شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((كلمة سعادة الأستاذ داود الشريان))
مساكم الله بالخير، أنا حقيقة أعددت كلمة أريد أن ألقيها، لكني بعد كلمة الشيخ عبد المقصود خوجه، التي عبر خلالها على آراء ومحطات على نحو أشعرني أنني فضلاً عن أني سعيد -أعجز من أُعدّ مثلها- الأمر الآخر أنني حظيت بشهادة من عبد الله مناع، وعبد الله مناع حينما بدأت في الصحافة، كان بيني وبينه موقف، كلما يراني كان يقول لي: "إنت إيش اسمك؟"، كلما يراني، وكنت أقول لنفسي: متى يعرفني عبد الله مناع؟ اليوم تأكدت أن عبد الله مناع يعرفني، أما يحيى باجنيد فأعتبر شهادته بي وساماً، لأنه عندما يتحدث عني مبدع، أكون بالتأكيد سعيداً، أنا لم أفكر في العمل الصحفي في بداية حياتي، كنت مشغولاً بالمسرح، في تلك الأيام بدأت أمارس هواية التمثيل، وفي المرحلة المتوسطة تعرفت إلى الأستاذ محمد الطويع وكان وقتها أستاذاً للتربية الفنية وهاوٍ للفن، وقبل أن يسافر إلى أمريكا أسند لي بطولة مسرحية كوميدية، نالت المركز الأول على مستوى المملكة، نسيت اسم المسرحية، ولكني ولعت بالمسرح، فبدأت أبحث عن تعويض لفقدان العمل، فقلت إن الكتابة عن الفن ستطفئ الظمأ، وقررت أن أخوض الكتابة عن تجربة الدراما، كنت وقتها على أبواب الجامعة، وكان أول مقال أكتبه في رسالة الجامعة عن مسلسل تلفزيوني، وفي الصحافة المحترفة كان أول مقال لي في جريدة الجزيرة بعنوان "من هو البطل"، ومضمونه يناقش الفرق بين الفكرة والبطل في العمل الدرامي. في الجامعة وجدت المسرح مجدداً فقرأت مسرحيات عالمية، وقرأت المسرح الروسي، وأعجبت بالتجربة الكويتية. كنت أسافر ليومين لحضور مسرحيات في القاهرة والكويت. في الجامعة فتح لي المسؤول وقتها عن مسرح جامعة الملك سعود، المخرج محمد باب الأمل، أنا والراحل بكر الشدي، وزملاء مثل محمد الطاهر، ومحمد جنه، ومعتوق العامودي، وصالح الزاير، وناصر القصبي وآخرين.. وصنع منا فرقة مسرحية عظيمة. في القاهرة أتيحت لي الفرصة لكي ألعب دور بطولة مسرحية سوق الحمير لتوفيق الحكيم، وعلى خشبة مسرح محمد فريد في القاهرة، شعرت تلك الليلة بأنني على أبواب الاحتراف، أقف على عتبة مسرح وقف عليها عظماء المسرح المصري، فتحول الولع إلى إصرار على إكمال المسيرة، لكن الأمل تبدد ساعة لاح، شعرت أن الإصرار على المسرح في ذلك الوقت سيجعل مني شهيداً، وأنا لا أحب الاستشهاد المجاني، قررت أن أتنازل عن رتبة، وأبقى في ثكنة الفن؛ قررت أن أشتغل في النقد المسرحي، ودخلت الصحافة من هذا الباب، فوجدت معظم نجوم الصحافة السعودية قادمين من المدرجات، وأنا قادم من خشبة مسرحي.. أنا أتحدث الآن عن أواخر سبعينات القرن العشرين؛ لم أجد من يشجعني على الاستمرار، وكانت الصحف المحلية تخلط الأشكال الصحفية، وتكتب بلغة لا تتفق ولغة درستها في قسم الإعلام.. أدركت أن قسم الإعلام علمني لغة لا يفهمها القوم، فقررت الرحيل. وخلال السعي لإتمام الخروج من مؤسسة اليمامة الصحفية، التقيت بالأستاذ محمد الغثيان، الذي كان قد جاء لتوّه من جريدة اليوم، وقد كُلِّف بتطوير مجلة "اليمامة"، ونقلها من مرحلة الأدب إلى زمن الصحافة. وجدت في الغثيان ما لم أجده في الآخرين؛ كان يميز بين الأشكال الصحافية، يكتب الجملة القصيرة، وينظر إلى المواضيع والقضايا بعين لم أعرفها من قبل. وبقيت أعمل في الصحافة إلى اليوم، بسبب تشجيع محمد الغثيان، وإعجابي به. في عام 1980م التقيت بمدير منطقة الشرق الأوسط لوكالة الأسوشييتد بريس في أحد مؤتمرات القمة، وطلب مني أن أعمل مراسلاً للوكالة في المملكة، فقلت له إن المسألة تحتاج إلى رخصة رسمية. لاحقاً ساعدني الراحل الدكتور محمد عبده يماني، وهو أبلغني بالموافقة، قال لي رحمه الله: أنت أول صحفي سعودي يعمل مراسلاً مرخصاً لوكالة أجنبية. كان ذلك جزءاً من المناخ الذي ساعد على صنعه فقيدنا أبو ياسر؛ المحطات كثيرة، والتجربة مثيرة، والزملاء الذين التقيت بهم وعملت معهم كثر، وهم مني يستحقون التوقف مع كل واحد منهم، لكن الوقت لن يسمح بسرد كل الأسماء، لعل من أبرز المحطات وصولي إلى رئاسة تحرير مجلة "الدعوة"، وجريدة "المسلمون"، التي تنبه إليها عبد الله مناع. حين أتحدث عن هذه التجربة، أشعر أنني أروي فصولاً مسرحية؛ كيف يصل صحافي بدأ الكتابة عن المسرح والفن، وخرج من شارع محمد علي والعوالم إلى رئاسة تحرير الصحف الإسلامية؟ لا جدال في أن ما جرى يشبه مسرح العبث، لكن رغم كل العبث والكوميديا، وإن شئت الدراما السوداء، فإن التجربة كانت عظيمة، وسوف تجد طريقها إلى النشر في أحد الأيام ليطلع عليها الجيل الجديد من الصحفيين السعوديين، ولعل المحطة الصحفية الأخيرة هي تجربتي الراهنة في "العربية نت". المثير هنا هي أنني كتبت الصحافة، وهي تطبع بحروف الرصاص، وأعمل الآن في صحيفة تطبع بالأحبار، فضلاً عن أن الصحف والمجلات التي عملت بها تطبع مرة في الأسبوع أو يومياً، وأنا حالياً أدير صحيفة تصدر طبعة كل خمس دقائق، إنه تحول مثير في مدة لا تتجاوز أربعة عقود. بقي لي أن أتحدث عن تجربتي في الإذاعة؛ أشهد أن الإذاعة تجاذبتني على نحو مثير، لم أجد في التلفزيون المتعة التي وجدتها في الصحافة، رغم الشهرة التي يصنعها التلفزيون، لكن الإذاعة شيء مختلف.. الإذاعة حديث عن الهواء وعن الهوى، الإذاعة حديث حقيقي عن الإعلام الجماهيري. لقد درسنا على مقاعد الإعلام وسائل الإعلام الجماهيرية، وكانت الإذاعة واحدة منها، والدراسات في ذلك الوقت تشير إلى أنها في طريقها إلى الزوال.. اليوم أجزم أن الحديث عن زوال الإذاعة تخرص وجهل في التحليل، الإذاعة ستزداد رسوخاً مع الوقت، لعدة اعتبارات منها سهولة الحديث لها ومنها، وقدرتها على الوصول إلى كل الناس، وفي كل الأوقات، والأهم من هذا وذاك شعبيتها، إنها مثل الخبز، هي إعلام البسطاء والأغنياء، المثقفين والعامة، هي إعلام الواقع دون منازع. بقي أن أشكر مضيفنا الشيخ عبد المقصود خوجه الذي أتشرف أن أكون في مجلسه الثقافي، وأنال منه التكريم.. لن أنسى أن هذا التكريم هو أول تكريم لشخصي منذ أن بدأت مشواري الصحفي عملياً عام 1974، وللشيخ عبد المقصود خوجه كل الشكر والتقدير. عفواً عن الإطالة، والحديث عن الذات، ولكم كل الود.
عريف الحفل: شكراً للأستاذ داود بن عبد العزيز الشريان على كلمته، التي كنا نتمنى أن تطول أكثر فأكثر، لأنَّ لديه الكثير عن رحلته مع الصحافة، إلاّ أنه فضّل وأراد الاختصار.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :772  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 17 من 209
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

يت الفنانين التشكيليين بجدة

الذي لعب دوراً في خارطة العمل الإبداعي، وشجع كثيراً من المواهب الفنية.