عُذراً يَراعي، إنَّني |
في بَيْئتِنا كَالعَسْكَري |
يُمْلي عَلَيْهِ رَئِيسُهُ |
بِإِمارَةٍ، وَتَجَبُّرِ |
وَأُجيبُ: حاضِرُ، سَيِّدي |
إِني سَميعٌ، فَأْمُرِ |
قدْ كُنْتُ، حينَ سَمِعْتُهُ |
مَشْغولَةً بِالبُحُتُري |
بَلْ كُنْتُ أَكْتُبُ صَفْحَةً |
ففَقَدْتُ فيها أَسْطُري |
مِنْ صَوْتِهِ، مِنْ نَبْرَةٍ |
حَمْراءَ، شَرًّا تُضْمِرِ |
ولأَنَّ زَوْجِيَ جائِعٌ |
وَيَصيحُ: حالاً احْضُري |
وَعَثَرْتُ أُسْرِعُ خَطْوَتي |
وَكَأَنَّني في المَحْشَرِ |
وَنَظَرْتُ، ما هُوَ طالِبٌ |
ماذا يَقولُ، يُثَرْثِرِ |
فَرَأَيْتُ نَظْرَةَ ساخِطِ |
مُتَنَكِّدٍ، مُتَذَمِّرِ |
مُتَبَرِّمٍ بِكَلامِهِ |
ويَقولُ: مَرْيَمُ إِحْذَري |
مِنْ غَضْبَتي، يا زَوْجَتي، |
إِنِّي سَئِمْتُ، تَذَكَّري |
إِنْ ظَلَّ حالي هَكَذا |
أَوْ لَمْ تُراعي مَعْشَري |
سَأَقولُها لِتُغادِري |
فَاقْنَيْ حَياءَكِ، أَقْصِري |
ما الأَكلُ يا ابْنَةَ هاشِمٍ؟ |
فَأَجَبْتُ: شِعْرُ البُحْتُري |
وَعَنِ الحَلاوةِ؟ أَفْصِحي |
فَأَجَبْتُ: في ذا الدَّفْتَرِ |
والشَّايُ؟؟ قُلْتُ: قَصائِدٌ |
بَل قَهْوَتي بِمَشاعِري |
فَقامَ يَمْضُغُ غَيْظَهُ |
بِتَذّمُّرٍ وَتَحَسُّرِ |
ويَقولُ: أُمِّي شاهِدي |
كَمْ بائِسٍ في مَنْظَري؟ |
هذا اخْتيارُكِ، إِنَّهُ |
مِفْتاحُ هَمٍّ أَصْفَرِ |
يا لَيْتَ أَنِّي أَعْزَبٌ |
وَالزَّوْجَ لَيْسَ بِشاعِرِ |
إِنِّي عَدُوُّ أَبي العَلا |
والمازنِي، والسُّكَّري |
والأَصمَعي مُتَحَكِّمٌ |
ويَبِيعُ فِيَّ وَيَشْتَري |
طَهَ حُسَيْنٍ ضرَّةٌ |
في قَلْبِ مَرْيَمَ يَفْتَري |
وَيَغيظُني في حُبِّها |
يَغْتالُني بِمَشاعِري |
وَنَقائِضِ العَرَبِ الَّتي |
بِنَقائِصٍ تَتَبَخْتَرِ |
وشَتائِمٍ يَنْدَى لَها |
كُلُّ جَبينٍ مُزْهِرِ |
تَمْحو المَكارِمَ كُلَّها |
وَتَسوقُ كُلَّ مُكَدِّرِ |
هذا الفَرَزْدَقُ يَنْتَشي |
بِتَنَطُّعٍ وَتَكَبُّر |
وجَريرُ يَرْمي أَصلَهُ |
بِقَبيحِ وَصْفٍ، يَفْتَري |
ماذا أَقولُ لِجاحِظِ |
بِبَيانِهِ يتَفاخَرِ |
ولِغَيْرِهِ في فِقْهِهِ |
كَثَعالِبيٍّ مُكْثِرِ |
هذا يُفَلسِفُ، ذا يُثَرْثِرُ، |
والجَميعُ مُحاوِري |
ماذا أَقولُ، وَكُلُّهُمْ |
مُتَحَكِّمونَ بِحاضِري |
وبِزَوْجَتي، وَبِدارَتِي |
والحُبُّ مِنْهُمْ عَنْتَري |
فَالمَقَّرِيُّ بِنَفْحِهِ |
مُسْتَعْرِضٌ لِمَفاخِرِ |
وَأَبُو نُواسَ يغيظُني |
بِمُجونِهِ، والمُنْكَرِ |
وابْنُ الرَّبيعَةَ سادِرٌ |
يَخْتالُ في ذا المِئْزَرِ |
بَيْنَ النِّسا مُتَبَخْتراً |
مُتتَبِّعاً للأَحْوَرِ |
ماذا أقولُ وَحالَتي |
يُرْثَى لَها، بَلْ تُسْكِرِ |
عَقْلي وَحِسِّي بِالَّذي |
قَدْ قيلَ: "عِلْمٌ"، أُنْظُري |
أَرْهَقْتِني يا زَوْجَتي |
ماذا أَصابَكِ، فَسّري |
هَذا التَّجاهُلَ، إِنَّني |
أَشْكو لِرَبٍّ قاهِرِ |
يا رَبِّ فَرِّجْ كُرْبَتي |
في ذا الزَّواجِ الأَغْبَرِ |
إنِّي سَئِمْتُ بُحُوثَها |
تَصْحيحَها في الدَّفْتَرِ |
وكَذا سَئِمْتُ حَياتَها |
وَسَئِمْتُ مِنْ ذا المَنْظَرِ |
كُتُبٌ هُنا، أَوْراقُها |
والعِقْدُ جَنْبُ المُزْهِرِ |
والأَصْبَهاني مُطْرِبٌ |
تَقْسيمُهُ بِالبُنْصُرِ |
أُوفيدُ يَرْقُصُ نَشْوَةً |
مُتَرَنِّماً في مَحْضَري |
وَيَبُصُّ لي بِشَماتةٍ |
وَتَخابُثٍ، وَيُكَرْكِرِ |
ياقوتُ يَنْفُثُ سُمَّهُ |
بِمَعاجِمٍ، وَيُثَرْثِرِ |
وَمُعَلَّقاتٍ عَلَّقَتْ |
قَلْبي بِحَظٍّ عاثِرِ |
ماذا أَقولُ وَحَسْرَتي |
تكْوي بِقَلْبِ يُقْبَرِ |
عَدْنانُ هذي حالَتي |
إِيَّاكَ مِثْلي تُقْهَرِ |
وَلَدي حَبيبي إبْتَعِدْ |
عَنْ زَوْجَةٍ بِدَفاتِرِ |
إِنَّ الجَهالَةَ نِعْمَةٌ |
يا لَيْتَها بِمُعَسْكَري |