات أكبر مما لديه الآن وأن تكون لديه سلطة تشريعية حقيقية بمعنى أن تكون قراراته ملزمة للمجتمع كله وأن لا تنتظر موافقة مجلس الوزراء على ذلك وعلى سبيل المثال:
نقترح ثانياً أن يكون للمجلس أيضاً سلطة قانونية على أداء الحكومة، وأن يكون له الحق في مساءلة الوزراء والمسؤولين إذا دعت الحاجة إلى ذلك، وأعتقد أيضاً أن الوقت قد حان إلى مثل هذا الإصلاح وهذا التطوير وهذا ما نأمله إن شاء الله.
الأستاذة نازك الإمام من الإذاعة السعودية: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بداية نود أن نشكر الشيخ عبد المقصود خوجه الذي أتاح لنا فرصة المشاركة في هذه الأمسية وتكريم ضيف الاثنينية الدكتور أحمد بن عثمان التويجري.
قبل أيام اعتقت إحدى الحقوق الثبوتية للمرأة السعودية التي كانت تحجر عليها حقوق الزواج الاختياري لشريك الحياة، والحرية في بناء حياتها الأسرية. ما هي تطلعاتكم كمحامٍ بعد صدور هذه الفتوى التي تحفظ للمرأة كرامتها وتعطيها الحق في اختيار شريك حياتها وفق الشريعة الإسلامية؟
 
الدكتور أحمد التويجري: الحقيقة ما حصل الأيام الماضية رغم ما واكبه من ابتهاج أشعر أنه شهادة علينا لا شهادة لنا. فهل هذا الحق بحاجة إلى تدخل هيئة كبار العلماء لأن نقرّه في حياتنا. هذا الحق الذي كفلته لنا الشريعة منذ بداية هذه الرسالة المحمدية، هل يجوز أن ننتظر هذا الوقت الطويل حتى ندرك أنه حق لنا، وحتى نسعى لتحقيقه في حياتنا! هذا حق طال أمد انتظاره، وطال أمد استحقاقه، ومع ذلك فأنا أشكر هيئة كبار العلماء على تأكيدها عليه، وأرجو أنه سيفتح باباً لإصلاح شؤون المرأة في هذا المجال، ولا يفوتني أن أقول إن وضع المرأة وضع ذو شقين. شق نحن نعتز ونفتخر أن المرأة عندنا مكرمة محترمة تصونها توجيهات إسلامية وتصونها عادات عربية أصيلة، ولكن في شق آخر حقوق هذه المرأة مهدورة تعاني معاناة شديدة، من أمثلة هذه الحقوق ما ذكرته الأخت، وأضيف إلى هذا أشياء عشتها من خلال ممارساتي العملية في محاكمنا على سبيل المثال، كثيراً ما تحتاج المرأة لمراجعة القضاة وحضور الجلسات. والله إنني لآسى للمرأة التي تضطر إلى هذا الأمر، فليس في محاكمنا أي ترتيب بمثل هذه الحالة، وتدخل المرأة على استحياء وفي خوف وفي تردد فليس لها المكان المناسب، وليس لها الإجراءات التي تحقق غاية دخولها، فأنا أرجو وآمل أن يتغير هذا الوضع بعد أن يكون للمرأة دور أكبر في إبداء رأيها وفي تقديم مشورتها، وأطالب من هذه الاثنينية المباركة أن لا تقتصر هذه الشورى على الرجال بل شورى للنساء، فهن شقائق الرجال، وهن نصف هذا المجتمع، وشؤونهن وهمومهن هموم لنا جميعاً، ويجب أن يستمع إليهن ويجب أن يكون لهن دور في هذا المجتمع.
عريف الحفل: سؤال من الأخ غياث الشريقي:
نلاحظ على الساحة الأدبية وجود بعض النقاد والمسلمين العرب يستخدمون في مجال النقد نظريات غربية ويطبقونها في فنون الأدب العربي المتنوعة رغم اختلافنا عنهم في العقيدة والدين واللغة والبيئة فما رأيك في هذا الأسلوب النقدي وهل لا يوجد في أدبنا العربي نظريات نقدية يمكن اللجوء إليها؟
 
الدكتور أحمد التويجري: أنا في حقيقة الأمر من الذين يحملون عتباً شديداً على الكثير من نقادنا، وللأسف الشديد بعضهم تنكر لموروثه وقصر تجاهه واعتمد فقط على مدارس أمم وملل أخرى نقدية في دراسته للأدب وتاريخ الأدب، ولكنني في الوقت نفسه لست ممن يريدون أو يطالبون أن يقتصر نهلنا وعطاؤنا على موروثنا وحده، أو على ما لدينا نحن وحدنا. فنحن أمة تفتخر أن الحكمة ضالتها، والتي تعتز بأنها منفتحة على كل إنجازات الإنسانية أينما كانت طالما أن فيها خيراً، وفيها ما يعين على الفلاح والنجاح، لذلك أتمنى وأرجو من إخواني النقاد والأدباء أن يكونوا بين الأصالة والحداثة وأن يراعوا حقوق هذه الثقافة وهذه الهوية مثلما يحرصون على نهل المعارف من النظريات والمدارس الحديثة، وهذا ما يقوم به بعضهم من الذين أقدم لهم الشكر والعرفان في هذا الجانب.
الدكتورة رقية قشعري من كلية التربية: أحيي في البداية ضيف الاثنينية وضيوفه الكرام. وسؤالي هو، عُرِف عنك بحثك عن القضايا الشائكة والحساسة. هل لنا أن نعرف عن القضية التي تعتبرها قضيتك والتي لم ترتح منها حتى الآن وماذا عملت فيها. ومن أين تعتقد البداية عند أي قضية تغيير يؤمن بها الفرد. هل من قبول المجتمع لها أم من الفرد نفسه وشكراً.
 
الدكتور أحمد التويجري: اتهامي أنني أبحث عن القضايا الشائكة تهمة لا أنكرها وشرف لا أدعيه، بكل تواضع وبكل حياء في الوقت نفسه أقول إن القضية الكبرى التي أعتقد بل لا يساورني أدنى شك في أنها قضيتي وقضية كل أبناء هذا الوطن هي كيف نجعل من هذا الوطن النموذج الأمثل ليس للإنسانية, بل كيف نعيد إلى هذه الأمة مجدها ومكانتها التي أرادها الله عزّ وجلّ، في هذه الحياة، هذا هو الهم وهذا هو الأرق الذي لا يفارقنا ونسأل الله عزّ وجلّ أن يمكننا ويعيننا على تحقيقه أو على الأقل على أداء واجبنا في تحقيقه بإذن الله.
عريف الحفل: الأستاذ عبد الحميد الدرهلي يقول:
لماذا هانت الكلمة وتدنّى دورها وما زالت تواصل انحدارها للأسف الشديد. حيث تبدو غير متلائمة مع نور عصر التنوير؟ إذاً كيف يمكن علاج الحالة المهينة للكلمة صوناً لحرية الثقافة العربية والقلم والشفافية!
 
الدكتور أحمد التويجري: الذي أهان الكلمة هو الفعل عندما هانت الأفعال هانت الكلمات!..
وأعتقد أن من أعظم ما ابتلينا به في هذا العصر النفاق وللأسف الشديد. إن القول الذي ليس له مكان في القلب والتعبير الذي لا يعكس حقيقة الواقع هو الذي أهان الكلمة، وهو الذي أفقدها مصداقيتها، وأعتقد أن من أوجب واجباتنا في هذا المجتمع ومن أكبر ما يجب أن نتواصل عليه أن نعيد للكلمة شرفها وكرامتها من خلال تحقير من يجنح إلى النفاق وإلى الدجل ولا يحترم الكلمة، ومن خلال إكرام من يعطي الحقيقة مكانتها ويحفظ لها كرامتها، هذا هو السبيل الذي أعتقده لهذه الحقيقة..
الأستاذة ميساء خالد مستشارة قانونية: بسم الله الرحمن الرحيم، نشكر الشيخ عبد المقصود خوجه لاستضافتنا، ونرحب بالدكتور أحمد التويجري، بالنسبة لموضوع المرأة، أود أن أوضح لماذا لا يكون للمحامية أو المستشارة القانونية دور كباقي صاحبات المهن، طالما أن هناك الكثير من النساء يعانين من عدم وجود مستشارات قانونيات فالمرأة أفضل على تفهم ظروف المرأة كما أنها تخجل أحياناً من طرح بعض القضايا الحساسة وتخجل من طرحها على محام رجل وحتى لمحارمها. فكما تفضلتم أن هناك الكثير من المشاكل العالقة للمرأة سواء كانت تجارية أو أحوالاً شخصية، فأتامل من هذا المنبر أن تكون هناك دعوة لوجود مستشارات قانونيات في مجتمعنا ضمن الضوابط الشرعية، فهذه الأراضي أليست هي أرض سيدتنا خديجة بنت خويلد، وأسماء بنت أبي بكر، والسيدة عائشة رضي الله عنها. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. "خذوا نصف دينكم عن هذه الحميراء" وقصد بها السيدة عائشة. وهنا أشير إلى أنها كانت كفؤاً وعلى علم ودراية فالمرأة الكفؤ لا بد أن تأخذ دورها فهي نصف المجتمع، وأود أن أشير إلى أن القرآن الكريم العظيم قد حُفِظَ عند السيدة حفصة بنت عمر وأوصاها أن تسلمها إلى الخليفة عمر.
ولا بد أن يكون للمرأة دور. فهي الأم والزوجة والبنت.. وليس طرح قضية المرأة أن تكون بطريقة عدوانية.. والمرأة تطالب بحقوقها والإسلام أعطاها حقوقها، أوجد حقوقها.
 
الدكتور أحمد التويجري: أنا سعيد أن مجتمعنا يحتاج من المستشارات القانونيات أكثر مما يحتاج من المستشارين القانونيين، فقضايا المرأة بمجتمعنا التي أهملت مدى العقود الماضية، هي بحاجة لمن يعبر عنها ولمن يتصدى لها، وظروفنا الاجتماعية لا تمكّن الرجال من تحقيق هذه الغاية، فلذلك أنا معك، نحن بحاجة للمستشارات القانونيات، وبحاجة أن نفسح لهن المجال، وأعتقد أن هذا هو التوجه، فما أعلمه من توجهات وزارة العدل وسياسات الدولة بوجه عام أن هذه الحاجة قد أدركت وأن الإجراءات قد بدأت باتخاذها لإفساح المجال للأخوات لمزاولة هذه المهنة، وأما الشق الثاني فأنا معك أيضاً ليس المقصود من خلال المطالبة بحقوق المرأة التعدي على حقوق الرجال أو التنافس في هذا المجال، ليس هو المطلوب وإنما المطلوب تحقيق المقاصد الشرعية بصورة واضحة في هذه المرحلة. وأقل خريج علم لديه معرفة يدرك إدراكاً كاملاً ما نحتاجه وهو تفعيل هذه الحقوق وهذه الواجبات في حياتنا عملاً لا قولاً، وأعتقد أن على الأخوات دوراً كبيراً في تحقيق هذه الغاية، فهي مسؤوليتهن الأولى، وهن من يجب أن يتصدين لها، وهن من يجب أن يشققن الطريق لتحقيقها.
عريف الحفل: سؤال من الأخ خالد الأصور باحث إعلامي يقول:
باعتباركم محامياً بارزاً موكلاً بالدفاع عن أحد ما اصطلح على تسميتهم هوامير "سوا" - وفي ظل الجدل الإعلامي في هذا الموضوع والذي يخلط بين الحق والباطل نرجو من سعادتكم إلقاء الضوء على هذا الموضوع.
 
الدكتور أحمد التويجري: أولاً لست محامياً لأحد من هؤلاء، وما أدري إن كان يجوز أن نسمّيهم هذه التسمية، ولكن لا بد أن أعلق تعليقاً بسيطاً على هذا الأمر، من تجربتي القليلة والصغيرة كثير من هذه المشكلات تنتج بسبب أمرين:
الأول: غياب الأنظمة والتشريعات الواضحة المحددة التي تضبط وتوجه مثل هذه الأعمال.
الثاني: للأسف الشديد قلة وعي وقلة إدراك لكثير من المواطنين لمفاهيم الاستثمار وطرق الاستثمار ومن بين هذين الأمرين، تحصل هذه المشكلات، فعلى سبيل المثال, فالنظام السعودي وفي نظام التجارة الأساسي للحكم وفي نظام المحكمة التجارية, هناك اعتراف بالشركات التي أقرها الفقه الإسلامي ومنها المضاربة والمرابحة وما إلى ذلك. ولكن ليس هنالك ضوابط محددة لتحديد مثل هذه العلاقات، عقد المضاربة على سبيل المثال, عقد معترف به شرعاً، ثم معترف به نظاماً ولكن ما هي ضوابط هذا العقد وما هي إجراءاته كيف ينفّذ! وكيف تحكمه اللوائح والأنظمة عندما تحصل مشكلات هذا غير محدد للأسف الشديد في أنظمتنا، فمن هذا الجانب تحصل المشكلات، وفي الجانب الآخر قلة التوعية وقلة التنوير لمسائل الاستثمار وفتح المجال لكل من يعلن ويدعي هو الذي أوقعنا في كثير من هذه المشكلات، وأملي ورجائي أن ينتبه وأن يلتفت إلى هذا الأمر لنحد من هذه الظواهر ولنحد من هذه المشكلات.
الأستاذة ريم الخلف قسم مكتبات: بسم الله الرحمن الرحيم، نحن جميعاً سعداء بحضور هذا التكريم مثل الدكتور أحمد التويجري الذي يكون له حضور مميز لأي مكان هو موجود فيه.
- رغم حديثك عن قضايا المرأة، والجمود الفكري الذي يلحق بجميع النواحي ويؤخر تقدمنا لن أتحدث فالكلام فيه لا ينتهي ولكن نريد أمثالك في وطننا الحبيب وعندنا أملاً كبيراً في تغيير هذه الناحية.
سؤال شخصي لك:
أستاذي الفاضل. نلت أوسمة وجوائز تستحق أكثر منها نظراً لمسيرة حياتك المثيرة، أريد منك توضيحاً صريحاً لأي جوائز تقديرية نلتها في المملكة العربية السعودية أم تماثل مستواها من الدول العربية الشقيقة أم أن برأيك المناصب التي تقلدتها هي تكريم مناسب لك.
 
الدكتور أحمد التويجري: اسمحي لي أن لا أرد على هذا السؤال وأن أرد على الجزء الأول من حديثك وأشكرك على مشاعرك ومشاعر الأخوات جميعهن، ولعل جوابي يكون أبياتاً من الشعر، فقد أرَّقني كثيراً موقفُ بعض إخواننا من المرأة، وبعض سوء تفسيرهم لأحكام الدين ومقاصدها في شؤونها، وفي حالة من الانفعال كتبت هذه الأبيات:
نحن ما زلنا نجادل ونضيع العمر في أدنى المسائل
نحن ما زلنا نرى المرأة عيباً وكياناً غير عاقل
نحن ما زلنا نرى المرأة جنساً وأداة للتناسل
نحن ما زلنا نراها عورةً تصرف عن كل الفضائل
بل نرى حتى التحدث عنها قد يؤدي للمشاكل
أبعدوا المرأة عنا أبعدوها واحجروها في المنازل
أبعدوها عن رؤانا قيدوها كبلّوها بالسلاسل
أبعدوها لا ترى الشمس فضوء الشمس قد يكشف باطل
ألبسوها كل أنواع العباءات وأصناف العوازل
فإذا ما خرجت فاستنفروا الكون فإن الخطب هائل
ويحنا ما أبعد الإسلام عن هذه الجهالات وعن هذي المهازل
ويحنا كم يفتري كم يفتري في الدين جاهل!!؟
 
عريف الحفل: الأستاذ الأخ محمد الحسن والأخ خالد تاج الدين يطلبان مزيداً من الشعر.
الدكتور أحمد التويجري: والله لا أكذبكم أنني لم أهيئ نفسي لأن ألقي شعراً هذه الليلة، وما ألقيته جاء عفواً بمناسبته فأنا رجل طاعن في السن، وشاخت ذاكرتي، فلا أتذكر من شعري الذي كنت أحفظه إلا القليل.
ومن القصائد الأثيرة إلى قلبي وأرجو أن أتذكرها القصيدة التي ذكر مطلعها أخي الفاضل الشيخ الجليل عبد المقصود خوجه والتي كتبتها أعتقد قبل ما لا يقل عن خمس وعشرين سنة، وهي كانت عن القدس عندما اقتحمها أحد الصهاينة واغتال فيها عدداً من المصلين وتقول:
دمُ المصلين في المحراب ينهمر
والمستغيثون لا رجعٌ ولا أثر
والقدسُ في قيدها حسناء مذ سلبت
عيونها، في عذاب الصمت تنتظر
تسائل الليل والأفلاك ما فعلت
جحافل الحق لما جاءها الخبر
هل جُهّزت في حياض النيل ألويةٌ
هل في العراق ونجد جلجل الغيرُ
هل قام بليون مهديٍّ لنصرتها
هل صانت الناس هل أودى بها الضجر
هل أجهشت في بيوت اللَّه عاكفةً
كلُّ القبائل والأحياء والأسرُ
تسائل القدس هذا الليل حائرةً
ونحن بالقولة النكراء نعتذر
يا ليت شعري أضاعت كل عزتنا
حتى استباح حمانا جهرة قذر
أين المنادون بالتحرير ويحهم
أين الصمود وأين السهل والوعر
أين المرابون في أسواق أمتنا
في كل صقع لهم للخزي مؤتمر
سيوفهم في سبيل الحق مغمدة
وفي سبيل الخنا يا ويحهم حمرُ
سلوا الملايين من أبناء أمتنا
كم عُذِّبوا وبأيدي خائن نُحروا
سلوا الجنوب سلوا لبنان ما برحت
دماؤنا في ثراها بعد تستعرُ
يا أمة الحق ماذا بعد قد نفدت
كل الدعاوى وكلت دونها الفكر
قومية كم نبحنا باسمها زمناً
قد أفنت فاشتكت من قيحها مضرُ
غربية كم سقينا من مشاربها
سماً زعافاً به الطغيان يختمرُ
شرقية كم جرعنا من مصائبها
وجه قبيح للاستعمار مستتر
يا أمة الحق ماذا بعد هل قتلت
فينا المروءات واستشرى بنا الخور
يا أمة الحق ماذا بعدُ قد نفذت
كل الدعاوى وكلّت دونها الفكر
ماذا سوى عودة للَّه صادقة
عسى تبدّل هذي الحال والصور
عسى يعود لنا ماضٍ به ازدهرت
كل الدنى واهتدى من نوره البشر
على أساس الهدى كانت مدائننا
وفي سبيل العلى لم يثننا سفر
لم نفتخر أبداً بالطين أبنية
كلا ولكننا بالعدل نفتخر
إذا تطاولت بالأهرام منهزم
أهرامنا سلمان أو عمر
أهرامنا في ذرا الأخلاق شامخة
هي السماحة وهي المجد والظفر
أهرامنا في ربى التوحيد ضاربة
غيث النبوة يسقيها فتزدهر
يا أمة الحق ماذا بعدُ هل نفدت
كل المروءات واستشرى بنا الخور
أما لنا بعد هذا الذل معتصم
يجيب صيحة مظلوم وينتصر
والقدس في قيدها حسناء مذ سلبت
عيونها في عذاب الصمت تنتظر
أما لنا من صلاح الدين يعتقنا
وقد تكالبت في استعبادنا الغجر
يا أمة الحق إنا رغم محنتنا
إيماننا ثابت باللَّه نصطبر
فقد يلين زمان بعد قسوته
وقد تعود إلى أوراقها الشجرُ
 
ونسأل الله أن يكون ذلك، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الأستاذة فوزية السحيمي (مشرفة تربوية): بسم الله الرحمن الرحيم، نرحب أجمل ترحيب بفارس الاثنينية الدكتور أحمد التويجري وسؤالي هو: لقد طرحت منذ قليل مشاركة المرأة في مجلس الشورى، في نظركم ألا ترى من المنطق أن يكون هناك مكتب خاص يعالج قضايا المرأة ويطرح في هذا المجلس إيجاد الحلول المناسبة لها وفي أسرع وقت؟
 
الدكتور أحمد التويجري: بلى بدون أدنى شك، أنا أؤيد هذا المطلب وأقول إنه من أوجب الواجبات وللحقيقة أن أقول إن مجلس الشورى يستعين ببعض الأخوات وببعض الدارسات ولكن هذا بنظري غير كافٍ لا بد من وضع إطارٍ دستوري لهذه المشاركة ولا بد أن تكون فعّالة ولا بد أن تكون شاملةً ودائمة بإذن الله.
عريف الحفل: الأستاذ أحمد الناشري الغامدي يقول:
لماذا لا يكون لشاعرنا الدكتور أحمد دور في إثراء المناهج الدراسية بمختلف مراحلها الثلاث ببعض القصائد سواء كانت شعراً أم نثراً. وخاصة وأنه رجل تربوي يعرف كيف يحاكي هؤلاء التلاميذ.
إضافة إلى معرفة هذه الأجيال بشعرائنا المعاصرين وخاصة شخصه الكريم، لأن غالبية طلابنا لا تعرف هذه الأجيال بشعرائنا المعاصرين وخاصة شخصه الكريم لا يعرف إلا الفرزدق - والأخطل وجرير..
 
الدكتور أحمد التويجري: والله أنا أشكر الأخوة جميعاً على حسن ظنهم بأخيهم ولكني أعلم من نفسي ما لا يؤهلني لخدمة مثل هذا الأمر. ولكني أضم صوتي إلى هذا الأخ بأن اختياراتنا الأدبية في مناهج اللغة العربية بحاجة إلى تطوير وبحاجة إلى تجديد، وهناك أدب رفيع هام ومفيد وجميل جداً مهمل للأسف الشديد، والمرجو أن يُلتفَت إليه ويضمّن هذه المناهج.
عريف الحفل: سؤال من سيدة (استشارة قانونية):
إذا الزوج تزوج للمرة الثانية على زوجته ورفض تطليقها، هل للمرأة الحق في طلب الطلاق؟
 
الدكتور أحمد التويجري: أولاً نحن ذكرنا في بداية حديثي أن دولتنا قد قامت على دعوة سلفية أول دعائمها التوحيد، فمن منطلق دعوة التوحيد ندعو أن تكون الزوجة واحدة، قدر الإمكان. ولكن هذا السؤال، يتضمن إشكاليةً فقهية لا بد من التصدي لها، وأعتقد أنها من مآثر الفقه الإسلامي،
فالإسلام أباح تعدد الزوجات لمعطيات موضوعية ولمقاصد نبيلة أثبتت الأيام صدقها وصحتها وضرورتها، هذا الدين الذي أعطى المجتمع هذا الحق, هو الدين الذي أعطى المرأة الحق في أن تشترط في عقد قرانها أن لا يتزوج عليها الزوج, وأن تشترط إذا تزوج عليها أن تكون لها العصمة لو تزوج عليها في يدها.
وأعتقد أن من أوجب الواجبات أن تنوّر النساء بحقوقهن الشرعية وحقوقهن الفقهية، وإن كنت وأنا أتكلم بجد بعد أن ذهب المزاح, آمل وأرجو أن لا يكون للأخوات موقف من تعدد الزوجات بالطلاق. فتعديد الزواج إذا كان ترفاً وترفيهاً فهو مخالف لقيم هذا الدين والإسلام، أما إذا كان تعدد الزواج لأسباب موضوعية ولحاجات فعلية فإنه من الأمور التي أباحها الإسلام لا يمكن إلا أن نقر بها، ولا نملك إلا أن نرضى لأن به تكتمل الحياة. فالأمل أن تصبح به هذه الأشياء، فالأمل أن نكون وسطيين فلا نرفضه بإطلاق ولا نؤيده بإطلاق، وإنما نضعه في موضعه الصحيح الذي أظن أن الإسلام أراد له أن يكون أو أراد له أن يكون حلاً لمشكلات واستجابة لحاجات في حياتنا.
عريف الحفل: سؤال من الأستاذ عجلان بن أحمد الشهري (إدارة تعليم جدة) يقول:
من خلال هذه الأمسية - اتضح لي أن لسعادتكم اهتمامات متعددة شملت جوانب عدة في التربية، القانون، الأدب، الخ.. إلى أي منها أنتم أقرب وما مستقبل تلك الجوانب الثلاثة، في المملكة من وجهة نظركم بناءً على معطيات الحاضر؟
 
الدكتور أحمد التويجري: الحقيقة الأشياء التي تفردنا بها بالمملكة وخارج المملكة ولازال حتى الآن يُعمل فيها, كان لفترة طويلة يكتب في خانة المهنة لكثير من الناس مهنة.. متسبب ومتسبب كلمة متعددة المعاني وأذكر أن أحد الأخوة ترجمت له هذه المهنة في جوازه بما يعني صاحب سوابق. يعني متسبب في مشكلات.. فالحقيقة تعدد المهن أمر فرضته عليّ الحياة ولم آخذه اختياراً. ولو كان لي من الاختيار أو لا بد من الاختيار لاخترت مهنة التعليم لأنها المهنة التي وجدت فيها الشعور برضاي الوجداني. ووجدت فيها أيضاً رؤية الثمر، وحسن الأثر عندما يوفق الله. فأحن دائماً إلى هذه المهنة وأتمنى أن أعود إليها يوماً وأرجو أن يكون قريباً إن شاء الله.
السيدة فوزية السحيمي: هل هناك إصدار واحد يضم أبحاثك وإذا لم يكن لماذا لا تسعى إلى ذلك نظراً لقيمتها جميعاً؟
 
الدكتور أحمد التويجري: للأسف الشديد أنا ممن لا يحرصون على نشر أعمالهم. لاقتناعي ويعلم الله أنه اقتناع حقيقي وليس مصطنعاً بأن ما كتبت وما قمت به من بحوث لا يستحق النشر، ولكنني أرجو في يوم من الأيام عندما أطوّر هذه الدراسات وأعيد تنقيحها أن أنشرها وأرجو أن يكون فيها شيء من الفائدة.
عريف الحفل: سؤال من الأستاذ خالد غيث يقول:
من المعروف أن الفكر الغربي يحاول أن يغزو فكرنا العربي والإسلامي وبالفعل قد أثر في بعض الجهات. مثل ما حدث في الولايات المتحدة أن أمّت امرأة المسلمين نرجو من سيادتكم توضيح وجهتكم حول هذا الموضوع. وهل هذا الموضوع خطأ فردي أم نتيجة للفكر الغربي أم نتيجة لتدخل أيد غربية لتغيير عقيدتنا؟
 
الدكتور أحمد التويجري: أما أن هناك هجمة عالمية لبسط ونشر الكثير من القيم الغربية على العالم فهذا حق، وهذا أمر يجب أن نستشعره جميعاً وأن نتصدى له بما يليق به من الإمكانات والاستعدادات. والقيم الغربية بالمناسبة, ليست كلها شراً بل فيها خير كثير، والخير الذي فيها يجب أن نسعى إليه لا أن ننتظر أن يُنشر فينا أو يبسط علينا. وأما الشر الذي فيها، فمن واجبنا أن نتنبه له ونتصدى له، الحادثة التي يشير إليها الأخ على الرغم من أن كثيراً من المسلمين انزعجوا منها. إلا أنني أعترف لكم أنني ممن ابتهجوا بها وفرحوا، فرحت بها لسبب بسيط، نحن أمة نائمة وتحتاج إلى موقظات، ومثل هذا العمل الذي فيه تحدٍ اجتهادي وتحدٍ فقهي وتحدٍ معرفي يوقظنا شيئاً قليلاً، وأعتقد أن الجدل والحوار الذي أثارته هذه الحادثة الفكرية والعلمية ما كان يمكن أن يثور لولا هذه المسألة، أما الحادثة على ذاتها فهي حادثة صغيرة ولا أعتقد أنه سيترك أثراً على هذه الأمة التي تمتد من شرق الأرض إلى غربها، أضيف إلى هذا أنني ممن استشيروا من هذا المجلس وبحثت مع بعض المحبين والأصدقاء ربما في هذا المجلس هذه المسألة وعجبت بل انبهرت أن الموقف الشرعي إذا تجردنا وإذا أنصفنا، وجعلنا الكتاب والسنة هما الأساسين الوحيدين لموقفنا ولرؤيتنا - الموقف الشرعي لا يمانع في أن تكون المرأة إمامة حتى في الصلاة وقد قال في هذا ما سميته الإمام الطبري والمزني، وأبو ثور، والسبب في ذلك أن ليس هناك نص صريح لا بالقرآن ولا بالسنة منع المرأة من الإمامة، وإنما هناك نصوص عامة وتلميحات وبعض الاستنتاجات، وكذلك هناك إجماع الأمة على مدى التاريخ، ولكن إذا أردنا أن نبحث عن نصٍ واضحٍ صريح لا يقبل التأويل في هذه المسألة فأنا لم أجد ذلك النص، بل، وهذا هو المثير، هناك نصٌ صريح في السنة أن أم ورقة أمّت أهل دارها وكان فيهم رجال من غير محارمها، لكن هذه مسألة يجب أن لا تشغلنا، لأنها مسألة صغيرة وأنا بالمناسبة ممن يؤمنون بأن الولاية العامة حق للمرأة مثل ما هي حق للرجل، وهذا أمر متروك للأمة من وجدت فيه الكفاية، ومن حقق مقاصد هذا المنصب ومن وفّى بمتطلباته على الوجه الأمثل فهو الأولى بهذه الإمامة سواء كان رجلاً أو امرأة، ونسأل الله عزّ وجلّ أن يرتقي حال النساء وأن يرتقي حال المرأة في أمتنا لتكون منافسة للرجل على هذا المنصب، هذا يسعدنا ويبهجنا ويجعلنا فخورين بأننا حققنا مقاصد الدين بأن جعلنا النساء شقائق الرجال.
الأستاذة ميساء أبو دربوع (مستشارة قانونية): ما رأيكم في مدونة أحوال الأسرة المغربية والتي حددت فيما يتعلق بتعدد الزوجات أنه إذا أراد الرجل أن يتزوج فبمعرفة زوجته الأولى والزوجة الثانية. وأن يكون قادراً أن يكون له بيتان ويكون للمرأة الأولى حق الطلاق، وسؤالي هو أليس للمرأة في حالة طلب من القاضي أن تطلق حق الطلاق للضرر في حالة أن زوجها قد تزوج بأخرى؟
 
الدكتور أحمد التويجري: بلا شك ولا جدل من حق المرأة أن تطلب الخلع إذا توافرت الشروط منها: سوء المعاملة ومنها الضرر ومنها أمور كثيرة، ومنها ما أشار إليه العلماء الإجبار على الزواج والزواج من غير الكفء، هذا حق مشروع متاح للمرأة في كل وقت، أما مدونة أحوال الأسرة المغربية فأنا لست مطلعاً على تفاصيلها، ولكنني سأتطرق للجانب الأهم وهو ما يتعلق بتنظيم مسألة الزواج وتعدد الزوجات، أنا أميل إلى أن هذه المباحات في الشريعة لا يجوز أن نقول إنها محرمات، فما أباحه الشرع سيظل مباحاً إلى يوم الدين، ولكنني أعتقد أن من حق المجتمع المسلم ولا تثريب عليه إذا توافق في يوم من الأيام على الحد من بعض هذه المباحات لمصالح مرعية في هذه المرحلة أو تلك، هذا الاختيار الذي يختاره المجتمع حق مكفول له، ولا أعتقد أن في الشريعة ما يمنعه ولكن يجب أن ينهج هذا الأمر في مناهج الشرعية الصحيحة من خلال الشورى ومن خلال إجماع الفقهاء أو غالبية الفقهاء على الأمر وأما المواقف المتشددة التي تُبنى على الغرب أو على أهواء وشهوات فلا أعتقد أن لها مكاناً في أمة تطلب الشرع والدين أساساً لأحكامها.
عريف الحفل : سؤال من الأستاذ عبد الحكيم خيران يقول:
هل كنتم في قصائدكم التي يمكن أن ننعتها بالقومية متأثرين بالشاعريْن أبي البقاء الرندي ومحمود غنيم وغيرهما؟
 
الدكتور أحمد التويجري : أنا تأثرت بشعراء كثيرين، وأقول مرة أخرى لا تواضعاً وإنما للحقيقة أقول أنا لا أعد نفسي شاعراً ولا أنظر إلى نفسي شاعراً وأنا أقول بعض الشعر في بعض الأوقات، وما قلته في بعض الأوقات نعم تأثرت به لكثير من الشعراء وليس فقط هذين، وأعتقد أكثر من تأثرت به ولأنني نشأت طفلاً على شعره هو الشاعر عمر أبو ريشة.
عريف الحفل: سؤال من إحدى السيدات:
نحب أن نسمع مقطعاً من أكثر شعر محبب إلى نفسك.
 
الدكتور أحمد التويجري : إذا سمحت لي الأخت والأخوات سأختم بقصيدة ليست لي ولكنها من الشعر الذي أحبه كثيراً وأسأل الله أن يغفر لقائلها فقد قال شعراً رديئاً، والشاعر هو نزار قباني والقصيدة قالها في الأندلس، كان يوماً في قصر الحمراء وعند بوابة القصر التقى بالدليلة السياحية التي رأى فيها ملامح شرقية فسألها هل أنت إسبانية؟ فقالت له لا، إن أجدادي هم الذين بنوا هذه القصور فكتب قصيدته الخالدة:
في مدخل الحمراء كان لقاؤنا
ما أطيب اللقيا بلا ميعادِ
عينان سوداوان في حجريهما
تتولد الأبعاد من أبعادِ
هل أنت إسبانية ساءلتها
قالت: وفي غرناطة ميلادي
غرناطة وصحت قرون سبعة
في تيْنك العينين بعد رقادِ
وأميةٌ راياتها مرفوعة
وجيادها موصولةٌ بجيادِ
ما أغرب التاريخ كيف أعادني
لحفيدة سمراء من أحفادي
وجه دمشقي رأيت خلاله
أجفان بلقيس وجيد سعاد
ورأيت منزلنا القديم وحجرةً
كانت بها أمي تَمُدُ وسادِي
والياسمينة رصعت بنجومها
والبِرْكَةَ الذهبيّةَ الإنْشَادِ
ودمشقُ أينَ تكونُ؟ قُلْتُ: ترينهَا
في شعرك المنساب نهر سوادِ
في وجهك العربي في الثغر الذي
ما زال مختزناً شموس بلادي
في طِيبِ جنات العَرِيفِ ومائهَا
في الفُلّ في الرّيحانِ في الكَبَّادِ
سارت معي والشَّعر يلهث خلفها
كسنابلٍ تُرِكَتْ بِغَيرِ حَصَادِ
يتألّق القرطُ الطويل بجيدها
مثل الشموع بليلة الميلادِ
الزخرفات أكاد أسمع نبضها
والزركشات على السقوف تنادي
قالت: هنا الحمراء زهو جدودنا
فاقرأ على جدرانها أمجادي
أمجادها! ومسحتُ جرحاً نازفاً
ومسحتُ جرحاً ثانياً بفؤادي
يا ليت وارثتي الجميلة أدركت
أن الذين عنتهمُ أجدادي
عانقت فيها عندما ودعتها
رجلاً يسمى طارق بن زيادِ
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1014  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 194 من 235
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة بديعة كشغري

الأديبة والكاتبة والشاعرة.