شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة فارس الاثنينية سعادة الأستاذ عبد العزيز البابطين ))
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة السلام على سيد المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أساتذتي الكرام، إخوتي الأعزاء.
في الواقع أحار كيف أبدأ كلمتي، لقد أسبغتم عليَّ فضلاً لا يمكن أن أنساه، وأعطيتموني أكثر مما أستحق، فسامحكم الله وجزاكم الله خيراً، شكري الكبير لأخي الأستاذ الشيخ عبد المقصود على هذه الدعوة الخيّرة، التي أتاحت لي التحدث إليكم والحضور بينكم، أنا لست محاضراً، ولكن سأتكلم من القلب إلى القلب، وأرجو عذري إن أخطأت أو حصل لحن فيما سأقول، سألت أخي الشيخ عبد المقصود بماذا سأتكلم، أو كيف تريدونني أن أتكلم؟ فطلب مني أن أتكلم عن النشأة، وبلا شك يصعب على الإنسان أن يتحدث عن نفسه، ولكن ما دامت هذه رغبة (معزّبنا) فلا بأس من أن نتحدث في هذا الموضوع قليلاً.
في الواقع أنا عشت في أسرة محافظة، فيها مسحة دينية واضحة، ووالدي كان شبه أُمي، لكنه كان ذكياً، والحقيقة ربانا تربية نعتز بها اعتزازاً كبيراً، فمن الأشياء البسيطة ولكن معناها كبير، في ذلك الوقت في الأربعينات، كان فاقدي البصر كُثر عندنا، فكان يحرص دائماً أن يطلب مني ومن إخوتي أن نأخذ بيد أولئك الذين فقدوا بصرهم، طبعاً هذا شيء تافه وبسيط، لكن معناه كبير، كان يزرع في نفوسنا حب العمل الخَيِّر، أنا لم أُكمل تعليمي، لأنهم كانوا بحاجة لأن أعمل، وعملت مبكراً، وأذكر أني عملت قي دائرة المعارف، بمرتب يساوي تقريباً حوالي أربعمائة ريال، سنة 1955م وكنت أشعر بغصة كبيرة وأنا أرى زملائي الأوائل في المدارس الابتدائية يصلون إلى الثانوية ثم يصلون إلى الجامعة، وكانت لديّ القدرة أن أكون مثلهم لكن للأسف الشديد كانت هذه الغصة تسبب لي دائماً ألماً كبيراً، عندما ذهبت إلى العمل أعطاني والدي حوالي ستين (رُوبيّة)، وقال لي هذا حقك مني، الحمد لله، الله سبحانه وتعالى بارك هذه الدريهمات، فهداني الله إلى الطريق الذي أوصلني إلى ما نحن فيه الآن، طبعاً المشوار طويل، طويل جداً، من خمسة وستين روبية أو الستين روبية إلى يومنا وكان الدرب مليئاً بالصعاب، ومليء بالمشاكل الكبيرة التي واجهتنا، ولكن الحمد لله، الله سبحانه وتعالى دائماً ييسر الأمور.
كنت أعيش في بداية صباي في الديوانية، احنا طبعاً عندنا الدواوين مهمة جداً ولها أثرها الكبير، وهي تعتبر بحد ذاتها مدرسة، فكنا نتعلم منذ الصغر، السِّيَر الرائعة والجميلة التي كان يتحلى بها آباؤنا وأجدادنا، كان الأخ عبد اللطيف الذي يكبرني بعشر سنوات يهتم بالشعر النبطي، وكان يجمع الشعراء في الديوانية كل ليلة، ويسجل منهم ما يحفظون للشعراء الذين سبقوهم، وكان يأخذ منهم أيضاً أشعاراً، وعمل مخطوطاً طُبع منذ خمس سنوات ووزِّع مجاناً، كانت تلك الأيام تشكلت في نفسي بذرة خيِّرة، وهي محبة الشعر والشعراء، حتى أنني أذكر وعمري ثماني سنوات، كانت الديوانية تحوي شعراء وغير شعراء، فإذا دخل أحد الشعراء قمت له إجلالاً، فقال لي والدي ونحن منفردان، هذا لا يجوز يا عبد العزيز إما أن تحترم الكل وتقف إذا دخلوا أو لا تقف لأحد دون آخر، قلت له: ما دام شاعراً، فأنا أحترمه، فهذه النظرة، نظرتي للشعراء ومنذ الصغر، الحقيقة كانت سبباً كبيراً في محبة الشعر، كنت أحلم وأنا أعيش في بيت يحصل على قوت يومه بالكاد، كنت أحلم بأن يكون لي دور بين الشعراء والشعر وتكون لي بصمة، ومرت السنون، سنة 1974 -لا أريد أن أطيل عليكم- ولشعوري الكبير بالحرمان بالتعليم، بدأت أفكر جدياً بإنشاء بعثة باسم والدي، بعثة سعود البابطين الكويتية للدراسات العليا، أعلنت عنها لخمس منح يجب أن تتوفر في الطالب ثلاثة شروط، الشرط الأول: أن يكون عربي الجنسية، الشرط الثاني: أن يكون متميزاً بدراسته، حتى لا تفقده الأمة العربية كمبدع أو كعبقري، الشيء الثالث: أن يثبت لنا بما لا يدع مجالاً للشك بأن ولي أمره غير قادر على أن يرسله للخارج ليواصل دراسته، بدأنا سنة 1974م، الحمد لله أن أسمع عن بعض طلبتنا هؤلاء في مراكز متقدمة جداً علمياً، يعني حتى عندنا الآن في المملكة العربية السعودية منهم، استمرت هذه البعثة حتى سنة 1982، من سنة 1974 إلى 1982 بدأنا نأخذ طلبة كويتيين، ممن يفشلون في الحصول على معدلات جيدة تؤهلهم لدخول جامعة الكويت، أو إدارة البعثات، اكتشفنا بأن الإنسان أي إنسان ينتقل نفسياً وعقلياً من سن السابعة عشرة إلى سن الثامنة عشرة، نقلة تعتبر منعطف في حياته، السابعة عشرة في الثانوية، لا يقدر المسؤولية فيأتي بمعدلات متدنية، عندما يبدأ بسن الثامنة عشرة يكون وصل إلى الجامعة، لا تقبله الجامعة هنا يشعر بالندم الكبير، نحن نأخذ بيده، فأخذنا في كل سنة بين عشرين إلى خمس وعشرين طالباً كويتياً نرسلهم إلى فرنسا أو بريطانيا أو أمريكا لمدة سنتين، سنة للغة، وسنة أولى بالجامعة شرط أن يأتي بمعدل جيد يؤهله إلى الرجوع إلى جامعة الكويت أو البعثات، دائرة البعثات، سنة 1991م بعد التحرير بدأنا نفكر بالدول الإسلامية التي انسلخت من الاتحاد السوفياتي، وشكلنا لجنة لهذه البعثة تتشكل من الدكتور خالد المذكور وهو رجل أعتقد معروف، والأخ عبد العزيز عبد الرزاق المطوع كان وكيل وزارة العدل السابق، والدكتور عبد الله المحارب المستشار الثقافي الكويتي في القاهرة، والدكتور أنور اليحيى الملحق الثقافي الكويتي في موسكو وأنا، وذهبنا أول ما ذهبنا عن طريق السفير الكويتي في موسكو إلى الدول الإسلامية فاستقبلتنا الخمس دول ورفض السادس استقبالنا، ورفض بشدة ظناً منه ما دام فيها إسلام وتعليم الإسلام يبدو أنه خاف، فرفض أن نأتي إلى بلده ولكن نصحنا السفير الكويتي بأن نذهب ونقابل المفتي، وحتى المفتي جاءنا منه تليفون ونحن في مطار موسكو يرفض استقبالنا، فاستشرنا السفير قال روحوا في المساجد، أعلنوا عن بعثتكم في المساجد، جئنا إلى هذه البلد ووجدنا سماحة المفتي في استقبالنا في المطار، فعندما سألته كيف رضيت باستقبالنا ثم رفضت استقبالنا والآن جئت لاستقبالنا؟ قال: أنا ما رفضت، فثبت أن أجهزة أخرى هي التي تقمصت شخصية أو اسم المفتي، وطلبت منا عدم المجيء طبعاً ربما معهم بعض الحق في هذا، لكن بعد مرور سنوات دعانا هذا الرئيس عندما تأكد بأن النية سليمة وما في أي قصد سياسي، ومنحنا شهادة الدكتوراه الفخرية باحتفال كبير، والآن تربطنا طبعاً علاقة جيدة في هذا الرئيس وكل المسؤولين... طبعاً الله سبحانه وتعالى بلا شك هدى هذا الرجل لأن يتسامح معنا -والحمد لله- استطعنا إقناعه بأن نحن نفتح كلية للشريعة الإسلامية، طبعاً كان يرفض ولكن الآن رفض إن احنا نشارك في بناء هذه الكلية، أو كلية الشريعة وهو بنفسه الآن يبني هذه الكلية.
نحن والحمد لله استطعنا أن -وبشِّرْكم- نقنع حكومة أذربيجان وبدأنا ببناء كلية "عبد اللطيف سعود البابطين الكويتية للشريعة الإسلامية" بالاتفاق مع الأزهر الشريف، وبالاتفاق مع مفتي أذربيجان، وأن تكون إدارة الأزهر هي التي تشرف على التدريس في هذه الكلية، طبعاً أيضاً كان لنا مشاركة مع الأزهر الشريف، بإرسال شيوخ من الأزهر إلى هذه الدول الإسلامية واستطعنا والحمد لله أن نرسل مئة وعشر شيوخ يدرّسون ويعلّمون في المساجد وفي المدارس وفي الجامعات، نتجت من هذه البعثة "جائزة عبد العزيز سعود البابطين لأحفاد البخاري" وهو مثل ما ذكر الأستاذ الكريم أهدافها الرئيسية هي التواصل الثقافي بين أولئك الكبار الذين أثروا الحضارة البشرية يوماً ما مثل النسائي، والترمذي، والبخاري، وابن سينا، والرازي وغيرهم، طبعاً بعد أن انحسرت الشيوعية عن هذه الدول أصبح في فراغ عقائدي، فأذكر كانت وزيرة التعليم العالي في قرغيزستان استنجدت فينا وقالت نحن نعيش في فراغ عقائدي كبير، أنا مسلمة لا أعرف كيف أصلي وأريد أن أقرأ القرآن ولا أعرف كيف أقرأ القرآن، أنقذوني قبل أن يأتي غيركم ويسد هذا الفراغ أنا وغيري، في خلال شهرين طبعاً طلبتُ منها أن تعطيني تعهد في بناء مدرسة تعلم الدين الإسلامي والقرآن الكريم واللغة العربية ووافقت حالاً، وفي خلال شهرين أرسلنا لها اثنان من الشيوخ من شيوخ الأزهر وأول ما بدأوا بها وعلموها اللغة العربية وقراءة القرآن الكريم، ومبادئ الدين ثم تحولوا إلى المدرسة بعدما انتهى البناء فيها والحمد لله الآن تقريباً لنا لا يقل عن خمس أو ست مدارس في الدول الإسلامية التي انسلخت من الاتحاد السوفياتي تعلم اللغة العربية والدين الإسلامي أيضاً.
أيضاً سأتطرق إلى جائزة "عبد العزيز سعود البابطين للإبداع الشعري" بشكل سريع سنة 1985م بدأ ذلك الحلم الذي كان يراودني منذ الصغر، بدأ يلح عليّ فتقدمت للجهات المسؤولة عندنا في الكويت لإقامة هذه الجائزة باسم الشيخ "عبد المحسن إبراهيم البابطين" وهو رئيس القضاء خلال الثلاثينات في الكويت ولم أفكر بأن أعمل هذه الجائزة باسمي، لعدة أسباب أولاً: لمكانة الشيخ عبد المحسن في نفسي، لأنه كان يرعاني وكان يهتم بي اهتماماً خاصاً قبل أن يتوفى سنة 1952م، ثانياً: إنه شاعر وله ديوان وله أصدقاء كُثر في الخليج ومعروف على مستوى الخليج بين المثقفين ورجال العلم، أما أنا فلم أكن الحقيقة أنشر شعري ولم أكن أُعرف إلا كرجل أعمال لم أكن أعرف كشاعر، فوجود اسمي بالجائزة وهو تطفل الحقيقة على الأدباء والشعراء والشعر، فأحجمت ولم أفكر في وضع اسمي في المؤسسة، حصلت -الحقيقة بعض- الملاحظات من أصدقاء لي بالتريث وعدم الاستعجال بالإعلان عن هذه المؤسسة، طرحت المشروع على أصدقاء ودرسنا الموضوع دراسة متأنية خوفاً من الفشل، لأن إحنا ابتُلينا في الوطن العربي بالفشل في كل مشاريعنا، وهذا الحقيقة أفقدنا ثقتنا بأنفسنا وهذه هي النتيجة التي وصلنا إليها الآن، وأنا أعتبر طبعاً الشعراء العرب هم ضمير الأمة العربية الحي وهم قادة الفكر، فخوفي عليهم من أن يفشل هذا المشروع ينعكس على ثقتهم بأنفسهم، فدرسنا الموضوع لمدة أربع سنوات دراسة متأنية واتصلنا برابطة الأدب الحديث في مصر في ذلك الوقت لم يكن لدينا أي تجربة بالنسبة لمثل هذه المواضيع الثقافية، لأن أنا ابتعدت الحقيقة عن الساحة الثقافية بُعداً كاملاً لعشرات السنين، فأخذوا بأيدينا واهتموا بنا اهتماماً مركزاً، وكانت حفلتنا الأولى في 17 مايو سنة 1990م.
جاء الغزو العراقي الغاشم، وحتى لا يؤثر في نفوسنا نحن تغلبنا على جراحنا وقام الكثير من الأخوة بمساعدتنا، لأن نقيم الدورة الثانية أيضاً في القارة، وكان وزير الثقافة المصري -ويشكر طبعاً- كان من أهم المشجعين لنا في هذه المسيرة وفي ثاني دورة سمح لنا بأن نقيم حفلنا في دار الأوبرا، وهذا كان يعتبر منعطفاً. عفواً أنا لي مدة طبعاً؟
فكان هذا لنا منعطف كبير وتشجيع كبير، لأن نذهب أكثر وأكثر في هذه المسيرة، في تلك السنة سنة 1991 جاء الأخ عبد العزيز السريّع كأمين عام للمؤسسة وشكَّلنا أمانة عامة لهذه الجائزة، من عدة أقطار عربية والحقيقة شجعوني كثير لإخلاصهم الكبير في هذا العمل وأعطوا الكثير لهذه المؤسسة، فبدأت أفكار هذه المؤسسة تتطور نتيجة تجاربهم الكبيرة وأُقترح في تلك السنة أُقترح عمل معجم للبابطين "معجم البابطين للشعراء العرب المعاصرين"، عفواً أنا نسيت أقول لكم عندما اتصلنا بالدكتور عبد المنعم خفاجي رئيس رابطة الأدباء، رابطة الأدب الحديث، أقترح علي بأن تُسمى الجائزة باسمي، طبعاً رفضت لأني لم أفكر في هذا الموضوع قلت له: عمي معروف أكثر ورجل شاعر وله قيمته في المجتمع وهو أحق مني في هذا، قال لي: أنا أنظر للموضوع نظرة أخرى، (إنت اليوم تهتم بعمك الشيخ عبد المحسن بعدك في حد حييهتم بالشيخ عبد المحسن؟) ربما تتعثر هذه المؤسسة أو تقف عندما تنتهي ولكن وجودها باسمك أولادك بالتأكيد سيعطونها عمراً أكثر وأطول، فسيستفيد المثقف أكثر مدة أطول من أن لو عملتها باسم الشيخ عبد المحسن، ولا يجوز التغيير اليوم تعملها باسم الشيخ عبد المحسن وبعد عدة سنوات تروح وتعملها باسمك. فبعد الحقيقة جدال ونقاش أقنعني بأن أضعها باسمي لهذا السبب وليس لسبب أخر، طبعاً واجهتنا اتهامات كثيرة وتشكيك كبير وإن هذا رجل أعمال شو اللي جابه للشعر وأنتم عارفين طبعاً المشاكل التي صارت، إحنا عندنا خصوصاً في السنة الأولى، الأخ عبد العزيز السريع جمع قصاصات صحف وخصوصاً من الصحف المغاربية، كانت تؤلم فعلاً كانت تؤلم، ولكن الحقيقة نحن اتخذنا منها مادة للتشجيع للسير قدماً بهذا المشروع، والحمد لله تكلَّل بالنجاح.
طبعاً أنتم كلكم تعرفون والأخوان ذكروا الحقيقة مشكورين عن أعمال المؤسسة، أنا حبت أضيف شيئاً بسيطاً، إنه الإصدارات التي صدرت لهؤلاء الرواد الذين سمينا الدورات بأسمائهم تقريباً تصل إلى الآن أكثر من خمسة وخمسين إصداراً، والحقيقة فيها الكثير من الشيء الجديد، يعني مثلاً "أبو القاسم الشابي" استطعنا أن نعثر على ثلاثين قصيدة لم يسبق أن نشرت، طبعاً إحنا لم ننشر الثلاثين قصيدة لأن أعضاء مجلس الأمناء اتفقوا على أن نحترم رغبة "الشابي" بعدم نشر القصائد التي لم تنشر على اعتبار أنها ركيكة وبداياته، ولكن يمكن نشرنا أكثر من قصيدة جديدة فقط ليعرف الناقد بدايات "الشابي" وشعره النهائي، بالنسبة للأخطل الصغير الحقيقة استطعنا أن نجمع الديوانين في ديوان واحد، وأيضاً عملنا عملاً رائعاً لبشارة الخوري وكذلك للمتلقي العربي بأن استطعنا العثور على قصائده مكتملة، لأن ابنه عبد الله وسعيد عقل -الله يسامحهم- اقتطعوا من القصيدة ذات الأربعين بيتاً أربع وثلاثين بيتاً، وضعوا فقط في ديوان ستة أبيات، ونحن استطعنا العثور على الأربعين بيتاً مثلاً ووضعناها كاملة، وهكذا لقصائد عديدة يعني في الواقع، "معجم البابطين للشعراء العرب المعاصرين" الآن سيُطبع طبعة ثانية مزيدة بحوالي مئات الشعراء الذين أحجموا أو ربما لسبب البريد الذي كان بعد التحرير، البريد عندنا بالكويت كان ضعيفاً جداً فربما ضاعت كثير من الاستمارات التي أرسلت لنا وخسر الشعراء الذين أرسلوهم للأسف. الآن الحمد لله جاءتنا مئات الاستمارات وأُجيز أكثرها في الطبعة الثانية، كذلك معلومات جديدة من الشعراء أضيفت إلى المعلومات التي كانت مدرجة تحت أسمائهم، الآن المعجم الذي وافق عليه مجلس الأمناء منذ ثلاث سنوات وقطعنا به شوطاً والحمد لله جيداً، وهو معجم "البابطين لشعراء العربية في القرنين التاسع عشر والعشرين" وهو يضم شعراء مسلمين من بلاد غير عربية، وكذلك من داخل الوطن العربي. والآن وصلنا -والحمد لله- حوالي خمسة آلاف وخمسمائة شاعر، استطعنا العثور على أسمائهم من خلال مئة وخمس وعشرين مرجعاً في الجامعات، الطروحات التي كانت تقدم خلال القرن الماضي أو بداية هذا القرن، والدوريات التي كانت تصدر في القرن الماضي وبداية هذا القرن، وكذلك من مراجع الحقيقة عدة ومن خلال مندوبينا الذين نشطوا ميدانياً في أجزاء عدة من الوطن العربي يتصلون بأشخاص ربما كان آباؤهم أو أجدادهم طُمِست أسماؤهم كشعراء، نحن في هذا المعجم نرغب بأن نقدمهم للجيل الحالي وللأجيال القادمة، فلربما نستطيع تغيير النظرة التي يحملها العديد من الأدباء بأن ذلك العصر كان عصر الانحطاط، ربما نجد إبداعاً لدى هؤلاء الشعراء، ربما يغير هذا النظرة، طبعاً أقر مجلس الأمناء أيضاً أن نذهب إلى العمق تنازلياً بعد أن ينتهي شعراء القرنين من سنة 1801 م إلى يومنا هذا ممن لم يذكروا في معجم "البابطين للشعراء العرب المعاصرين" أن نذهب إلى ثلاثمائة سنة إلى الوراء وخمسمائة سنة، إلى أن نصل إلى العصر الجاهلي إن شاء الله.
من المشاريع التي لم تذكر وأحب أن أعرفكم عليها، وافق مجلس الأمناء على إنشاء المكتبة السمعية -منذ سنتين- والآن الحمد لله قطعنا شوط كبير جداً في إنتاج أشرطة لفنانين ومذيعين قادرين على إلقاء الشعر بطريقة مخارج ألفاظ صحيحة، لأنه للأسف الشديد سليقة المتلقي العربي اليوم اختلت، فوجود هذه الأشرطة لربما تعيد للإنسان العربي كيفية قراءة الشعر، طبعاً هذه المكتبة ستحوي أشياء عديدة غير الأشرطة أو أشرطة التلفزيون، ستحوي أشياء أخرى، سنساهم مع الإذاعات ومحطات التلفزيون إن شاء الله ببث هذه البرامج على المتلقي، كذلك لدينا الآن وأبشركم أيضاً قطعنا فيه شوطاً بعدما وافق عليه مجلس الأمناء إنشاء مكتبة البابطين المركزية للشعر العربي، وهذه المكتبة ستنشأ في الكويت، ستضم حوالي -الآن كنواة إن نشاء الله- مئة ألف كتاب سنستفيد من التكنولوجيا الحديثة في هذه المكتبة ستكون مَعلماً ثقافياً مهماً في الكويت وفي الخليج، لأنها هي الوحيدة في الوطن العربي التي تهتم بالشعر ودراسة الشعر ونقد الشعر وتاريخ الشعر، وكذلك وافق الآن مجلس الأمناء وبدأت الدراسات لإنشاء مكتبة البابطين الكويتية في القدس الشريف، محافظة أو تواصلاً مع الإخوة داخل فلسطين المحتلة، عن النتاج الثقافي العربي، لأنهم فعلاً يشعرون بحرمان ويشعرون بعزلة خوفاً أيضاً من أن يتغلب التطبيع اليهودي العبري ويذهب هؤلاء المثقفون إلى أن يقولوا شعرهم بالعبرية لا سمح الله، كذلك ندرس الآن ووافق عليه مجلس الأمناء وقطعنا بها شوط أيضاً واجتمعنا مع وزير الإعلام الفلسطيني لإقامة جائزة اسمها جائزة "البابطين الكويتية للشعر العربي" وهي فرع من جائزة "عبد العزيز البابطين للإبداع الشعري" ستكون مخصصة للشباب الفلسطيني الذين لا تقل أعمارهم عن الخمس وثلاثين سنة، أيضاً محافظة على عروبتهم ولغتهم، وأفكارهم.
دورتنا القادمة إن شاء الله ستكون باسم أبو فراس الحمداني، طبعاً هو أولاً: اختيار هذا الاسم الذي وافق عليه مجلس الأمناء بالإجماع، أولاً: للتواصل مع الحديث، القديم مع الحديث، لأن إحنا غطينا الوطن العربي الآن بأربعة شعراء كبار، عاشوا خلال القرنين الماضيين، الآن سنذهب إلى العصر الوسيط، نحن نشكو الآن كأمة عربية من وضع متردي ربما من خلال أبي فراس الحمداني وحماسه ربما نستنهض الهمم ونعيد أيضاً للشاعر العربي، وللمتلقي العربي ثقته بنفسه، الحقيقة فخامة الرئيس "عبد العزيز بو تفليقة" كان في رغبته أن تقام هذه الدورة في الجزائر ولبَّيْنا رغبته، وأيضاً نحن الواقع يسعدنا كثيراً بأن نصل إلى هذا الجزء العزيز من الوطن الغالي ورحبوا ترحيباً كبيراً جداً، ونحن في مجلس الأمناء أضفنا الشاعر الأمير "عبد القادر الجزائري"، لأنه لا يقل حماساً أيضاً شعره عن شعر أبي فراس الحمداني، لأن يكون رديفاً لهذا الشاعر الكبير، وأيضاً ستُطبع عدة إصدارات بهذه المناسبة، الآن كُلف عضو مجلس الأمناء الدكتور "محمد بن شريفة" وهو من علماء المغرب معروف لا بد لديكم، وعندما سمعنا بوجود مخطوطات في ألمانيا وفي اسطنبول وفي تونس، ولدى أخينا العزيز "جمعة الماجد" ذهب الدكتور محمد بن شريفة إلى ألمانيا واسطنبول واستطاع الحصول على صور من هذه المخطوطات التي لم تكن متوفرة لدى المتلقي العربي، كذلك اتصلت بالرئاسة في تونس، وفخامة الرئيس "زين العابدين بن علي" أرسل لي المخطوط الذي ألفه "ابن خالويه" وهو ناقد تقريباً في عصر أبي فراس الحمداني، وهذا ذو قيمة كبيرة، طبعاً كلكم تعرفون أن التحقيق في ديوان أبو فراس الحمداني لم يأتِ أحد بزيادة منذ سنة 1944م، عندما حققه المرحوم والدكتور "سامي الدهام" لكن أنا متأكد سنجد بهذه المخطوطات التي حصلنا عليها الآن، سنجد أشياء جديدة تفيد المتلقي العربي وتبرز دور هذا الفارس الكبير، وعلمه وأدبه، وشعره.
منذ سنتين دعانا الشيخ الرئيس "رفسنجاني" لأن نقيم إحدى دوراتنا في طهران، وعندما عُرضت على الأخوة أعضاء مجلس الأمناء، تحفظ البعض برغم حماسهم لأن نمتد بالتواصل الثقافي مع الجارة إيران، ولكن تحفظوا على اعتبار أن دوراتنا يا دوب تكفي لأن نغطي بها الوطن العربي، خوفاً منم أن تأتي جهات في مالي أو في تركيا أو في باكستان وتطلب نفس الطلب، لكن حُلّت بشكل مقبول، على أن نقيم ملتقىً في طهران واخترنا له اسم ملتقى "سعد الشيرازي" وهو شاعر إسلامي، عاش في القرن الخامس الهجري، كان يقول شعره بالعربية والفارسية، وتواترت لنا أبيات عديدة أو في الواقع مئات الأبيات، الآن موجودة بين أيدينا قالها باللغة العربية، قمنا بعمل عدة إصدارات في هذا الملتقى منها: إصدار ترجمة شعر ثلاثين شاعراً عربياً، عشرة من العهد الجاهلي، وعشرة من العصر الوسيط، وعشرة من العصر الحديث، إلى الشعر بالفارسية وليس نثراً، الشعر في الفارسية، وكذلك ترجمنا ثلاثين قصيدةً، عشرة من عصور قبل الإسلام، والعصر الوسيط، وأيضاً العصر الحديث إلى العربية، وسيصدر ديوانان بهما كذلك ترجمنا الشعر العربي، قسم من الأربعمائة بيت إلى الشعر الفارسي لنفس الشاعر، وكذلك ترجمنا من الشعر الفارسي إلى الشعر العربي، أيضاً ستقام محاضرة يشترك فيها "آية الله تسخيري" وآخر أيضاً من إيران، وسيشارك من الجانب العربي الدكتور "فهمي هويدي" والدكتور "علي الشابي" وسيرأس هذه الجلسة صديقنا وأخونا الدكتور "عبد العزيز بن عثمان التويجري" إن شاء الله.
نحن نحاول بهذا العمل المتواضع أن نقدم شيئاً للثقافة العربية، ونلحق بركب أستاذنا الكبير عبد المقصود أنا معجب كثيراً بتحركه وبالاثنينيات التي يعملها، وهذه الحقيقة بلا شك تُحرك الساحة الثقافية، وأتمنى يكون عندنا الواقع في الكويت، نحن عندنا "رابطة الأدباء" وتعمل أمسيات بين فترة وفترة، لكنها ليست أسبوعية، والحقيقة نحن نغبطكم على وجود الشيخ عبد المقصود بينكم، ونتمنى له ولكم الصحة وطول العمر، والبذل والعطاء في هذه الساحة، الساحة الثقافية، لكي تعود ثقتنا بأنفسنا إن شاء الله، وننهض بأمتنا، شكراً لكم.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :510  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 172 من 209
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور سعد عبد العزيز مصلوح

أحد علماء الأسلوب الإحصائي اللغوي ، وأحد أعلام الدراسات اللسانية، وأحد أعمدة الترجمة في المنطقة العربية، وأحد الأكاديميين، الذين زاوجوا بين الشعر، والبحث، واللغة، له أكثر من 30 مؤلفا في اللسانيات والترجمة، والنقد الأدبي، واللغة، قادم خصيصا من الكويت الشقيق.