شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
ضرب.. وطرح
أراحَني اللهُ من سُهدٍ وتَبريحِ
منذُ استقرَّ شراعي وانطَوَت رِيحي
لمّا يَعُد في وِصالِ الغِيدِ لي وَطرٌ
أمضِي به مُستَطارَ القلبِ والرُّوحِ
وطابَ لَيلِي، فَلا شَوقٌ يؤَرِّقُنِي
إلى حبيبٍ، ولا دَمعي بِمَسفوحِ
أنَّى اتَّجهتُ خَلِيَّ البالِ رُحتُ إلى
كَونٍ فَسيحٍ طَليقِ الأُفقِ مفتوحِ
أُهيمُ فيه، وأستوحي مَفاتِنَه
مَلاوةَ النَّفسِ في أرجائِهِ الفِيحِ
لا القلبُ فيه بمرتاعٍ على أمَلٍ
قضَى، ولا الفكرُ عن سَبقٍ بِمَكبُوحِ
فَقُل لِمن هامَ بالغاياتِ متَّخِذاً
أسبابَهُ من "أحاليل التماسيح":
لَو رَدَّ مَيتٌ على حَيٍّ عزيمَته
أغنَت عن الشَّمس أضواءُ المصابيحِ
عادَ الرَّبيعُ، فلم تُشرِق بَشاشَتُه
على جوانبِ قَلبٍ غيرِ مَقروحِ
أبليتُ في القيدِ عُمرِي ثائراً قَلِقاً
فهل أطيقُ جِهاداً بعد تَسريحي؟
طوَى الشَّبابُ علالاتِ المُنى ومَضَى
فازجُر هَواكَ بقُدُّوسٍ وسُبُّوحِ
لقد تركتُ الهَوى للنَّاعمينَ بِهِ
فصُنتُ وجهيَ عن ذلٍّ وتجريحِ
سَرَى بنا اليأسُ في رَمضَاءَ محرِقةٍ
تُردِي العزائمَ بين الأينِ واللوحِ
واليَأسُ أروحُ من آمالِ مُرتَقِبٍ
شذا أزاهيرِها من بَعدِ تَصويحِ
يا راعيَ الضَّأنِ! قد رَوَّعتَها زَمناً
بما تأثَّرتَ من حبسٍ وتَذبيحِ
فإن تسلَّلَ من مرعاكَ نافِرُها
إلى مُرَادَيهِ من أمنٍ وتَرويحِ
أتاكَ، غيرَ بعيدٍ، صوتُ ثائرها
مَوجاً من البَأسِ، لا يُبقِي على نُوحِ
أذكت أساكَ الشُّطوطُ الخُرْسُ لو نَطَقَت
وأرَّقتْكَ مياهُ النَّهر لَو توحِي
مضى الزَّمانُ على مألوفِ سُنَّتِهِ
يُذَلِّلُ القِمَمَ العَصماءَ للسُّوحِ
ففِيمَ يَعتِبُ ذو عقلٍ على سفهٍ
في محنةٍ سادَ فيها كلُّ مقبوحِ
ضاقَت نفوسٌ بما تُخفِي، وإنَّ لها
يوماً يُهيبُ بها مُستَنفِراً: بُوحِي
متى يَعِي مُدَّعي الإدراكِ غايَتَه
وغايَتي من إشَاراتي وتَلويحِي؟
وهل يُنيرُ، لسارٍ ضَلَّ، مَسلَكَهُ
شَرارُ زَندٍ بجُنح اللَّيلِ مَقدُوحِ؟
طَرَحتُ أعباءَ عَيشِي غَيرَ مُتَّئدٍ
وظَلَّ ما بِفؤادِي غيرَ مَطروحِ!
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :450  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 123 من 169
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الدكتور واسيني الأعرج

الروائي الجزائري الفرنسي المعروف الذي يعمل حالياً أستاذ كرسي في جامعة الجزائر المركزية وجامعة السوربون في باريس، له 21 رواية، قادماً خصيصاً من باريس للاثنينية.