(( كلمة سعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه ))
|
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله حمداً يبلغ رضاه, وصلى الله على أشرف من اجتباه, وعلى آل بيته ومن صاحبه ووالاه, وسلم تسليماً لا يدرك منتهاه. |
الأساتذات الفاضلات |
الأساتذة الأكارم: |
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: |
يسعدني أن أرحب بكم أجمل ترحيب في هذه الأمسية التي نحظى فيها بصحبة الفريق الركن صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن ناصر بن عبد العزيز آل سعود, الرئيس العام للأرصاد وحماية البيئة.. سعداء بأن نقلع معاً على جناح تجربته بشقيها العسكري والمدني, وليس بغريب على منتداكم أن يشرف بلقاء رجال أسهموا في إثراء ساحة العطاء الإنساني في مجالات تختلف عن مسار الاثنينية المتعارف عليه, ومنهم على سبيل المثال صاحب السمو الملكي الأمير محمد الفيصل آل سعود كأحد رواد الاقتصاد والبنوك الإسلامية, والدكتورين مصطفى معمر وإبراهيم عالم كأول سعوديين ارتادا القطب الشمالي, وصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان ابن عبد العزيز للتعريف بالجمعية الخيرية لرعاية الأطفال المعوقين وخططها وإنجازاتها وكذلك إلقاء الضوء على السياحة الداخلية وبرامجها وآليات تطويرها والنهوض بها. |
ويأتي اللقاء الذي نسعد به هذه الليلة امتداداً لاحتفائنا برجالات يقدمون الكثير بعيداً عن الأضواء إلا أن آثارهم تدل عليهم, ودورهم المؤثر في الحياة يشكل عنصراً مهماً في مسيرتنا اليومية نحو غد مشرق إن شاء الله. |
ولا أخفيكم أن الجانب العسكري في حياة فارس أمسيتنا يعتبر حلقة قد تحفها بعض المحاذير لما يكتنفها من خصوصية تتعلق بطبيعة ذلك العمل, إلا أن ذلك لا يتعارض مع تقديرنا واعتزازنا بخمسة وثلاثين عاماً سلخها من عمره المديد بإذن الله في خدمة سلاح الطيران متدرجاً من ضابط طيار إلى رتبة فريق ركن, مستشاراً خاصاً لصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام.. وبين بداية السلم وقمته عالم من العطاء المخلص الذي جنى الوطن شهده أمناً وأماناً واطمئناناً خلال ظروف عصيبة مرت بالمنطقة, ومن أبرزها حربا الخليج الأولى والثانية, وما صاحبهما من علاقات دولية معقدة. |
أما الشأن الآخر الذي نود تسليط بعض حزم الضوء عليه عبر هذا اللقاء فهو موضوع الأرصاد وحماية البيئة, نظراً للدور الكبير الذي ينسحب على الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة في ظل التطورات العالمية التي أصبحت تشهد مزيداً من تدويل العلاقات في معظم المجالات ومن بينها منظمة التجارة العالمية والمواثيق التي تحكم مسارها, وتعلمون ما لانضمام المملكة لاتفاقية منظمة التجارة العالمية من عمق يرتبط ببعض المعايير البيئية, وأحسب أن اختيار القيادة لشخصية في قيمة وقامة سمو فارس أمسيتنا ليكون مسؤولاً عن الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة يشير إلى العناية المنوطة بالدقة والحزم والانضباط في تسيير العمل ليصل إلى المستوى المنشود عالمياً, فقد تنادت دول العالم أجمع على أهمية الاهتمام بالبيئة والتصالح معها لحماية هذا الكوكب من أخطار جسيمة باتت تتهدده في تقلبات المناخ, والأمطار الحمضية, وثقب الأوزون, وغيرها من الظواهر التي ترتبط ارتباطاً مباشراً بالبيئة وضرورة حمايتها من العبث والأنانية في التعامل معها بدءاً من أصغر التصرفات الفردية, كإلقاء القمامة دون اكتراث وعدم التخلص منها بطرق علمية وإهمال البيئة البحرية, وصولاً إلى أعلى مراتب الجور في التعامل البيئي ممثلاً في اختناق المدن الصناعية الضخمة بآلاف المداخن التي تلقي بفضلاتها عبر الفضاء الفسيح إلى كل مكان.. وغيرها من أوجه التلوث الذي استوجب اتخاذ إجراءات علمية وعملية حازمة للسيطرة عليها. |
إن بلادنا الشاسعة مؤطرة في مثلث البحر -والصحراء- والمرتفعات الجنوبية.. هذه التضاريس الواضحة المعالم أصبحت عرضة لكثير من عناصر التلوث التي شملت البحر, والبر, والجو, ولا سيما الخليج العربي, من خلال مخلفات النفط ومشتقاته, وما أفرزته حربا الخليج الأولى والثانية, وحرق آبار النفط إبان الاحتلال العراقي الغاشم لدولة الكويت, وغيرها من الآثار التي ما زالت تعاني منها المنطقة بصورة سلبية.. وكثيراً ما يخسر العالم ثروات لا تقدر بثمن نتيجة الإهمال الذي يُلحِق أعظم الأذى بالثروات البحرية مثل الشعب المرجانية التي يستغرق تكونها آلاف السنين, وربما تضيع في لحظات بسبب جنوح بعض السفن أو تسرب الزيت وغيرها من الحوادث الناجمة عن الاستغلال غير المسؤول للبيئة البحرية, فتزول في طرفة عين عوالم من الطيور والمخلوقات البحرية النادرة, وهذه أشكال من الخسارة لا يمكن تعويضها بأي شكل من الأشكال. |
كما لا يخفى عليكم أن العالم كله يسعى إلى ترسيخ النظم التي تكفل لهذا الكوكب الذي نعيش عليه بيئة صالحة تتناسب وما أودعه الله سبحانه وتعالى في الكون من أسرار ومكونات ونسب لا يجوز التغول عليها والإسراف في الجور عند التعامل معها والاستفادة من معطياتها.. فالقرآن الكريم نبه البشر قبل أربعة عشر قرناً بقول الحق عز وجل والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل شيء موزون (الحجر: 19) وقوله عز من قائل إنا كل شيء خلقناه بقدر (القمر: 49).. في إشارة واضحة إلى أهمية الانضباط في استغلال ثروات الطبيعة بشقيها التعديني الأحفوري والإحيائي.. ولعل اتفاقية "كيوتو" تمثل قمة ما توصل إليه العالم في هذا المجال.. إلا أن عدم الالتزام من قبل بعض الدول بمعايير ومتطلبات الاتفاقية, بل رفض التوقيع عليها, يؤثر بطبيعة الحال في أدائها والنتائج المتوقعة من التقيد بها. |
أما الحديث عن الأرصاد فقد لفت الانتباه في الآونة الأخيرة بعد أن شدت كارثة المد البحري المعروف باسم (تسونامي) الأنظار خلال الأشهر الماضية, حيث أثَّرت المأساة على آلاف البشر في جنوب شرق آسيا ما بين قتيل ومعاق ومشرد.. ولعل هذه الكارثة بأبعادها الإنسانية, وما أسهمت به الفضائيات والانفتاح الإعلامي الكبير الذي أتاح للجميع متابعة الأحداث أولاً بأول, جعل الناس يتساءلون عن إمكانية حدوث أمر مماثل في مناطق أخرى من العالم, وهناك من يتساءل عن الدور الذي يمكن أن تقوم به الأرصاد في التنبؤ بمثل هذه الأحداث -لا سمح الله- إذا قدر لأجزاء من بلادنا أن تمر بابتلاء مماثل.. وهل بالإمكان, وبقدر الطاقات المتاحة, إيجاد آلية استشعار تخفف بصورة حقيقية من هول هذه المصائب وآثارها المدمرة؟ أم أن الأمر خارج عن إطار الأرصاد في الوقت الراهن, وما هي الجهة التي ينبغي عليها التصدي لهذا العمل المهم الذي يرتبط بحياة الناس بل يدخل في تصميم المباني واستحداث معايير جديدة للأمن والسلامة وأساليب درء الكوارث الطبيعية. |
إن الدور الكبير المنوط بفارس أمسيتنا يشكل ملفاً مهماً لمستقبلنا بما ينطوي عليه من مناشط تمس صميم حياة المواطن وصحته بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.. وهذه الأهمية تتطلب وجود برامج محددة لربط المواطن بعجلة العمل والجهود التي تبذل لحماية البيئة, ويسعدنا أن نستمع من سموه إلى الأطر والأهداف والبرامج التي تقوم عليها حماية البيئة, والدور الذي تضطلع به وسائل الإعلام المختلفة لتحقيق الأهداف المرجوة, ودور المواطن والمسؤول في الوصول إلى بيئة تتفق والمعايير الدولية التي أصبحت لزاماً على الجميع. |
نشكر سمو فارس أمسيتنا على إطلاع جمعكم الكريم على الدور الذي تقوم به الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة وفق المرسوم الملكي الكريم رقم م/34 وتاريخ 28/7/1422هـ, ثم الدخول مع سموه في حوار يقود إلى تلاقح الأفكار لما فيه خير الوطن والمواطنين إن شاء الله. |
سعيداً أن نلتقي يوم السبت القادم لتكريم المهندس الشاب وائل أمان الله مرزا بخاري, أحد أفراد فريق تطوير الأعمال الإلكترونية, التابع لمركز إدارة الأعمال الإلكتروني بقطاع تقنية المعلومات بالخطوط الجوية العربية السعودية, وهو من النوابغ الذين يستحقون التكريم والمؤازرة, كمثال يحتذى للشباب المدرك لأهمية المرحلة, والانفتاح على معطيات التقنية وتطويعها لخدمة الوطن والمواطنين.. كما تشرف الاثنينية القادمة بإذنه تعالى بتكريم الشاعر والقانوني المعروف, عضو مجلس الشورى الدكتور أحمد بن عثمان التويجري.. لنستشرف تجربته, ونرتاد عوالمه الخاصة في دنيا الشعر والأدب.. فإلى لقاء يتجدد وأنتم ومن تحبون بخير. |
قبل أن أختتم أود أن أقول كلمتين موجزتين: |
للتعريف بهدف هذه الأمسية وتكراراً لما بدأت ولما أسهبت وهو أن المثقفين بصفة عامة.. وأكثر المواطنين.. ولنقلها صريحة, يجهلون كثيراً من الجوانب التي هي من واجبات هيئة الأرصاد وحماية البيئة, كما يجهلون الدور الذي تتطلع إليه الهيئة وتتطلبه منهم, فإذن هناك جسر يجب أن يكون متصلاً بين المواطن والهيئة, أردت من هذه الأمسية أن تتضح أوضاع هذا الجسر المتواصل بين المواطن والهيئة، وإنني أتطلع إلى خبرة سموه ولماحيته وما عرف به من كياسة ودقة أن يطلعنا لنكون على علم وبينة على ما هو متوجب على المواطن وعلى ما هو متوجب على الهيئة بجدية الربط بين المواطن والهيئة لنكون على عمل مثمر لخير هذا الوطن والمواطن والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. |
|
عريف الحفل: يسرني أن أنقل لاقط الصوت إلى سعادة الأستاذ محمد بن علي الغيثي مدير عام الموانىء السابق. |
|
|