| عَلَّلتُ عَجزِي بأنَّهُ الوَرَعُ |
| وهل لَمثلِي في غَيرِهِ طَمَعُ؟ |
| آمنتُ باللهِ، ما كفَرتُ بِهِ |
| لكنَّه الغَيُّ، والهَوَى تَبَعُ |
| مَضَى شبابي، وما نَعِمتُ بِهِ |
| فهل لماضي الأحلامِ مُرتَجَعُ؟ |
| لَيتَ اللّياليَ أعطت بما أخذَت |
| مِنِّي عَزْماً يُورِي ويَندَفِعُ |
| شَقيتُ بالحسِّ في رَغَائبِه |
| وكُلُّها نافِرٌ ومُمتَنِعُ |
| يرومُ منها ما لا يُحَقِّقُهُ |
| جُهدِي، وقد عَاقَ خَطوِيَ الظَّلَعُ
(1)
|
| * * * |
| يَصُدُّ عَنّي الحَسناء، إنْ عَشِقَتْ |
| بَسْطةَ جِسمِي، الجَفافُ والصَّلَعُ |
| لستُ بِشَيخٍ، لَكِنّنِي هَرِمٌ |
| يُصْلِحُ مِن سَمْتِهِ ويَصطَنِعُ |
| ويَخدَعُ النَّاسَ عن حَقيقَتِه |
| فهل تَراهُم بفعلِه انخَدَعوا؟ |
| * * * |
| تقولُ لي، والكَرَى يَمِيلُ بِها: |
| أنتَ سَميِري، والرِّيُّ، والشّبعُ |
| بَلَى، لقد كُنْتُها، وقد صَدَقَتْ |
| لو كنتُ منها بالصِّدقِ أنتفعُ |
| أقريتُها طَيِّبَ الحديثِ على |
| خَيْرِ طعامِي، وَمِلْتُ ألْتَفِعُ |
| وقُمْتُ عنها عَفَّ الإزارِ على |
| استجابَةٍ للحَرامِ تَصطَرِعُ |
| ما حالَ بينِي وبينَها نَدَمٌ |
| ولا ثَنانِي تُقىً ولا جَزَعُ |
| لكنَّه العَجزُ، والرَّخاوة، والأيْـ |
| ـنُ، وداعي النُّضُوبِ والخَرَعُ
(2)
|
| هَيْهاتَ، ما لِلشَّبابِ من عِوَضٍ |
| وليس بَعَد الشَّبابِ مُتَّسَعُ |
| أرَغْتُ فيه العُلا، فدافَعَنِي |
| عنها زمانٌ، سِلاحُهُ خَدِعُ |
| وهِمْتُ بالخيرِ، واتَّصفتُ به |
| فما اقتفانِي في الخيرِ مُتَّبِعُ |
| وارحمةً للنّفوسِ، أرْخصَها |
| هوانُها للقَوِيِّ والجَشَعُ |
| وَضَيّعَةً للعقولِ في زَمنٍ |
| قد أوْهَنَته الآثامُ والبِدَعُ |
| * * * |
| طالَ عليَّ السُّرى براحلةٍ |
| عَشْواءَ، أقفُو المُنى وأنتجِعُ |
| وناءَ بِي الأينُ في مَسالِكِها |
| صحراءَ يَخْشَى ظلامَها السَّبُعُ |
| أركَبُ فيها الوُعورَ مُخْتَبطاً |
| ومِلءُ نفسي الكَلالُ والهَلَعُ |
| ماذا أرى من حقيقتي؟ أسِوَى |
| أنِّي.. شَيءٌ يَهْوي ويَرتَفِعُ |
| كَفَّنْتُ ماضِيَّ، وانتظرتُ سُدىً |
| مُستَقبَلي، فاستشاطني الجَزَعُ |
| قالوا: تعجَّلتَ، فاتَئِدْ، فمضى |
| بالنُّجحِ -راعَ العشيرَ- مُندَفِعُ |
| ونِمْتُ عن غايةٍ أطلْتُ بها |
| سُهدي، سُدىً، والرَّجاءُ منقَطِعُ |
| فصاحَ بي الوَداعُ المنعَمُ: أبْـ |
| ـطأتَ، فهَلاّ عَجِلتَ يا لُكَعُ
(3)
|
| أغرقْتُ جُهدي في السَّعي ملتَمِساً |
| غايةَ حُرٍّ بالحقِّ يَدَّرعُ |
| فلم أرَ الحقَّ غيرَ مَهزلةٍ |
| فيما احتذى الأقوياءُ، أو شَرَعوا |
| والعيش سوقاً، تُباع حاضرها |
| كما تُباعُ العُروضُ والسِّلَعُ |
| الآدميّون والكلابُ بها |
| سِيَّانِ، إما ألاحَ مُنْتَفِعُ |
| ما زال يَرجو الإنصافَ مُضْطَهَدٌ |
| ويستَدِرُّ الحنانَ منصدِعُ |
| إنْ كانَ حكّامُهمْ دَهاقِنَة السُّـ |
| ـوقِ، فَمَن بالقضاءِ يَضطَلعُ؟
(4)
|
| العدلُ في الأرضِ سيرةٌ ذَهَبتْ |
| والرَّأيُ في أمرِ أهلِهِ شِيَعُ |
| يا سائِلي عن فضائلٍ مُدِحَت |
| أهْي خيالٌ يُروَى ويُبْتَدَعُ؟ |
| لا رَأْيَ عندِيَ فيها، فلستُ أرى |
| في الأرض ظِلاّ لَهَا، فأقتنعُ |
| فليت شِعْرِي! هل صاغَ من قِدَمٍ |
| أسماءَها في اللّغات مُختَرِعُ؟ |
| قُلْ للخَلِيَينَ: ما وراءَكُمُو؟ |
| فقد عَدَتْنَا الآمالُ والمُتَعُ |
| أهَبْتُ بالغافلين أُنذِرُهم |
| من سوءِ أطماعِهم، فما رَجَعوا |
| لَهفِي على الجائعين نازَعَهم |
| أقواتَهم بالنفوذِ مَنْ شَبِعوا |
| "سائلْ ملوكاً هَذِي مقابِرُهم |
| هل استقالوا المصيرَ أو دَفَعُوا"؟ |
| * * * |
| ناديتُ قومي راءَ حاجرَة |
| فرَدَّ رَجْعُ الصّدَى: لقد هَجَعوا
(5)
|
| يا فتيةً! عاقَروا الطِّلا سَحَراً |
| أثَمَّ فيكُمُ للنُّصحِ مُستَمِعُ |
| في الغَيْطِ ساعُونَ ينزِعون طَوًى |
| وأنتمو تحرُثون ما زرعوا
(6)
|
| هلاّ أدَّرَأْتُم عن رَأي أعينهم |
| فكلُّهم ناظرٌ ومستمِعُ |
| كم أوهَنَ الفسقُ قبلَنا أمَماً |
| فَانحَلَّ ما وَثّقوا وما جَمَعوا |
| لو عَرَفَ المترَفُون غايَتَهم |
| لأفزَعَ المترَفِين ما صَنَعوا |
| هل للخَزَانَى بعيشِهم فَرَحٌ؟ |
| بما أُصيبوا فيه وما فُجِعوا؟ |
| مَرحَى لقومٍ أصغَت ضمائِرُهم |
| إلى نذيرِ القُرآنِ، فارتَدَعوا |
| قلْ للدُّجى: أطبقَت غياهِبُه |
| على أناسٍ: هل أنتَ منقشِعُ؟ |
| * * * |