وإنّ مَيادينَ الجِهادِ كَثيرَةٌ |
وَكُلٌ خَلِيقٌ بِالّذي هو أَجْدَر |
ويَأْتِي على رأْسِ الميادينِ أَنْفُسٌ |
تُباعُ لِوجْهِ اللَّه وقت تُكَبِّر |
تُكَبِّرُ إذْ حَقَّ الجِهادُ ودَعْوَةٌ |
إلى مِلَّةِ الإسلامِ دِيناً سَيَظْهَر |
بَراءَةُ قد أَثْنَتْ على القَوْمِ جاهَدُوا |
بِأَنْفُسِهِمْ والمالِ والقولِ يَطْهُر |
هَنيئاً لِمَنْ قد نَوَّرَ اللَّهُ قَلْبَهُ |
وخُطَّ لَهُ في لَوْحَةِ المَجْدِ أَسْطُر |
أليس عَظِيماً أَنْ أَجْرَك أَوْفَرُ |
إِذا وادِياً في اللَّه تَمْشِي وتَعْبُر |
وكم وادِياً في الأرْضِ تَقْطَعُ حينما |
تُجاهِدُ في اللَّهِ العَظِيمِ وتَصْبِر! |
وكم مَرَّةً في اللَّهِ تَظْمَأُ حينما |
تُجاهِدُ في صَيْفٍ وحين تُهَجِّر |
وكم مَرَّةً في اللَّهِ تَعْرَى ومَرَّةً |
تَجُوعُ وأُخْرَى في العَشِيَّةِ تَخْصَر |
فكيف إذا كنتَ الّذي غاظَ كافِراً |
ونِلْتَ من الكُفّارِ، فالْكُفْرُ يُقْهَر |
وأمّا إذا أَعْطاكَ مولاك ثَرْوةً |
وأَنْفَقْتَ منها أنت -لا شَكّ- تُؤْجَر |
وليس لِزاماً أن تكونَ كَبيرَةً |
فليس قَلِيلُ المالِ مِمّا يُحَقَّر |
وربُّك يُرْضِيهِ الّذي النَّفْسُ قد سَخَتْ |
بإعْطائِهِ إنّ الصَّغيرَةَ تَكْبَر |
ومِنْ رَحْمَةِ المولى بِنا أنّ خَيْرَهُ |
تعالى عَميمٌ لَيْسَ يُحْصَى ويُحْصَر |
فَكُلُّ الّذي تَنْويهِ خَيْراً عِبادَةٌ |
إذا لم يَكُنْ شَيْئاً له الشَّرْعُ يَحْظُر |
وكُلُّ دُرُوبِ الشَّرِّ سُدَّتْ لأَنها |
يُقابِلُها في الخَيْرِ ما هو أَيْسَر |
وما حَرَّمَ الرّحمنُ إلاّ بَليَّةً |
تأَذَّى بها الإنْسانُ والله أَخْبَر |
فماذا دَهانا حين نَتْرُك نِعْمَةً |
حَبانا بها المولَى إلى ما يُعَكِّر |
كأنّا نَسِينا دَوْسَ خَصْمٍ رِقابَنا |
لأنّا نَسِينا ما بِهِ اللَّهُ يَأْمُر |
ألا إنّ كُلَّ الشَّرِّ يَسْهُلُ تَرْكُهُ |
بِإذْنِ إلهِ العَرْشِ فالكَسْرُ يُجْبَر |
ألا إنّ كُلَّ الخَيْرِ فاتَ فَمُمْكِنٌ |
بِإذْنِ إلهِ العَرْشِ يَتْلُوهُ أَكْثَر |
وَأَوَّلُ ما نَحْتاجُهُ صِدْقُ تَوْبَةٍ |
إلى اللَّهِ والعَيْنانِ بِالدَّمَعِ تُمْطر |
ومَنْ ذا الّذي يَنْسَى شُروطاً لِتَوْبَةٍ |
وأوَّلُ شَرْطٍ لا يكونُ تَأَخُّر |
ومِنّا لمولانا يكون تَضَرُّعٌ |
بِمَدٍّ لِعَوْنٍ إنَّهُ اللَّه أَقْدَر |
وفي لَمْحِ طَرْفٍ سوف نَبْدُو بإذْنِهِ |
تعالى كَطَوفانٍ يَطِمُّ ويَغْمُر
(1)
|
وكلُّ قُوَى الشَّرِّ الّتي قد بَدَتْ |
تَعِيثُ بأَرْضِ اللَّهِ تُطْوَى وتُدْحَر |
فَلَيْسَتْ تُريد الخَيْرَ إلاّ لِنَفْسِها |
كذاك تُريد الأَرْضَ بالعُهْرِ تُطْمَر |
فإن عَمَّ في طُولِ البِلادِ وعَرْضِها |
فسادٌ وعُهْرٌ فَهْيَ كَلْبٌ يُجَرْجَر
(2)
|
وربُّكَ لا يَرْضَى الفَسادَ وأَهْلَهُ |
إذا راقَ منهم مَنْظَرٌ ساءَ مَخْبَر |
وكُلُّ غَيُورٍ ليس يَرْضَى سُلُوكَهُمْ |
وربُّكَ مِنْ كُلِّ الغَيُورِينَ أَغْيَر |
وربُّكَ لا يَرْضَى كَذاكَ سُلُوكَنا |
لأَنّا مِثالٌ في الخَيابَةِ يُذْكَر |
لقد خَلَقَ المولى العِبادَ لِغايَةٍ |
بأن يَعْبُدُوهُ ثمّ ذي الأَرْضَ يَعْمُرُوا
(3)
|
وليس بِكافٍ أنَّنا الدِّينَ نَعْمُرُ |
ويَبْنِي سِوانا الأَرْضَ ثمّ يُطوِّر |
لماذا نَسِينا أَنَّ أَحْمَدَ أُسْوَةٌ |
إذا نحن شِئْنا هذه الأَرْضَ نَعْمُر |
وهل عَرَفَتْ أَرْضُ الجَزِيرَةِ قَبْلَهُ |
لدى الحَرْبِ أنّ الخَنْدَقَ الضَّخْمَ يُحْفَر |
ومُذْ كُنْتُ طِفلاً كُنْتُ دَوْماً أُكَرِّر |
سُؤالاً إذا دَرّاجَتِي نالَ بَنْشَر
(4)
|
أَيَلْزَمُنِي مِنْ أَجْلِ نَيْلٍ لِرُقْعَةٍ |
أَسُدُّ بها ثُقْباً لما يَتَأطَّر |
أَجيءُ بِها من كُلِّ أَرْضٍ بَعِيدَةٍ |
وإلاّ إطارِي لِلْحَراجِ أُسَيِّر
(5)
|
ولا زِلْتُ بعد النِّصْفِ لِلْقَرْنِ طارِحاً |
سُؤالاً شَبِيهاً لا يَزالُ يُحَيِّر |
ولا تَحْسَبَنِّي في سُؤالِيَ يائساً |
وإلاّ لما قد كُنْتُ للذّهْنِ أعْصِر |
ومن ذا الّذي قد غابَ عنه بأنّ ما |
علينا جَرَى أو سوف يَجْرِي مُقَدَّر |
لهذا تَرانِي دائماً مُتَفائِلاً |
فما الكَرْبُ إلاّ ساعةً ثمّ يَعْبُر |
وأَعْلَمُ أنّ المَجْدَ شادَ جُدودُنا |
عليه بإذْنِ اللَّهِ ذا اليومَ نَقْدِر |
وأَنَّ إلهَ العَرْشِ قد جعَلَ القُوَى |
تُدَوَّر فَالأَوْلَى بها سوف يُؤْثَر |
ويَأْتِي سُؤالي هل نُريدُ قِيادَةً |
لإنْقاذِ هذا الكَوْنِ بالْخَيْرِ يُؤْمَر |
فَقِيمَةُ هذا النَّصَرِ جُهْدٌ مُضاعَفٌ |
لِتَعْوِيضِ نَقْصٍ ثمّ بالسَّبْقِ يَبْهَر |
حَذارِ تَقُولُ الرِّيحُ هَبَّتْ وقد مَضَتْ |
بِإذْنِ إلهِ العَرْشِ رِيحُكَ تُمْطِر |
بِفَضْلِ إلهِ العَرْشِ أُبْنا لِرَبِّنا |
وبِالجُهْدِ قَدَّمْنا نُسَرُّ ونُحْبَر |
ونَسْأَلُ رَبَّ العَرْشِ تَسْدِيدَ خَطْوِنا |
إذا لم يَكُنْ عَوْنٌ من اللَّهِ نَعْثُر |
وإذْ كانَ دَرْبُ الجِدِّ بِكْراً فإنَّنا |
نُرِيدُ طَرِيقاً فِيهِ لا نَتَحَيَّر |
وَأَحْسِبُ أَنّا الآنَ حَقًّا بِحاجَةٍ |
لِوجَهَيْنِ للدِّينارِ والتِّبْرُ أَصْفَر
(6)
|
يكون لنا التَّخْطِيطُ يَحْمِلُ جَدْولاً |
وتَعْرِيبُ تَعْلِيمٍ بِهِ الأَمْرُ يَصْدُر
(7)
|
جَهِلْتَ بِأَنَّ اللَّه أَعْطاكَ نِعْمَةً |
إلى يَوْمِ حَشْرِ النّاسِ لا تَتَكَرَّر |
لقد أَنْزَلَ الرّحمنُ وَحْياً لِعَبْدِهِ |
بِهِ اللُّغَةُ الفُصْحَى إلى الحَشْرِ تَفْخَر |
وفي حِفْظِ رَبِّ العَرْشِ ذِكْراً أَتَى بِها |
حِفاظٌ لها دَوْماً فلا تَتَغَيَّر |
ومِنْ أَجْلِ هذا قِيلَ إنّ تُراثها |
لأَقْدَمُ ما عَنْهُ الِّلسانُ يُعَبِّر |
وليس يُرادُ الرَّقْمُ يَوْماً ولَيْلَةً |
وشَهْراً وعاماً والقُرُونُ تُسَطَّر
(8)
|
ولكنْ يُرادُ القَوْلُ إنّ لِسانَنا |
يظَلُّ شَباباً والقُرُونُ تُكسَّر
(9)
|
قُرُونٌ مَضَتْ قد زاد فيها شَبابُها |
شَباباً وهذا وَجْهُها اليَوْمَ أَزْهَر |
فليس لها بِالدَّهْرِ يَوْماً عَلاقَةٌ |
إلى يَوْمِ حَشْرِ نُورُها سَوْفَ يَبْهَر
(10)
|
أليست وِعاءَ الذّكْرِ نُوراً يُنَوِّر |
وسُنَّةِ خَيْرِ الخَلْقِ حين تُفَسِّر |
وقد حَفِظَ الرَّحْمنُ ذِكْراً يُنَوِّر |
وسُنَّةَ خَيْرِ الخَلْقِ عِطْراً يُعَطِّر |
فَأَحْرَى بِنا أَنّا نُجَدِّدُ مَجْدَها |
ونُلْبِسُها ثَوْباً بِهِ تَتَبَخْتَر |
ونَأْتِي الّذي الأَجْدادُ من قَبلُ قد أَتَوْا |
فكانَتْ لِسانَ العِلْمِ حين يُحَضَّر |
ولم يك مَقْصُوراً على العُرْبِ فَضْلُها |
ولا أُمَّةِ الإسلامِ والكُلُّ أَقْدَر |
فقد غَطَّتِ الدُّنيا غَداةَ تُعَبِّرُ |
وتحْفَظُ عِلْماً بالكِتابَةِ يُؤسَر |
وكُلُّ الّذي نَحْتاجُهُ اليوم مَعْهَدٌ |
يُتَرْجِمُ عِلْماً نافِعاً ويُسَطِّر |
يُتَرْجِمُ ما فاقَتْ بِهِ كُلُّ أُمَّةٍ |
وجادَ بِهِ في ساحَةِ العِلْمِ عَبْقَر
(11)
|
وحَتَّى أَرَى التَّخْطِيطَ آتَى ثِمارَهُ |
وعُرِّبَ تَعْلِيمٌ فإنِّي أَنْظُر
(12)
|
فإن كان ما أَرْجُو وهذا مُيَسَّرُ |
وإلاّ فإنِّي آمِلٌ ومُكَرِّر |