((كلمة سعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه))
|
الحمد لله الذي علّم بالقلم، علّم الإنسان ما لم يعلم، والصلاة والسلام على سيدنا وحبيبنا وقدوتنا محمد، خير من تعلم وأعلم بالله عز وجل. |
السيدات والأساتذة الأفاضل |
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. |
من نفحات غوطتها، وشاهق مآذنها، ترفدنا هذه الليلة "الفيحاء" بفارس تضلع من نمير أفاضل علمائها، فعلا نجمه، وذاع صيته، وأضاء مشكاته علماً نافعاً بإذن الله. فمرحباً بضيفنا الكريم فضيلة الشيخ الدكتور محمد راتب النابلسي، الذي أسعدنا بتلبية دعوة اثنينيتكم قادماً خصيصاً من دمشق لنلتقي في ظلال المحبة وروابي العلم. |
شأن كثير من علمائنا الكبار، أمضى فضيلة ضيفنا حياته متعلماً ومعلماً.. فنحسبه إن شاء الله ممن بسطت لهم الملائكة أجنحتها في غدوهم ورواحهم، وصلّت عليهم كفاء تعليمهم الناس الخير.. فأنعم به من حال ومآل.. ومما لا شك فيه فإن هذه المسيرة القاصدة اكتنفها كثير من اللأواء، ولازمتها فيوض من الصبر على المكاره، فنيل العلم تباريح جثو على الركب، ومزاحمة المناكب في حلقات المدارسة.. وصياغة آلام الغربة عقود ياسمين على جباه الأيام والليالي.. ورغم أنه طلب العلم الشرعي في بواكير حياته، إلا أنه لم يتوان عن صقل مواهب الاستزادة منه في أعرق الجامعات الفرنسية والبريطانية والمصرية. كما تمددت آثاره العلمية عبر شبكتي الاتصالات العنكبوتية والفضائية معظم أنحاء الدول العربية والغربية، وخاطبت الكثير من الأقليات المسلمة في قريتنا الصغيرة. |
لضيفنا الكريم الكثير من التأملات الكونية والحياتية، عصيّ رصدها في عجالة، لأنها تتأبى الإيجاز المخل، وفي تقدير كثير من العلماء أنه ساحة معرفية ممتدة الأرجاء غزيرة الأنداء، تنداح من إقليم الكتابة حتى شواطئ التأمل الفسيح، ومن يراع الفكر الدقيق، حتى رحيق الخطابة العصماء، في رحلة تعود بها الروح إلى يقظتها، والقلب إلى يقينه، والنفس إلى سكينة وهدوء، إذ لا حداء في هذه الرحلة سوى جرس عذب لمتبتل خاشع لآي القرآن الكريم، لا زاد فيه يتخم الجسد، ويوهن الفكر، ويزيد ران القلوب، بل محض نزهة للروح في طيوب المعاني وحدائق قرنفل البيان، فنحسبه من نباريس الهدى، ومنارات العلم، الذين يستفيدون من ناجز الحاضر، وإمكانات المستقبل تأكيداً عملياً بأن رسالة الإسلام صالحة لكل زمان ومكان. |
استطاع ضيفنا الكبير أن يزاوج بين الأدب والفقه بحنكة ودراية؛ فمقالاته الأدبية مجنحة في سهوب اللغة، مزدانة الأسلوب، ريانة المعاني، واضحة الدلالات، ناصعة البيان، يدعمها ويطرزها بالآيات الكريمة والأحاديث الشريفة، مجادلاً ومنافحاً عن رؤاه بالتي هي أحسن، وما أشد حاجتنا لهذا المنهج في حوارنا مع الأديان جميعها بوسطية لا تعرف غلواً ولا تطرفاً، إذ يعتبر صاحب مدرسة تأملية، تعمّق من الإيمان في عصر احتفى بالعلموية، وأعرض كشحاً عن القيم الروحية والحقائق الغيبية؛ لذا اجتذب بيانه حول العلم والدين العديد من المفكرين الذين أضاءت كتاباتهم عتمة الشك، وكشفت أن ليس ثمة تعارض بينهما، يتجلى ذلك في مؤلفه الموسوم "مؤسسة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة". |
ما أسعدنا بهذا المنجز الحضاري الذي نتطلع إلى اكتماله مشروعاً تنويرياً، يمتد أفقياً ورأسياً، ليسهم بدور بارز في النهضة المباركة التي تعيشها أمتنا رغم ما يعتورها من منغصات، فالطريق شائك والدرب طويل، إلا أن إرادة ضيفنا الكبير مع دعواتنا له، ومؤازرتنا لسعيه، ستجعل الحزن سهلاً بإذن الله. |
آملاً أن نلتقي الاثنينية القادمة للاحتفاء بالأستاذة الشاعرة روضة الحاج، قادمة خصيصاً من السودان الشقيق، لترسم لوحات من شعرها المجدول بالطبيعة والخصب والأرض والنماء.. والتي أسهمت في إثراء الساحة الشعرية بدواوينها: عش للقصيد -وفي الساحل يعترف القلب -وللحلم جناح واحد -ومدن المنافي وغيرها. |
فإلى لقاء يتجدد.. طبتم وطابت لكم الحياة. |
والسلام عليكم ورحمة الله. |
مقدم الأمسية: شكراً لسعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه على كلمته الترحيبية الضافية لهذه الأمسية احتفاء بضيفنا فضيلة الشيخ الدكتور محمد راتب النابلسي. الكلمة الآن أيها الإخوة والأخوات لسعادة اللواء الدكتور السيد أنور ماجد عشقي رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية فليتفضل. |
|