شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة المحتفى به الأستاذ هاشم بن سعيد النعمى ))
- بسم الله الرحمن الرحيم، صلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، الحقيقة أنني سمعت من الإخوة الكثير من الثناء، وهذا حسن ظن منهم بنا، ونشكر الله سبحانه وتعالى ونشكرهم على حسن ظنهم.
ولي كلمة من ناحية القضاء ولكنني أريد أن أكرم مضيفنا بكلمة موجزة هنا، إسمحوا لي أن أتكلم بها وعند الإنتهاء منها يمكن تصير المفاهمة والإجابة على الأسئلة وفقكم الله.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله و الصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أيها الإخوة الأحبة أحييكم بتحية الإسلام، تحية من عند الله مباركة طيبة، فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته، ثم أوجه شكري وتقديري لسعادة الشيخ الأجل عبد المقصود خوجة الذي تفضل مشكوراً بتوجيه الدعوة إلي وإلى زملائي لحضور اثنينيته الثقافية المباركة، هذا الرجل الكريم الذي و هبه الله نفساً خيرة طيبة تحمل في طيها تطلعات واهتمامات شيقة كان من أبرز ثمارها قيام هذا الملتقى الثقافي الخير الذي أصبح في فترة وجيزة من الزمن منتجعاً لرجال الفكر والثقافة في ظل نهضتنا المباركة التي تعيشها بلادنا الحبيبة المملكة العربية السعودية والتي يرعاها خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز وفقه الله، هذه النهضة النابعة من واقع عقيدتنا الإسلامية، التي وحدت ولله الحمد بين صفوفنا وألفت بين قلوبنا وجمعت بين شتاتنا منذ عهد مؤسس كيان هذه البلاد، وباني مجدها، وموحد شعوبها وواضع أسس نهضتها الملك عبد العزيز طيب الله ثراه.. والتاريخ لن ينسى مواقف الملك عبد العزيز ونضاله يرحمه الله، في سبيل بناء نهضة شاملة تقوم على دعائم قوية من الحكمة والعلم والمعرفة والعدل.
ففي عام 1343هـ وحينما تم له توحيد أجزاء المملكة العربية السعودية كان من ضمن برامجه الإصلاحية النهوض بالناحية التعليمية وتطويرها في الوقت الذي كانت فيه الجزيرة العربية من الناحية العلمية وقتئذ تعتمد على الكتاتيب التي يقيمها القطاع الخاص، عدا بعض المدارس الضئيلة في مكة المكرمة. وجدة لا تتجاوز الأربع تقريباً منها مدرسة الفلاح والمدرسة الفخرية والتحضيرية والصولتية.. لهذا دعا رائد النهضة التعليمية الأول في المملكة العربية السعودية الملك عبد العزيز طيب الله ثراه، دعا العلماء من أهل بلاد الله الحرام وحثهم على نشر التعليم والعمل على التوسع في المدارس وإنشائها وتطويرها، وتحديث نظمها على حين يدرك أن الطريق إلى قيام نهضة شاملة تحتاج إلى المال الذي هو عصب الحياة، ثم التخطيط السليم الذي يتواكب ومعطيات ذلك العصر الشحيح، في الوقت الذي كانت فيه المواد والمسائل اللازمة لمدرسة التحديث والتنظيم في حكم الندوة، بدءاً بالمواد المدرسية التي تتلاءم مع المناهج الحديثة وهي مسائل وإن كانت في حد ذاتها بسيطة إلا أنها كانت نادرة الوجود في محيط مجتمع، كان يعوزه كل شيء، بل كان اللوح الخشبي من المواد المستعملة للكتابة وقد صدر قرار حكومي عام 1346 هـ يقضي بتشكيل أول مجلس للمعارف يتضمن الهيكل التنظيمي الآتي:
أولاً: التزام وضع نظام تعليمي في الحجاز يراعى فيه توحيد التعليم، يتكون التعليم من أربع مراحل؟ المرحلة التحضيرية، والمرحلة الإبتدائية، والمرحلة الثانوية، ومرحلة التعليم العالي، لهذا أصبحت إدارة التعليم بعد تشكيل مجلس المعارف تتشكل من التنظيم الآتي:
مدير عام، ومعاون، ثانياً: مكتب قوامه شعبة المحاسبة وشعبة البعثات وشعبة الملفات والمستودعات، ولم تعدم دعوة المؤسس الأول الملك عبد العزيز يرحمه الله من الرجال المواطنين الشرفاء الذين كانوا في طليعة المشاركين لتأسيس هذه النهضـة، التي تعيشها بلادنا المملكة العربية السعودية، من سجل التاريخ أسماءهم على صفحة الخلود، وكنت أذكر منهم النزر القليل منهم الآتية أسماءهم: السيد صالح شطا، وافتتحت إدارة التعليم به وبزملائه كل من محمد كامل القصاب وماجد الكردي وحافظ وهبة والعالم الجليل أمين فودة وكان من خيرة العلماء وخيرة القضاة في مكة، السيد طاهر الدباغ، والشيخ محمد بن مانع الذي أصبح أخيراً مديراً للمعارف، وقد افتتحت إدارة المعارف في تلك الفترة التأسيسية ليس بالحجاز وحسب، بل على مستوى المملكة وأصبحت في وقتها تتطلع إلى الأفضل، ففي عام 1372 هـ أنشئت أول وزارة للمعارف وأسندت وزارتها إلى صاحب السمو الملكي الأمير - فهد بن عبد العزيز ملك البلاد اليوم، أمده الله بالتوفيق، وقد قفزت الوزارة في عهده قفزة موفقة في كل التخصصات بما فيه مدارس البنات، هذه صفحة مشرقة من جهاد مؤسس كيان بلادنا الحبيبة المملكة العربية السعودية الملك عبد العزيز طيب الله ثراه، بدأت من الصفر، ثم انطلقت لا تلوي على أحد حتى شاهدنا أبناءنا في أول هذا العام الدراسي يتوافدون إلى المدارس بين ذكر وأنثى بدءاً بالمدرسة الإبتدائية وانتهاء بطلاب الجامعات وقد بلغ عددهم أربعة ملايين نسمة تقريباً، ولا غرو إذا كانت كلمتي هذه قد سمحت لنفسها أن ترجع بحديثها عبر الماضي البعيد لتقارن بين الأمس واليوم فما ذلك إلا لأن هذا الملتقى الثقافي الخير وما يمثله من المؤسسات الثقافية الناجحة تعتبر رافداً من روافد نهضتنا التي تعيشها بلادنا التي نعتز بها في ظل حكومتنا الرشيدة فهي بلا شك تشجع مثل هذه اللقاءات الخيرة سيما إذا تبناها الرجال الشرفاء الذين يدركون فضل الله عز وجل ثم فضل هذه الدولة التي لها الفضل بعد الله، أمثال هذا الرجل المخلص عبد المقصود خوجة الذي بذل النفس والمال في إحياء هذا الملتقى الثقافي الخير وذلك باستقطاب رجال الفكر والثقافة من أبناء بلادنا الحبيبة المملكة العربية السعودية وإذا كان هذا الملتقى بدأ في فترة وجيزة فإنه استطاعَ أن يثبت على أقدامه ليشارك بإثـراء مكتبتنا العربية، وأن يحقق حتى هذه الفترة نتاجه الممثل في أحد عشر مجلداً من عيون أدبنا العربي وتراث علمائنا الأفاضل وأنه لجدير أن تمد إليه الأيدي ولو بالكلمة الطيبة والتشجيع المتواصل فهو منكم وإليكم وأخيراً أختتم كلمتي هذه بالشكر لله عز وجل مسدي النعم ثم الدعاء لصاحب هذا الملتقى الشيخ عبد المقصود ثم لكم أيها الإخوة الأفاضل، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
أما من ناحية القضاء كما أُثني عليّ في هذا المقام فإني أشكر الجميع وأشكر الإخوة الذين أحسنوا فيَّ الظن و قد تعلمت العلم لا لقصد القضاء، و لكنني وصلت إليه مكرهاً، ثم سئلت في ذلك الوقت قالوا تعلمت القانون، وما أشبه ذلك؟ قلت القانون تعلمته وأكثر وأكثر، قالوا كيف تعلمت القانون؟ قلت القانون يبدأ بكتاب البيوع ثم ينطلق إلى ما بعده من الأبواب حتى يصل كتاب النكاح، ثم كذلك يبدأ مراحله على وتيرة حتى يصل كتاب الجنايات ثم ينتهي بكتاب الإقرار في آخر الفقه الإسلامي.. قالوا كيف قضيت وكيف تعمل؟ قلت يمكن أن أقضي بما قضاه قبلي من المسلمين ومن القضاة العادلين الذين تشبعوا بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، من كتابه العزيز فقد خرج المصطفى صلوات الله وسلامه عليه يمشي على أقدامه ومعاذ بن جبل راكباً على ذلوله أو حصانه، ذاهباً إلى اليمن داعياً وقاضياً ومزكياً وفاتحاً، فوقف الرسول صلوات الله وسلامه عليه في ضاحية المدينة فقال يا معاذ بن جبل بماذا ستحكم؟ قال أحكم بكتاب الله.. قال إن لم تجد؟ قال إن لم أجد فبسنة رسول الله صلوات الله وسلامه عليه.. قال فإن لم تجد؟ قال اجتهد رأيي.. ولهذا أخذ علماء الرأي بهذه الكلمة، الذين استندوا على الرأي قبل الإجماع، هكذا تعلمنا العلم لا لنصل إلى القضاء ولكن الله سبحانه وتعالى أعاننا عليه، وقد كنت أتذكر قصة عمر بن الخطاب والزبير بن العوام والأنصاري حينما تحاكما إلى رسول الله صلوات الله وسلامه عليه فحكم للزبير بن العوام في شراج في المدينة فلم يرض الأنصاري ورجعا جميعاً متجهين إلى بعض أحبار اليهود فقابلهما عمر بن الخطاب رضي الله عنه في ظاهر المدينة كما ذكر كثير من الناس فسألهما قال أين كنتما؟ قالا كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحكم بيننا، قال هل حكم؟ قال حكم ولكن ما رضي هذا.. قال أو قد حكم يا فلان؟ قال نعم ولكني ما رضيت حكمه، فأخذ سيفه وأطاح رأسه.. ثم راح إلى الرسول صلوات الله وسلامه عليه، ولكن سبق الخبر إلى الرسول صلوات الله وسلامه عليه فكبر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجاء عمر وسلم على رسول الله صلوات الله وسلامه عليه، فلم يرد عليه السلام في حضرة أصحابه صلوات الله وسلامه عليه، وفي تلك اللحظة نزل قول الله سبحانه وتعالى (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً) هكذا كان القضاء في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما الآن أيها الإخوة فأنا تحملت القضاء ما يقرب من 45 عاماً، فجابهت أشياء لا يطلع عليها إلا الله، في حين كانت قيمة الأرض أو الدكان أو كذا لا تتجاوز ثلاثة ريالات، ثم قفزت المادة بالناس حتى أن الأرض التي كنا نحكم فيها بثلاث ريال بلغت إلى مليون ريال، ثم كثرت المشاكل فكنا نتحمل ما لا يطاق في سبيل القضاء وهكذا استمريت في القضاء إلى آخر لحظة حيث وصلت إلى ما يسمى بالتقاعد، وأحلت على التقاعد، وحمدت الله سبحانه وتعالى، فلا تسألوني عن القضاء فإنني قد سئمت، وربما أنني الآن لا زلت في أشياء في نفسي معقدة لا يعلم بها إلا الله، ولكنني أشكر الله سبحانه وتعالى أنني لا أسأل أمام الله سبحانه وتعالى، أنني ظلمت أحداً أو أنني في وقت كان الريال فيه مقبولاً وسبيل الرشوة لو كانت تؤخذ مقبولة ولكن يسألني الله سبحانه وتعالى في خلال 45 عاماً أنني لم أتناول ولو ما أشبع به بطني، إلا ما جاءني من الدولة الله يأيدها، وإن تسألوني في القضاء فسأجيب بما أعلم وإن تسمحوا لي فجزاكم الله خيراً، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :523  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 136 من 146
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور محمد خير البقاعي

رفد المكتبة العربية بخمسة عشر مؤلفاً في النقد والفكر والترجمة.