شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
كلمة المحتفى به الأستاذ فهمي هويدي
- بسم الله الرحمن الرحيم، الأخ الكريم قال إنه يتوق لسماع صوتي، ولكني أعتذر لأن صوتي ليس بالجودة التي تمنيتها، أو توقعها الإخوة الحاضرون، وهو أحسن منها بالكثير ولكنه ليس أجمل بأي حال، أولاً أنا شاكر لكم جميعاً ولكل مـا سمعـت، ولأخي الكبير الشيخ عبد المقصود خوجة والأصدقاء الذين قدموا لي أو تحدثوا عني بأكثر مما أستحق وأنا الحقيقة كانت هذه المسألة بالنسبة لي مفاجأة، لأن البداية بالنسبة لي منذ حوالي 39 عاماً أو 40، لم أتوقف خلالها، والذي يجاهد يتمنى أن يكرم في الآخرة لا أن يكرم في الدنيا، ولم يدر على بالي كثيراً لا أن أحظى بمثل هذا اللقاء الذي أتشرف به وأسعد به، أو أن ألتقي بهذه النخبة الممتازة وإن كانت النخبة السعودية بالذات تصيبني ببعض القلق، لأن كل الذي نعرفه أنهم دكاترة فضلاء، فأكثر الذين يقرأون معي هنا في المملكة، والذين يشتبكون معي هنا في المملكة، وأكثر الذين أقابلهم أيضاً هنا في المملكة، وهذا من فضل الله إذا كنت قد استطعت أن أوصل شيئاً إلى الإخوة في السعودية، فأحسبه من توفيق الله سبحانه وتعالى، وأنا ليس لي فيه شيء، وكثيراً ما أقول: في زماننا الكتاب دائماً يدعمهم طرف ما، في الداخل أو الخارج أو السلطة أو إلخ.. وأنا كنت دائماً أشعر أن معي الله سبحانه وتعالى، وإحدى المشكلات بالنسبة للذي يكتب أنه لا يرى بسهولة صدى ما يكتب، يكتب وتنتشر الكلمة في أماكن بعيدة ولا يعرف كيف استقبلت هذه الكلمة، وأحياناً في ظروف الضغط التي يواجهها أحياناً أو كثيراً ينتابه بعض القلق وإنني أتذكر أنه بالنسبة لبعض المشاهير كالأستاذ مصطفى صادق الرافعي كان يكتب في بداية هذا القرن، ويكتب عن الاحتلال ويكتب ضد الظلم، ولكن في أواخر حياته استشعر قلقاً شديداً تجاه ما يكتب وبعد فترة قامت ثورة 1919م في مصر وكانت اللافتات التي يحملها الناس هي عناوين المقالات التي كتبها مصطفى صادق الرافعي.
لهذا فأنا أقول - دائماً - إن الكلمة المخلصة تصل إلى القلب وتؤثر في هذا القلب، ولكن متى تنبت؟ يعلم الله، وقلت أيضاً الذي يكتب ليس مسؤولاً عن صحة ما يكتب وليس مسؤولاً عن النتيجة الصحيحة ولكنه مسؤول فقط عن الموقف الصحيح، والموقف الصحيح يكون كلمة حق أحياناً، وأحياناً يكون إحجاماً عن الباطل عندمـا لا يستطيع المرء أن يحق الحق فعلى الأقل يحجم عن الباطل، وأيضاً تعلمنا أن كلمة الحق نصر، وربع كلمة الحق نصر، وأن لا يغالط قلبه الضمير، وأن يتقي الله فيما يكتب، ولكن تعلمت أيضاً من رحلة طويلة أن من يبتغي وجه الله لا بد أن يكون مستعداً أن يدفع ثمن موقفه، ليس هناك موقف صحيح بالمجان، إذا كان المرء مستعداً لدفع ثمن الموقف فليتقدم، أما من غير أن يدفع الثمن، ويريد موقفاً مجانياً، فأفضل له أن ينسحب، والثمن مكلف، لا يستطيع أن يكون صريحاً في إذاعة محللاً ومستقلاً و.. إلخ.. دون أن يدفع شيئاً، من الصحة والنفس والعافية والحرية، هكذا.
أعرف شاعراً عربياً كنت ألتقيه في بعض المناسبات وعند بعض المعارف كان يقول نحمد الله أن رؤوسنا ما زالت فوق أكتافنا، ربما يكون هذا وارداً بالنسبة للأوضاع في العراق، بالنسبة لنا الأمر ليس كذلك، كانت عندي أشياء أود أن أقولها لكني سأؤجلها لكي ترد ضمن المناقشة التي أرجو أن أستفيد منها، سيما وهنا بعض الأساتذة والنخبة الذين أعرفهم جيداً ولكن الكلام الذي قيل قبل قليل أثار بعض الشجون وأود أن أقول أيضاً كلمة مختصرة لأن أساتذتنا تحدثوا عن الإسلام والغرب وأنا أسميه الغرب والإسلام.
أنا الحقيقة يشغلني شيء آخر هو محنة الإسلام في داخل العالم العربي، مشكلتنا مع الغرب معروفة وقد قرأت منذ أيام عمن يقول إن معركتنا مع الإسلام بدأت منذ القرن السابع الميلادي، يعني منذ ظهور الإسلام، من هنا لا مفاجأة في أن نرى الحرب الشرسة التي يشنها الغرب ضد الإسلام فهذا شيء مفهوم، إنما الذي جد في العقدين الأخيرين هو أن الإسلام صار ممتحناً داخل العالم العربي نفسه، ولا أعرف إذا كان إخوتي هنا يدركون المدى الذي وصلت إليه هذه المحنة، لكني سأذكر على سبيل المثال أنه في بعض الأقطار العربية هناك قطر - باسم الفصل بين الدين والدولة - قرر إغلاق المساجد في كل أماكن العمل العام، ومن جراء ذلك أغلق 1500 مسجداً في هذا البلد العربي الشقيق.
في بلد عربي آخر تراجع مناهج التعليم، وأرجو ألا تقولوا إن هذا لم يحدث، لأن هذا يتم دون أن يلحظه أحد، تحذف نصوص الآيات والأحاديث، يقال المعنى فقط، ليس هذا فحسب ولكن أحياناً في الحوارات التي تحمل إيحاءات إسلامية، يعني مثلاً محمد قال لعلي، محمد مسلم وكذلك علي، فيقال سمير قال لعادل، اسم محايد، قال له في الأصل: السلام عليكم، فتكون العبارة البديلة: قال سمير لعادل عمت صباحاً.. وهذه عملية جراحية دقيقة تجري لما يسمى بتجفيف الينابيع، هناك من زعم بأن ما يسمى بالتطرف في زماننا أصله التدين، ليس التدين المنحرف ولكن التدين كله، وهذا كتب في أحد التقارير عن المراكز الاستراتيجية ومن ثم علينا أن نحارب التطرف وعلينا أن نجدد نوازع التدين ونوازع الإيمان حتى ننشئ جيلاً آخر خال من شوائب التطرف، طبعاً هذه نظرة خطيرة لأنه عمل متطرف ومن شأنه أن يخلق مزيداً من التطرف والإرهاب لأن شعوبنا وأبناءنا الذين يجهلون الإسلام سوف يبحثون عن إسلام من منابر أخرى ولا بد أن يكون هذا وبالاً على المجتمعات التي تدعي أنها تبحث عن إنهاء التطرف.
هناك محنة الإسلام في العالم العربي وينبغي أن نراها على السطح ونعترف بها وقد سمعت تصريحاً لأحد وزراء الخارجية العرب قال إنه صار لنا سنوات نحذر الغرب من التطرف الإسلامي، ولكن لم ينتبهوا له إلا في الفترة الأخيرة، يعني الوزير العربي هو الذي يلح على الأوروبيين أنه في مصيبة في كذا في كذا.. فلم ينتبهوا إلا أخيراً، أنا لا أود أن أفصل في هذا الجانب، ولكن أحب أن يكون واضحاً أن الإسلام في محنة، ولكن لا زال هناك عمق يتقدم فيه الإسلام، ولا زال للدين من يحميه، وليس ذلك ما يدعوني للقلق الشديد، ولكن يدعوني للتنبيه لما يحدث في أمتنا العربية، عندما سمعـت مثـلاً أن الأوروبيين يعملون، ويُنصِّرون في جنوب شرق آسيا، تذكرت مباشرة محنة المسلمين الذين تعمل معهم هيئات الإغاثة الإسلامية ومعنا الأخ الدكتور فريد قرشي يستطيع أن يفيدنا في هذا الجانب، معسكر مثلاً كان تديره إحدى الهيئات الإغاثية وبالمعسكر حوالي 400 أسرة، وذات صباح لم نجد أي دقيق أو جاز أو قمح أو سكر، أيضاً العمل الإسلامي يلاقي محنة شديدة، ومن تجربتي حتى في الكاتب الذي يريد أن يخدم الإسلام أنه يستطيع أن يخدمه من خلال الكثير من الأبواب المشرعة، أيضاً للعمل الإسلامي المئات من الأبواب، وقد أردت أن أعبر فقط عن هذا الهاجس الذي يجب أن يضاف إلى إدراكنا ونحن في هذا المجلس الذي نستشرف فيه بعضاً مما يجري حولنا، ونعي أو نبصِّر بما يفعله الغرب بالنسبة لنا، ونعلم كذلك أن الإسلام محارب في بيته وبين أهله، ولكن الله غالب على أمره.
أضيف باختصار أن الأمة العربية هي قلب الأمة الإسلامية، إذا صح القلب صح الجسم فلا نستطيع أن نتوقع من مسلمي آسيا أو مسلمي الصين أو مسلمي جنوب إفريقيا أن ينافحوا عن الاسلام ما لم نستطع نحن أن نتجاوز المحنة التي نعيشها، ونقدم نموذجاً إسلامياً مستقيماً حضارياً يشرف هذه الأمة أمام الناس، هذا باختصار ما وددت طرحه وأكتفي بهذا وأواصل ما عندي من أفكار أو آراء سوف أبسطها أمام حضراتكم عند المناقشة التي ستجري إن شاء الله، وشكراً.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :524  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 103 من 146
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء الرابع - ما نشر عن إصداراتها في الصحافة المحلية والعربية (2): 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج