((كلمة سعادة الأستاذ عبد الإله عبد الرزاق عبد المجيد))
|
حمزة شحاتة.. رحلة العودة وقارئة الفنجان.. وعشق الصحافة.. وصبي الشيشه.. وأنا؟
|
في مكة المكرمة: |
كنت في المرحلة الابتدائية حين شاهدت خال والدتي أول مرة في بيتنا وقد جاء عشية للسلام على والدتي وليقضي أياماً في دارنا بحي النزهة أمام ساحة إسلام (رحم الله الجميع). |
رؤيتي له وسماعي لصوته وهو يعزف وحديثه الهادئ وصوته الجهوري وجسمه المهيب وسمرته القمحية ونظارته السوداء والطاقية الجاوي التي كان يلبسها، كل هذا لا يزال أمامي.. وعدت أسمع عنه من والدي وجدي وخالي (رحم الله الجميع)، وكنت أنا صبي الشيشة خاصته لجهة إعداد الجراك والفحم وتنظيفها وتجهيزها من كله.. |
كانت مكة المكرمة في عام 77 هجري بسيطة وجميلة وهادئة.. أنهيت المرحلة الابتدائية في صيف 83 هجري وكنت أقرأ في إجازة الصيف يومياً ثماني ساعات، حتى قال لي يومها إن العقاد هو الأديب الذي عرف عنه أنه يقرأ في يومه ثماني ساعات. لم أكن أعي ما المقصود لكني في ما بعد وعيت وأنا أحب القراءة جداً. |
في القاهرة عام 1392: |
انتقلنا -أخي غازي وزوجه المرحومة شيرين وأنا- حال نزولنا من الطائرة إلى مستشفى العجوزة، وهناك كان رحمه الله مستلقياً على السرير من دون ألم وكان ينظر إلي وهو يقول: كتاباتك الأخيرة في جريدة البلاد حلوة.. وسوف أعطيك قصيدة جديدة إلى عبد الله جفري لينشرها عن عبد الناصر هي آخر ما كتبت. لكني أقول لك أن تعشق الصحافة ولا تتزوجها أبداً! |
هذه الكلمات طافت بي طويلاً وكنت أحتفظ بتفسيرها لوحدي. |
المهم صادف في اليوم التالي أن دعاني أحد الأصدقاء الدارسين في مصر لزيارته صباحاً ومبكراً في جريدة الأهرام ولركوب الخيل.. وبعد وصولي لسكنه وقبل مغادرتنا إلى الأهرامات قال لي: أشرب فنجان قهوة بسرعة.. وفعلاً طلب من العاملة العجوز عمل فنجان قهوة سريع وقال لها: هذا جاء من مكة. |
بعد أن تناولت الفنجان أشار إلى العاملة وقال لها: اطلبي بياضك.. قالت: معليش يا بيه هذا ضيفنا.. باختصار طلبت مني 10 قروش مصرية فقط ثم أدارت الفنجان وتحدثت طويلاً وأنا مشغول بربط الكرافتة ولبس الجزمة.. وآخر الكلام قالت: (إنتو يا بيه جيتو مجموعة وحترجع لوحدك). |
وفي اليوم التالي توفي شاعرنا العظيم في مستشفى العجوزة وتم نقل الجثمان إلى المملكة وتحديداً إلى مكة المكرمة ليدفن فيها كما ولد بها، وقد عاد الجميع بالفعل من القاهرة مع الجثمان.. وقد سهل هذا الأمر الأستاذ سعيد منصوري الملحق العسكري آنذاك. |
أما أنا فلم أجد طريق العودة إلاّ بعد العزاء.. فقد كان موسم الحج وتعلمون الباقي. |
وفي جدة: |
اليوم الاثنين 28 جمادى الآخرة وفي دار أبي محمد سعيد يحتفل بمئوية شاعرنا الحجازي الفذ حمزة شحاتة، فهو شرف وتاريخ أن يسجل لهذا الشيخ ما سجله التاريخ لشيخنا شحاتة. |
والله على ما أقول شهيد.. |
عريفة الحفل: والآن يلقي علينا الدكتور يوسف العارف قصيدة في هذه المناسبة. |
|