شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة سعادة الأستاذ الدكتور عادل خزندار
الأستاذ بكلية الطب بجامعة الملك عبد العزيز بجدة ))
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وبعد.
 
الأخوة الأعزاء، إن تكريم عابد خزندار اليوم ليس تكريماً لشخصه وهو جدير بذلك وأكثر منه، ولكنه تكريم للعلم والأدب الرصين في زمن من سماته السرعة والماديات، حتى أصبح الأدب والفن هما من أغذية الروح سلعة تباع وتشترى ويركب مطيتها كل من هَبَّ ودَبْ، حتى اختلط الحَابِل بالنَّابِل، وأمسينا نسمع بأدباء وشعراء ونقاد ليس لهم من هذه الفنون الراقية المُهذِّبة للنفس سوى الاسم، وجاءت ثورة الاتصالات ومعها الفضائيات لتزيد الطين بلة، وليحِلَّ الأدب والفن الهابط مكان الأدب والفن الجميل.
 
وأستدرك هنا لأقول: إن الأمر ليس كله بهذه القتامة بل هناك ومضات وومضات تشع علينا من هنا وهناك تعرّفنا بجميل الأقدمين، وتطلعنا على إبداع المحدِثين وما أضافوه من أحجار كريمة في صرح الثقافة العربية الإسلامية الشامخة، ويبقى هناك أمران جديران بالإشارة، الأول: أن العلوم بشقيها الإنساني والتجريبي هي حق مشاع للبشر جميعاً يستفيدون من عطاءاتها، ويعمل البعض منهم بروح القيم العليا التي يستمدونها من الأديان السماوية والفكر الإنساني النبيل، لرقي أممهم وتقدمها وليجنبوا العالم كل شر وخراب، والبعض الذي قد لا يكون قليلاً أحياناً يستخدم هذه العلوم لعكس ذلك تماماً، ومع الأسف الشديد أن كثير من الاختراعات العلمية الكبرى كانت أساساً لخدمة آلة الحرب والدمار عندما غابت تلك القيم العليا.
 
والأمر الثاني: أن الثقافات والمعارف البشرية هي نتاج عصارة فكر أجيال من العلماء أفنوا حياتهم في تحصيل هذه المعارف والإضافة عليها، لذا فإن أمر اختزالها ومحاولة تقديمها بطرق سطحية قد يؤدي إلى اختلاعٍ كثير قد تفقد فيه هذه المعارف قيمتها العلمية الرصينة الكبرى، وقد عمل مثقفنا الكبير بما أوتي بموهبة فطرية وما اكتسبه من العلم والمعرفة عبر قراءته لآلاف مؤلفة من الكتب والمراجع، ولا أذيع سراً هنا عندما أقول إنّ مكتبته العامرة تضم ما يقرب من مائة ألف عنوان في شتى أنواع العلوم والمعارف، قرأ أكثرها ويعود إلى بعضها عودة الخبير الحاذق الذي يعرف أين ضالته من هذا العلم أو ذاك، وهذه ثقافة موسوعية ليست حكراً على الثقافة العربية والإسلامية وحسب، بل تعداها إلى الثقافات الأخرى مسلحاً بمعرفة عميقة بثلاث لغات أساسية في عالم اليوم، وليقدم لنا في النهاية أطباقاً دسمة من العلوم والمعارف البشرية، ليس ناقلاً وحسب بل ناقداً ومضيفاً ومبدعاً في كثير من الأحيان، وهو في ذلك يحاول أن يصل إلى قاعدة كبيرة من الناس، وإن لم يصل في بعض الأحيان فهذا راجع لانصراف الكثير عن المعارف الجادة، إما بسبب مشاغل الحياة، أو لوجود بدائل أقوى تأثيراً على النفس، أو يكون ذلك مع الأسف بسبب ضعف القاعدة التعليمية والتي تقوم على الحفظ والتلقين لا على الفهم والتفكير.
وأترك هذا الجانب الهام من فكر أستاذنا الكبير الذي يعرفه المثقفون والمختصون لأَمُرَّ على كتاباته الاجتماعية والتي أراد بها وجه الله تعالى، والإسهام في عملية التقدم والإصلاح التي يشارك فيها الجميع، وهو هنا يكتب بروح العالِم الأكاديمي والذي يقول ما يراه صواباً ويرجع عنه إذا تبين له أنه خطأ، وكان في هذا الجانب من كتاباته أو لقاءاته ناقلاً أميناً لآراء الناس ومشاكلهم، ومن هذا الباب وصل إلى قاعدة أكبر من الناس اكتسب إعجابهم وتقديرهم، وأنا بمعرفتي اللصيقة به أعلم أن حب الناس يسعده، أما الشهرة وذيع الصيت فليس من تفكيره قط.
 
أيها الأخوة الأعزاء، إنني في هذه الأمسية الجميلة وأنا الطبيب الذي يزعم بعض الثقافة، أحيي أخي الكبير وصديقي العزيز أستاذي عابد خزندار، متمنياً له من أعماق القلب الصحة وطول العمر، حتى يمتعنا ويمدنا من عطاءاته الفكرية والعلمية الزاخرة.
وما الفضل لأهل العلم أنهمو
على الهدى استهدى أذِلاَّءُ
وأن ليس للمـرء إلا ما كان يحسنـه
والجاهلون لأهل العلم أعداءُ
فَفُز بعلمٍ تعش حياً به أبداً
الناس موتى وأهل العلم أحياءُ
 
والسلام عليكم.
عريف الحفل: وبعد أيها السادة، الأستاذ عابد بن محمد علي بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد عنبر والمعروف بالأستاذ عابد خزندار فارس هذه الاثنينية يتحدث إليكم.
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :893  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 64 من 85
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور معراج نواب مرزا

المؤرخ والجغرافي والباحث التراثي المعروف.