((
كلمة فارس الاثنينية سعادة
الأستاذ خالد المالك
))
|
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، سيدنا ونبينا محمد ابن عبد الله، وعلى آله وصحبه أجمعين. |
أخانا الأستاذ عبد المقصود خوجه.. |
أصحاب الفضيلة.. |
أصحاب المعالي.. |
أصحاب السعادة.. |
أيها الأخوة الحضور.. |
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: |
يسعدني ويسرني أن أتوجه بالتحية لأخي العزيز.. الصديق عبد المقصود خوجه على تكرمه بدعوتي إلى لقاء هذا الجمع الطيب، ضمن من شملهم تكريمه لهم على مدى عشرين عاماً، كما هي التحية وكما هو الشكر لكم جميعاً أيها الأخوة الحضور وقد جئتم إلى هنا تحيون وتساندون هذا التوجه النبيل والسنة الحميدة، لصاحب الاثنينية، أستاذنا المفضال عبد المقصود خوجه. |
وليس أمامي وقد طُلب مني أن أُخاطبكم بكلمة ضمن برنامج هذا الحفل، إلا أن أقول لكم صادقاً إن عبد المقصود خوجه هو الأحق بالتكريم والأجدر بالاحتفاء مني ومن كل من سبقني إلى هذا المكان الذي أقتعده، فبادرته كبيرة في فكرتها وأسلوبها وتنظيمها واختيار شخصياتها، وقد أضاف لها من حسه وتفاعله واهتمامه ودعمه ما ميزها ومكنها وساهم في بلوغها كل هذا النجاح الذي تحقق. |
من هنا جاز لي أن أقول لكم ولنفسي إنه الأحق بالتكريم والأجدر بالاحتفاء وإذا كان لي أن أستدرك فإن حضوركم بهذا العدد هو تكريم لصاحب هذه الاثنينية، وإن استجابة أكثر من مائتي مثقف ومفكر ومؤرخ وإعلامي تم تكريمهم هو تكريم آخر لعبد المقصود خوجه، وإن الصدى الكبير والطيب لعطاءات أمسيات الاثنينية يدخل ضمن هذا التكريم لصاحبها، وإن التفاعل مع مواضيعها ورموزها وما يقال فيها وعنها لا يخرج بنظري عن منظومة أنواع التكريم للرجل الكبير الذي خدم الثقافة وساند العلم ووقف إلى جانب المفكرين والمثقفين بإحيائه هذا النوع من المنتديات الثقافية. |
وإذ أُقدِّر لأستاذنا عبد المقصود خوجه أن جاء اختياره لي ضيفاً في افتتاح موسم الاثنينية الجديد مع بلوغ مسيرتها العشرين عاماً، وهو كما أفهم تأكيد على محبته وتجاوب كريم منه يتسم بالتقدير العالي على ما ظهر ويظهر له من أن هناك جهداً كبيراً يبذله الزملاء وشخصي في صحيفة "الجزيرة" لتكون كما يريدها القارئ لسان حاله في التعبير عن همومه، إذا كان فهمي يحوم حول ما يفكر فيه صاحب الاثنينية فإني أؤكد له ولكل الحضور وللصديق العزيز تحديداً الدكتور عبد الله مناع، أن صحيفة "الجزيرة" لن تُخيب أملكم فيها وسوف تكون دائماً أمينة في أداء رسالتها وعلى النحو الذي يخدم هذا الوطن الغالي بثوابته الدينية وتقاليده الطيبة. |
لقد تكرر هذا المشهد الثقافي وعلى مدى عشرين عاماً عشرات المرات، كَرَّمَتْ الاثنينية خلالها أكثر من مائتي مفكر وعالم وشاعر وأديب وصحفي، وآخرين ممن يصنفون ضمن المبدعين سواء من داخل المملكة أو من الدول العربية والإسلامية، وهو رقم كبير وبخاصة حين يقوم به منتدى خاص ويتصدى له شخص بإمكاناته الذاتية غير أن من يعرف صاحب الاثنينية عن قرب يُدرك أن تكريم الأعلام ظل هاجس الرجل وقد سعى إلى إنجازه كمشروع ثقافي رائد يخلده ويبقيه في ذاكرة الوطن والمواطنين أكثر من أي عمل دنيوي آخر، وقد نجح في ذلك. |
من هنا واستكمالاً لحدبه على إنجاح هذه التظاهرة الثقافية جاء توثيقه لها من خلال تفريغ أشرطة الاثنينية ومراجعتها من قبل المختصين ومن ثم دفعها إلى المطبعة لطباعتها في كتاب ضمن أجزاء سلسلة الاثنينية، وقد صدر منها حتى الآن –كما علمت- ثمانية عشر جزءاً وهذا المساء وصلنا الجزء التاسع عشر، وجهد عبد المقصود لإبراز الوجه الثقافي المشرق لبلادنا كبير ومتنوع، وقد لا يسمح الوقت لمزيد من الاسترسال غير أنه لا بد لي أن أتوقف وأُشير ولو في عجالة إلى أن هناك ثلاثة وعشرين عنواناً صدرت عن الاثنينية في ثلاثة وثلاثين مجلداً تحت مسمى "كتاب الاثنينية"، إضافة إلى كتاب عن الأعمال الكاملة للأستاذ الكبير (أحمد الغزاوي) -رحمه الله-، وقد أردت أن أُشير إلى جانب من نشاطه الثقافي للتذكير به وللتأكيد على أنه الأحق مني بالتكريم هذا المساء، إنني أمام اثنينية عبد المقصود خوجه أجدني مشدوداً للتنويه أيضاً بمبادرات أخرى كثيرة وكبيرة هنا في جدة وهناك في الرياض وفي عدد غير قليل من مدن مملكتنا الغالية، قام بها رجال أفذاذ أحبوا هذا الوطن فأحبهم أبناء الوطن، فهناك في الرياض "ضحوية" الشيخ حمد الجاسر -رحمه الله-، و "اثنينية" الشيخ عثمان الصالح، و"أحدية" الدكتور راشد المبارك، وهنا في جدة "ثلوثية" الأستاذ محمد سعيد الطيب، وفي الأحساء "أحدية" الشيخ أحمد المبارك وغيرها الكثير مما يُغني إشارتنا إلى قليله عن الحديث عن كثيره. |
وأمام مثل هذه الأعمال الخلاَّقة يتوجب علينا كمجتمع نقي وفاضل مساندتها وتعزيز نجاحاتها بالكلمة الطيبة والرأي السديد والاستجابة بالحضور حين نُدعى إليها، وهذا في تصوري هو ما ينتظره أصحاب هذه المنتديات منا لبلوغ الأهداف التي يَجدُّ كل واحد منهم في العمل من أجلها. |
أيها الأخوة الحضور: ضمن التقليد الذي تتبعه الاثنينية يلزمني أن أحدثكم عن نفسي عن محطات في حياتي عن شيء يُنسب إليّ ويستحق أن يُروى لكم، وحقيقة فإني أجد حرجاً كبيراً أن أتحدث لكم عن المواقف التي مرت بي، وأن أتوقف بكم في محطات لأقرئكم ما لا يهمكم عن مشواري في هذه الحياة، غير أني سوف أختصر لكم ذلك في بضع كلمات لأقول لكم: لقد فتشت بكل أمانة وصدق في مشواري لعلي أجد فيه ما يساعدني على الاستجابة لطلب الاثنينية، فلم أعثر فيه على ما يمكن لي أن أُحدثكم عنه دون وجل أو تردد أو خجل. ولعله توفيق من الله ليس إلا أن تتحول صحيفة "الجزيرة" من إصدار أسبوعي إلى إصدار يومي خلال رئاستي الأولى لتحريرها، وأن تصدر مجلة "الجزيرة الأسبوعية" عن صحيفة "الجزيرة" خلال رئاستي الثانية لتحرير الصحيفة، وأن تصدر صحيفة "المسائية" اليومية من خلال صحيفة الجزيرة أثناء رئاستي الأولى لتحريرها وأن يأتي مولد أضخم شركة لتوزيع الصحف والمطبوعات والشركة الوطنية الموحدة للتوزيع، بعد استقالتي من رئاسة تحرير صحيفة "الجزيرة" وتعييني مديراً عاماً لها، هذا جانب من أعمال أُسندت إلي. |
شيء من استحقاقات التزمت بأن أقوم بها، بعض من مسؤوليات كان لي شرف تولي إداراتها، وإني لفخور بقيادتي لفرق إعلامية ساعدني تميزها ومواهبها في ضبط إيقاع العمل الصحفي الصحيح معها، ومرة أخرى أعيدُ ذلك إلى عامل التوفيق والعون من الله، حتى لا يتبادر إلى أذهانكم تفسير أو استنتاج لم أكن أعنيه أو أهدف إليه في هذا الكلام. |
أيها الأخوة الحضور: مع هذا كانت هناك محطة هي الأهم في حياتي، أعترف لكم بأني أزهو بما حفلتْ به من نتائج، وأنني أفاخر بما اتسمت به من إنجازات كبيرة، كما أني أعتدُّ كثيراً كثيراً بما كانت عليه وبما توافر فيها من فرص لتفوق الإنسان على ذاته. |
أريد أن أنسب ما أعنيه هنا –تحديداً- إلى عامل توفيق الله أيضاً، حتى لا يُساء الفهم في الهدف من إثارته، وعلى من تابع حقبة "الجزيرة" حينذاك أن يصحح لي ما قد يكون خطأ مني في هذا الاستطراد، مع أننا هنا لسنا في مرحلة رصد توثيقي، مثلما أننا لا نقوم بمذاكرة لاسترجاع ما تمَّ إنجازه في فترة من تاريخ رئيس تحرير صحيفة يومية. |
وإذا كان من المهم أن نتوقف عند تلك المعطيات لأخذ الدروس والعبر منها من أجل حاضر ومستقبل أفضل للصحافة في بلادنا. |
أيها الإخوة الحضور: أسمح لنفسي بأن أخاطبكم عن هذه المرحلة دون أن أدعي لنفسي دوراً يتجاوز حدود الواقع، ولا يمكن لي أن أدعي أو أختلق مواقف عن مرحلة عايشتموها وبالتالي فأنتم الشهود عليها، وأعرف أن غالبية الحضور على دراية ومعرفة تامة بما سأقوله لكم هذا المساء، بل وأعرف أكثر أنه قد أسعدكم ذات يوم ما كانت عليه صحيفة "الجزيرة" وأسرة تحريرها، وقد نتفق أو لا نتفق على أن موضوع حديثي لكم هذا المساء إنما هو ضمن السياق لهذه الأمسية، وقد كان هذا الحديث هو خياري الوحيد التزاماً مني بتقاليد الاثنينية. |
أيها الأخوة الحضور: في المحطة الأهم في مشواري مع الصحافة، تزامنت فترة رئاستي الأولى لتحرير صحيفة "الجزيرة" ولأكثر من عشر سنوات مع بزوغ أكثر من نجم صحفي في أسرة تحريرها، كانت هناك كواكب مضيئة في تاريخ الصحافة السعودية لا تُنافس صحيفة "الجزيرة" بوجودهم، ارتبطت أسماؤهم بـ "الجزيرة" وتميزت "الجزيرة" بهم، ومع هذه الأسماء اللامعة كانت هناك مواهب أخرى، وأسماء واعدة من الصحفيين، ساعدت "الجزيرة" على تحقيق إنجازات لم توفق صحيفة أخرى إلى اليوم من تحقيقها، تسألونني، وما هي هذه الإنجازات؟ حسناً.. إني أحيلكم إلى رقم المباع اليومي من صحيفة "الجزيرة" فمنذ أكثر من عشرين عاماً وإلى اليوم لم تتمكن صحيفة أخرى من تجاوز الرقم المسجل آنذاك لصالح صحيفة "الجزيرة" أو بلوغه، وهذا بالتأكيد لا يُرضيني، ومن الطبيعي أنه لا يرضيكم، وعلى المسؤولين وبينهم المسؤولون عن صحيفة "الجزيرة" دراسة أسبابه ومعالجتها سواء في صحيفة "الجزيرة" أو في الصحف الأخرى التي تصدر عن المؤسسات الزميلة. |
هناك إنجازات أخرى لن أحدثكم عنها، سأتركها للتاريخ ذلك أن حديثي لكم، إنما هو عن المحطة الأهم في تاريخ عملي بـ "الجزيرة". |
أيها الأخوة: الأهم الذي أعنيه والأهم الذي قصدتُ إثارته هذا المساء، والأهم الأجدر بإسماعكم إياه هو تذكيركم بأسماء كبيرة ممن كانوا أعضاءً في أسرة تحرير صحيفة "الجزيرة" ذات يوم، أولئك الرموز الثروة، والجيل الأمثل من صحفيي المملكة، سأذكر لكم بعض هذه الأسماء: وقد كان لي شرف استقطابها للعمل معي في صحيفة "الجزيرة" خلال رئاستي الأولى لتحريرها، سأذكِّركم بالمواقع الصحفية القيادية التي تبوأوها لدى صحف ومجلات شقيقة بعد انتهاء علاقتهم بـ "الجزيرة"، وذلك حتى لا يأتي من يسألني أين هم الآن؟ ولا أزيد على ما قلت حول هذا الموضوع، إذ يكفي أن أمرَّ على هذه الأسماء الكبيرة دونما حاجة إلى الحديث عنها، وعن المناخ داخل أروقة "الجزيرة" الذي كان سائداً آنذاك ودوره في إظهار تميزها ومواهبها وإبداعها. |
من بين هذه الأسماء التي تحتفظ بها ذاكرتي التي أقاوم شيخوختها المبكرة: |
عثمان العمير/ رئيس تحرير مجلة "المجلة" ثم صحيفة "الشرق الأوسط"، عبد الرحمن الراشد/ رئيس تحرير مجلة "المجلة" ثم صحيفة "الشرق الأوسط"، محمد الوعيل/ رئيس تحرير صحيفة "المسائية" ثم رئيس تحرير صحيفة "اليوم"، محمد التونسي/ نائب رئيس تحرير صحيفة "الشرق الأوسط" ثم رئيس تحرير صحيفة "الاقتصادية"، حمد القاضي/ رئيس تحرير مجلة "المجلة العربية"، علوي الصافي/ رئيس تحرير مجلة "الفيصل"، عبد العزيز العيسى/ رئيس تحرير مجلة "الدعوة"، مطر الأحمدي/ رئيس تحرير مجلة "سيدتي" ثم رئيس تحرير مجلة "لها"، فهد الفريان/ رئيس تحرير مجلة "غرفة تجارة الرياض"، محمد الكثيري/ رئيس تحرير مجلة "أصداف". |
كل هؤلاء عملوا معي في صحيفة "الجزيرة" محررين، فإذا بهم بعد ذلك تتصدر أسماؤهم الكبيرة أهم الصحف والمجلات العربية والسعودية، غير هؤلاء هناك نواب رؤساء تحرير، وهناك مديرو تحرير، في عدد من المجلات والصحف السعودية والعربية أيضاً، وقد كانوا ضمن الطاقم الصحفي المتألق في صحيفة "الجزيرة"، إنهم مشاعل مضيئة في هذه الصحف وتلك المجلات، مثلما كانوا إبّان عملهم في صحيفة "الجزيرة"، و "الجزيرة" –الصحيفة- سعيدة بما هم عليه الآن، فخورة بأن تكون طاقاتهم وإمكاناتهم ومواهبهم قد برزت بشكل أفضل من خلال صفحاتها. |
وهناك على رأس العمل قدامى وجُدد من الصحفيين اللامعين، قدرات صحفية تفخر "الجزيرة" بانتمائهم لها واستمرارهم في العمل فيها، وأسعدُ شخصياً بزمالتي لهم على المستوى الشخصي، أصدقكم القول إنه ليس في مشواري الصحفي ما هو أهم من ذلك، وإن سعادتي كبيرة على ما أظهروه من نجاح وتفوق في "الجزيرة" وفي مطبوعات أخرى متألقة. |
بقي أن أقول لكم إن على صحيفة "الجزيرة" أن تستمر ملتزمة بهذا النهج، وأن التحدي الإيجابي الذي يقودها إلى مزيد من النجاحات إنما يقوم على تهيئة جيل جديد من الصحفيين تضيف به مجداً جديداً إلى أمجادها، وهذه مسؤوليتي الشخصية وأنا ملتزم بذلك، لكن الأمر يتطلب حقه من الوقت، مع كثير من الجهد، والأهم أن يساعدنا الزملاء لتحقيق هذا الهدف، إنها رسالتنا جميعاً في "الجزيرة" وبقية الصحف الزميلة الأخرى، ومن واجبنا أن نقوم بأدائها كما ينبغي وكما يجب، ويظل القارئ هو من نستند على رأيه وتوجيهه وملاحظته لتحقيق ما نسعى إليه. |
شكراً لإصغائكم، أعتذر عن الإطالة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. |
|