شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة سعادة الدكتور عبد الكريم العوفي ))
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه الأخيار.
أصحاب السعادة.. الأستاذ المفضال عبد المقصود خوجه.. إخواني الحضور من علماء ومفكّرين وروّاد اثنينية.. أخي الدكتور عمر بن قينة.. السيد نائب القنصل العام للسفارة الجزائرية في جدة.. السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته وبعد..
 
في البداية أود أن أتقدم بوافر الشكر والعرفان إلى صاحب الاثنينية الأستاذ عبد المقصود خوجه على استضافته هذه الكوكبة من علماء ومفكرين في بيته العامر بالعلم والخير، وأسأل الله أن يجزيه عنا وعن العلم خير الجزاء.
كلمتي التي أتقدم بها هي عبارة عن عرض لكتابٍ من الكتب التي ألّفها الأستاذ عمر بن قينة وهي تحمل هُمومَ مثقفٍ وهذا الكتاب يحمل عنوان "المشكلة الثقافية في الجزائر التفاعلات والنتائج"، مفاتيح هذا الكتاب، الإسلام، اللغة، الهوية، التنصير، الأمازيغية، الاستعمار، الفرانكوفونية، الثقافة البربرية، اللائكية، التغريب، الاضطهاد، الوطن، المرتزقة إلى غير ذلك من هذه المصطلحات التي ترددت في الكتاب، أود أن أشير قبل أن أواصل العرض إلى أن بعضاً من هذه المصطلحات التي أذكرها أو التي ذكرها الأستاذ كاللائكية والتغريب والفرانكوفونية لا تعني أنها كل الجزائريين الذين ينعتون بهذه الصفة يحملون هذه الصفات، إنما هذه فئة قليلة لكن نفوذها ربما لها نفوذها قوي ومؤثر في الجانب الفكري والثقافي في المجتمع الجزائري، وقد استمعنا إلى الأستاذ عبد المقصود خوجه في كلمته الشاملة وإلى الأستاذ حسن الوراكلي المنبع والمنطلق الذي انطلق منه الدكتور عمر بن قينة وتوجهاته في معالجة هذه القضايا، وهو حينما يعالج ويذكر هذه المسائل فإنه لا يعني أنه ضد هذه التيارات المختلفة وإنما يريد أن يحمي مجتمعه من هذه الظاهرة الغريبة التي عادت بعد الاستقلال.
 
صدر الكتاب عن دار أسامة في الأردن، سنة 2000م وهو يقع في سبع وخمسين ومائة صفحة، يشتمل الكتاب على مقدمة وثلاثة أقسام: تناولت المقدمة إشكال الثقافة في الجزائر، وفيها يؤكد الكاتب أن الهوية الثقافية التي توطنت ركائزها في الجزائر منذ ثلاثة عشر قرناً أصبحت محل مراجعة ومزايدة تحت مؤثرات داخلية وخارجية، أما القسم الأول والموسوم به المشكلة الثقافية من حيث تفاعلاتها ونتائجها، فحدد فيهم مصطلح الثقافة الذي يشكِّل وعاءً للسياسة والاقتصاد والتاريخ والدين والعادات والتقاليد والاجتماع والأعراف والقوانين وأشكال التفكير والسلوك، وعنصرهما الأساسيان هما: اللغة والدين، فاللغة جمعت أفراد مجتمع، والإسلام وحدهم عقيدةً، وهو حال الشعب الجزائري طيلة القرون الثلاثة عشر الماضية إلى أن جاءه المستعمر فاحتله وأحدث ما أحدث فيه من شغب.
بدأت المشكلة تأخذ أبعادها الخطيرة منذ حصول الجزائر على استقلالها سنة 1962م وذلك بضربها القيم والعادات والدين واللغة على أيدي ضِعاف النفوس من أبناء الوطن ممن اندمجوا مع التيار الفرنسي، فحدث مسخ شنيع على مر الأيام أفرز مشكلة ثقافية قلبت كل موازين الثقافة حتى صار أجيال الاستقلال يشكّكون في تاريخ بلادهم ومقوّمات مجتمعهم.
لقد ردَّ الغُزاة الرومان ومن جاء بعدهم، لكن المسلمين استقبلوا وناصرهم البربر لما أدركوا أن دينهم دين تسامح وعدل وتعلموا العربية وأبدعوا فيها، وأبناء البربر الذين أبدعوا في اللغة العربية بكة بن حمّاد التيهرتي الشاعر المعروف، النحويان ابن معطي الزواوي وابن أجروم الصنهاجي والمؤرخ أبو العباس القريني وغير هؤلاء كثيرون ممن أثروا في الحركة الفكرية والثقافية على مر العصور، ومنهم: عبد الحميد بن باديس الصنهاجي وهو بربري الأصل، الذي يقول في إحدى خطبه راداً على دعاة التغريبية يقول: إن أبناء يعرب وأبناء أمازيغا قد جمع بينهم الإسلام منذ أربعة عشر قرناً، ثم دأبت تلك القرون تمزج ما بينهم في الشدة والرخاء وتؤلف بينهم في العسر واليسر وتوحدهم في السراء والضراء حتى كوّنت منهم منذ أحقاب بعيدة عنصراً مسلماً جزائرياً أمه الجزائر وأبوه الإسلام، يقول الكاتب عمر بن قينة: زُرعت بذور المشكلة الثقافية زراعة فرنسية خالصة على أساس لغوي عرقي، بعد نحو ثلاثة عشر قرناً، صارت فيها العرب هي لغة علم وتعليم، وبقيت البربر على الشفاه حرة طليقة فتلوّنوا باختلاف جهات الوطن كاختلاف العاميات العربية نفسها في الجزائر ذاتها والوطن العربي كله، أما حين اصطنعت هذه المشكلة فقد انجذب إليها كل الانتهازيين والوصوليين في بِرَك السياسة العكرة وفي حمأة الصراع المصلحي الشخصي الذي اتخذ له طابعاً جهوياً قبلياً، ثم تساءل كيف تفاعلت المشكلة الثقافية إبان الاحتلال الفرنسي؟ وأجاب بأن المشكلة حُبكت خيوطها بفعل عوامل منها:
أولاً: الفعل الاستعماري، حيث إن المستعمر طبق سياسة التنصير وتعليم الفرنسية، بدعوى رفع الجهل عن الجزائريين، ونشر الثقافة الأصيلة، والحضارة التي تخرجهم مما هم فيه.
ثانياً: تيار الولاء للاحتلال الفرنسي وقد عمل هذا التيار عبر ثلاثة أجنحة، جناح النخبة التقليدية، ثم جناح الاندماجيين وهو أشد الأجنحة خطراً على هوية الأمة لمساندته الدعوات الاستعمارية، ثم جناح الفئة المثقفة العربية، وهذه الفئة مَكَّنَ لها المستعمر بأن تنشر كثيراً من كتب التراث ولكنها في الحقيقة انساقت وراء الرغبات الاستعمارية.
ثالثاً: التيار الوطني، الذي تصدى للمستعمر بكل الوسائل، وله أيضاً أجنحة متعددة:
أ- الجناح العسكري: وتمثّل في المقاومات العديدة التي قادها الأمير عبد القادر وأحمد باي، والشيخ والمحدار وعمامة، وكل هؤلاء رجال علم وأصحاب زوايا كانت لهذه الدور والمؤسسات كان لها دور فعّال في إيقاظ الوعي الوطني ونشر الثقافة الإسلامية والتعليم, القيم التي تجعل هؤلاء المواطنين يحاربون المستعمر الغازي، يقول عبد الحميد بن باديس في نشيد له خالد وقد ذكر الأستاذ قبل قليل مقطعاً منه:
شعب الجزائر مسلم
وإلى العروبة ينتسب
من قال حاد عن أصله
أو قال مات فقد كذب
أو رام إدماجاً له
رام المحال من الطلب
 
فقد ذكر الأستاذ النشيد، قلت هذه الوضعية جعلت الحركة الوطنية تقوم بفصائلها المختلفة على رد مزاعم السلطة الفرنسية لكن المؤلف يتألم كثيراً باعتباره يحمل بهموم وطنه، لأن ثقافته ومكونه الأساسي تم في إطار ثنائية العروبة والإسلام فتساءل حينما عادت هذه القضية وقال: لماذا عادت الحياة قوية الفكر كنا نحسب أنها دفنت مع دعاتها أو تلاشت بتلاشي ظلال المحتلين في الجزائر، أين الخلل أفي مواثيقنا؟ أم في الذين قبضوا مقاليد الحكم؟ أم في سلبية التيار الوطني؟ ثم بعد ذلك تناول تحت عنوان "الهوية الوطنية في أهم المواثيق الجزائرية" بدا من ميثاق أول نوفمبر 1954م إلى 1996م وتعرّض بالتحليل والنقد للأوضاع التي أفرزتها هذه المسألة.
ثم في القسم الثاني من الكتاب يتحدث عن المسألة البربرية الأمازيغية وذلك عبر محطاتها الثلاثة، محطة أولى تبدأ من سنة 1949م حينما عملت فرنسا على زرع هذه الفكرة في نفوس الناس في فرنسا، ثم بعد ذلك دعمتها بإنشاء الأكاديمية البربرية سنة 1967م وبهذا اكتملت الحلقة الأولى، ثم بعد ذلك تأتي المحطة الثانية وهي: تبدأ سنة 1980م عندما قام جمع من الطلبة في الثانويات وفي المركز الجامعي في ولاية تيزي وزو بمظاهرات حملت شعارات معادية للإسلام والعربية ودعت إلى استعمال اللغات المحلية والحقيقة كما أشار الأستاذ قبل قليل هذه اللغات المحلية هي اللهجات المحلية العامية، واللغة البربرية أو الأمازيغية، وهي الحقيقة عبارة عن حصان طروادة اتخذوه للوصول إلى إحلال اللغة الفرنسية محل اللغة العربية، ثم تأتي المحطة الثالثة وهي: في الواقع 1989م التي تعتبر في الحقيقة هزّة عنيفة في المجتمع الجزائري عندما فُتِح المجال لتعدد السياسية فدخل فيها كل من هب ودبَّ وتبنت الكثير من الأحزاب السياسية هذه الفكرة الفرانكوفونية الغربية.
أخيراً.. في القسم الثالث من الكتاب يعرض لنا المؤلف في طائفة من مقالات نشرها في جرائد وطنية وجرائد عربية منها "الراية" الخليجية، يعرض فيها جملة من القضايا الفكرية وشيجة الصلة بهذه المسألة، والحقيقة هذه المسائل كلها التي نشرها في هذه المقالات تُعد وسيلة من الوسائل التي يرى المؤلف بأننا لو اتخذناها أو سرنا على منوالها يمكن أن نحارب هذه الظاهرة لكن أقول لأستاذي وزميلي إن هذا الكتاب قد كُتِبَ سنة 2000م ومرت..
الشيخ عبد المقصود خوجه: أستاذنا الكبير لقد أخذتم وقتاً أطول، لأنه ليس لدينا متسع من الوقت.
الدكتور عبد الكريم العوفي: سؤال فقط للأستاذ، قلت خمس سنوات مرت على الكتاب بعد هذا التوصيف الذي قدّمه الأستاذ واليوم المسالة ازدادت ونمت فهل من توصيف آخر؟ وكيف يمكننا أن نمكّن إخواننا في المشرق العربي وفي الخليج العربي من معرفة ومعايشة هذه الظاهرة الغريبة التي نرى أنها لو استمرت قد يمتد أثرها إلى خارج الجزائر؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الشيخ عبد المقصود خوجه: رغبتي أن أعطي الكلمة لكل من يود، والوقت الذي يود، ولكن مع الأسف الوقت قصير، فلذلك أرجو ألاّ تكون الكلمات أكثر من خمس إلى سبع دقائق حتى نتيح الفرصة لأكبر عدد من المتكلمين، وهناك لا يزال للضيف مساحة كبيرة يجب أن يأخذها قبل أي متكلم آخر، وهناك أيضاً حوار بينه وبين الحضور من الأخوات الفاضلات والأساتذة الكرام.
 
عريف الحفل: الكلمة الآن لسعادة الأستاذ: عادل خميس.
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :482  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 115 من 235
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور عبد الكريم محمود الخطيب

له أكثر من ثلاثين مؤلفاً، في التاريخ والأدب والقصة.