لَوْ كُنْتُ شَيْخاً؟ يَا لهُ مِنْ سُؤَالْ |
يُضْحِكُ ربَّاتِ الحِجَالِ الثِّقالْ |
مَنْ أنا؟! إنْ لَمْ أكُ مُعْرَوْرِياً |
ظُهُورَ أعْوَامٍ عِرَاضٍ طِوَالْ؟ |
إنِّي لَذُو شَيْخُوخَةٍ أطْفَأَتْ |
جَذْوَةَ قَلْبي بَعْدَ فَرْطِ اشْتِعَالْ |
وُلِدْتُ شَيْخاً، أوْ أرى أنَّنِي |
خُلِقْتُ مِنْ قَبْلِ الثَّرى والجِبَالْ |
كَابَرْتُ دَهْرِي، ثُمَّ خلَّفْتُهُ |
يَدِبُّ مِنْ خَلْفِي دَبيبَ النِّمَالْ |
أعْمَارُكُمْ تُزْجُونَها بِالْمُنَى |
وَوَقْتُكُمْ تُحْصُونَهُ باللَّيالْ |
لِيَهْنكُمْ يَوْمُكُمُ، إنَّهُ |
مُحْتَفِلُ البَهْجَةِ كُلَّ احْتِفَالْ |
* * * |
اليَوْمُ عِنْدِي سَنَةٌ مرَّةٌ |
والعَامُ لاَ يُوصَفُ عِنْدِي بِحَالْ |
كَمْ قَدْ طَوَاني حينَ لَمْ أطْوِهِ |
عُمْرٌ شَدِيد الوَطءِ جَمُّ النَّكَالْ |
لَوْ مِتُّ طِفْلاً خِلْتُ أنِّي بِهِ |
مُعَذَّبَ المُهْجَةِ، فِيمَا أخَالْ |
ألْقَتْ بِيَ الأحْزَانُ في عَيْلَمٍ |
مَا تَخْطُرُ الفَرْحَةُ فِيهِ بِبَالْ |
ولاَ تَرَى فِيهِ مِلاَحَ الرُّؤَى |
وَلاَ بَهَتْ فِيهِ زُهُورُ الجَمَالْ |
* * * |
ألَسْتُ بالشَّيْخِ، وقَدْ شَمَّسَتْ |
رأْسِي خُيُوطُ الشَّيْبِ بَعْدَ الظِّلاَلْ؟! |
أبْيَضُ، مَا سُرَّتْ بِهِ مُقْلةٌ |
قَدْ أشْعَلَ الفَوْدَ، وأَوْرَى القَذَالْ |
القَلْبُ مِنِّي قَدْ بَراهُ الضنَى |
والجِسْمُ قدْ أوْغَلَ فِيهِ الكِلاَلْ |
وَشَاخَتِ النَّفْسُ وَأَوْدَى بِهَا |
قُرْبُ ارْتِحَالٍ بَعْدَ طُولِ اعْتِلالْ |
لا الشَّمْسُ، لا البَدْرُ، ولاَ كَوْكَبٌ |
أغرُّ يَبْدُو مِثْلَ وَمْضِ الخَيَالْ |
وَلاَ الرِّياضُ الغُلْبُ تَهْفُو لَهَا |
إذَا سَجَا اللَّيْلُ رِيَاحُ الشَّمَالْ |
لا شيْءَ يُغْريني بإبْهَاجِهِ |
مَلَلْتُ هذا العَيْشَ كُلَّ المِلاَلْ |
مَا وقَعَتْ عَيْنِي على مُوْنِقٍ |
إلاَّ ومَجَّتْهُ رَخِيصاً مُذَالْ |
مَسْخاً، وَنَسْخاً، كُلَّمَا أبْصَرَتْ |
حُسْناً أعَادَتْهُ دَمِيمَ الخِلاَلْ |
* * * |
أصْبَحَ إحْسَاسِي مَرِيضاً عَلَى |
عَكْسِ، يَرَى في الصَّابِ طَعْمَ الزُّلاَلْ |
أشْتَفُّهُ حَتَّى إذا مَسَّ مِنْ |
قَلْبِي مَكَاناً عَادَ مِثْلَ النِّصَالْ |
مَذَاقُهُ يُحْمَدُ لَكِنَّهُ |
أذَمُّ مَا كانَ، دَمِيمُ الفِعَالْ |