حيِّ الأكارمَ والأفاضلَ والغُررْ |
وأفضْ ثناءً كالجواهرِ والدُّررْ |
واصدحْ بلحنكَ يا كنارُ مغرداً |
فوقَ الخمائلِ والحدائقِ والزَّهَرْ |
مِنْ نرجسٍ أو سندسٍ وشقائقَ |
ريَّا منَ الأنداءِ جَلَّلَها الخَفَرْ |
وانظر إلى الأحبابِ حولك كلهم |
في نشوةٍ تحكي النسائمَ في السَّحرْ |
حتى المقاعدُ والشموعُ تراقصتْ |
جذلى تشاركنا البشاشةَ والسَّمرْ |
حقاً لقد غمرَ المكانَ أريجُكم |
عطراً يضوعُ مع النسيمِ وينتشرْ |
حيِّ العميدَ مُكرماً في دارهِ |
كالنسرِ عاودهُ الحنينُ إلى الوَكرْ |
شكراً فقد صنعَ اللقاءَ وضمّنا |
في لمسةٍ تحكي الوفاءَ لمن ذُكـرْ |
شكراً فقد جَمـع القلـوبَ علـى الوفـا |
في محفلِ العلماءِ يوماً مُفتخـرْ |
دَوماً يُلامسُ قلبكم إحساسنا |
وبعطفكم طوقتموا كُلَّ الأُسَـرْ |
يا من رفعتَ شعـارَ اثنينيةٍ |
رمزاً يرددهُ الأوائـلَ والأُخـرْ |
ويؤمها صيدُ الرجـالِ لينثـروا |
في صدرها أغلى النفيسِ من الدُّررْ |
فملكتَ في كُلِّ القلـوبِ محبـةً |
لله لا جاهـاً تريـدُ ولا وَطـرْ |
شكراً أبا أيمن فإنك شمسنا |
نمتد منك ضياءنا نحن القمرْ |
فسرورنا بلقائكم في حفلنا |
شوقاً لمنطقكَ العزيزِ المنتظرْ |
فلكَ الحفاوةُ في سوادِ عيونِنَا |
وعلى القلوبِ أخٌ تربعَ واحتكرْ |
شكراً لكل مساهمٍ في حفلنا |
شكراً لمن لبّى النداءَ ومن حضرْ |
فاليومَ يومٌ خالـدٌ متجـدد |
يبقى بقاءَ النقشِ في جوفِ الحجرْ |
اليومَ عيدُ العلـم في أبنائنـا |
اليومَ عُرسُ المجدِ في هذا النفـرْ |
بالعلمِ سادَ الناسُ في أوطانهـم |
أحيوا من الآثار أجملَ ما اندثـرْ |
فالعلم نبراس يضـيء طريقنـا |
لولاه ما كان التقدم للبشـرْ |
والعلمُ ينبوعُ يفيـضُ حـلاوةً |
وكتابُ ربُّ العالمينَ بـهِ أمـرْ |
وعظائمَ الآياتِ تذكـرُ فضلـهُ |
اقرأ وربك والكثير من السـورْ |
ورسولنا المحبـوب يأمرنـا بـه |
لِلَّحْدِ منذ المهـد يحكيه الأثـرْ |
ومجالس الخلفاء حبلى بالقصص |
من حامل النعلين نستوحي العبر |
فالحكم للتاريخ وهو مصدق |
فيما يسجل من حديث أو خبرْ |
يا أيها الصيد الذيـن عرفتهـم |
منـذ الصبـا حـتى كسـا الشيب الشعرْ |
يا ناشري خيرَ العلومِ لجيلنـا |
يا ساخرين من الزمانِ إذا سخرْ |
كنتم مراتعَ كـل علـم عندنـا |
زمرٌ من الأجيالِ تعقبها زُمرْ |
أورثتموا أبناءنا كـل التقـى |
جاهدتموا في العلمِ ما أحلى الظفرْ |
أحرزتموا فوقَ العلـومِ شمائـلاًً |
عقلاً حكيماً زانهُ بُعدَ النظرْ |
فمنَ العلومِ على الجبينِ وضاءة |
وكأنها قد أُشرِبتْ ضوءَ القمرْ |
أما الشواهدُ في جميعِ حديثهم |
آيُ الكتابِ وما حواهُ المختصرْ |
ومن المكارمِ والتواضعُ والنُّهى |
ملءُ المسامعِ ذِكرُها مِلءُ البصرْ |
ومـنَ الفنونِ بدائـعٌ وروائعٌ |
كالحقلِ أينعَ بالبراعمِ وازدهرْ |
وبمنزعِ الأكوابِ تُروى أنفسٌ |
ظمأى تغذيها المعارفُ كالمطرْ |
كنتمْ لواءَ العلمِ يخفقُ في العُلا |
وبكم لواءُ العلمِ نافسَ وافتخرْ |
بعتمْ ربيعَ حياتِكمْ وشبابِكُمْ |
وركبتموا في العلمِ صهواتُ الخطرْ |
رمتمْ مصاحبةَ الكتـابِ لأنـه |
خِلٌّ وفيٌّ في الحضورِ وفي السفرْ |
كم من يراعةِ كاتبٍ صاغتْ لنا |
غُرراً من الأمثالِ في شتى الصورْ |
جيلٌ يُحدِّثُ بعد جيلٍ عنكموا |
قولاً تنوءُ به الصحائفُ لو نُشِرْ |
الكل يعرفكم ويشهدُ أنكـم |
جيلٌ تعزُّ به النفوسُ وتفتخرْ |
نافستمُ الجـوزاءَ في عليائهـا |
صَفْوَ النفوسِ فلا يُعكرهُ كَدَرْ |
فوقَ النجومِ على الدوامِ محلكم |
ولكم على أجيالنا أغلى الأثرْ |
كالنخلِّ يشمخُ في الفضاءِ ويرتقي |
ويمدُّنا أحلى الرطيبِ من الثمرْ |
والشمسُ تسطعُ في المعالي والذرا |
والضوءُ يحتضنُ البوادي والحضرْ |
بالأمسِ كانَ لدى المعلمِ هيبةٌ |
ومن الوقارِ عليه ما يجلي البصرْ |
وتراهُ بينَ النشءِ يزهو شامخاً |
ويجلهُ الأبنـاءُ قدوتـهُ عُمـرْ |
واليومَ ضاعَ الكل ويْحِي إنه |
خطرٌ يهددُ دِينَنَا أدهى خطرْ |
الغربُ بث سمومهُ في جيلنا |
كيفَ الخلاصُ أحبتي؟ أين المفرْ؟ |
صاغَ الرذيلةَ في ثيابِ حضارةٍ |
ومنَ المفاسدِ ليسَ يُبقي ولا يَذَرْ |
فشبابُنا خُدِعُوا بجيـلٍ فاسـدٍ |
بَاعَ المكارمَ والمعالي وانحدرْ |
ساروا وراءَ الغربِ في عاداتهم |
حسروا الرؤوسَ وصففـوا خُصـلَ الشَّعرْ |
ما رأيكم لو كان فينا مطربٌ |
أو مخرجٌ أو بيننا عازفُ وترْ |
أو كان من بين الحضور ممثلٌ |
ومدرّبٌ أو بيننا لاعبُ أُكرْ |
لهفتْ جميعُ وسائلُ الإعلامِ |
تطلبُ رَسمهُ والبعضُ يلتقطُ الصورْ |
وتَبثُّهُ الأقمارُ في كل الدُّنَا |
وتذيعهُ الأنباءُ في أول خبرْ |
أما المعلمُ رَغمَ كلَّ جُهودهِ |
سيظلُ يندبُ حظهُ طولَ العُمرْ |
دعواتكم.. دعواتكم يا إخوتي |
لشبابنا فالجوُ أظلمَ واعتكرْ |
فعلى ا لمعلـمِ أن يشـدَّ إِزارهُ |
يَرعى البراعمَ والعقولَ منَ الصغرْ |
وعلى المعلمِ أن يكونَ مجاهداً |
في الله لا يرجو ثواباً من بشرْ |
ضاعتْ عباراتي وماتتْ أحرفي |
ويراعي المسكينُ عيا وانكسرْ |
والله ما أوفيتُ بعضَ حقوقهم |
كلا ولا أفرغتُ مكنونَ الصدرْ |
لما رأيتُ الحُـرُّ يخجلـه الثنـا |
أظهرتُ جزءاً والقليلُ قد استترْ |
عُذري لديكم يا رفاقي وصحبتي |
إني قليلُ الحظِّ في نظمِ الشِّعرْ |
أُهدي التحيـةَ والسـلامَ مُعطـراً |
مـا غـابَ نجمٌ فـي السمـاءِ ومـا ظَهَرْ |