| أراحَني اللهُ من سُهدٍ وتَبريحِ |
| منذُ استقرَّ شراعي وانطَوَت رِيحي |
| لمّا يَعُد في وِصالِ الغِيدِ لي وَطرٌ |
| أمضِي به مُستَطارَ القلبِ والرُّوحِ |
| وطابَ لَيلِي، فَلا شَوقٌ يؤَرِّقُنِي |
| إلى حبيبٍ، ولا دَمعي بِمَسفوحِ |
| أنَّى اتَّجهتُ خَلِيَّ البالِ رُحتُ إلى |
| كَونٍ فَسيحٍ طَليقِ الأُفقِ مفتوحِ |
| أُهيمُ فيه، وأستوحي مَفاتِنَه |
| مَلاوةَ النَّفسِ في أرجائِهِ الفِيحِ |
| لا القلبُ فيه بمرتاعٍ على أمَلٍ |
| قضَى، ولا الفكرُ عن سَبقٍ بِمَكبُوحِ |
| فَقُل لِمن هامَ بالغاياتِ متَّخِذاً |
| أسبابَهُ من "أحاليل التماسيح": |
| لَو رَدَّ مَيتٌ على حَيٍّ عزيمَته |
| أغنَت عن الشَّمس أضواءُ المصابيحِ |
| عادَ الرَّبيعُ، فلم تُشرِق بَشاشَتُه |
| على جوانبِ قَلبٍ غيرِ مَقروحِ |
| أبليتُ في القيدِ عُمرِي ثائراً قَلِقاً |
| فهل أطيقُ جِهاداً بعد تَسريحي؟ |
| طوَى الشَّبابُ علالاتِ المُنى ومَضَى |
| فازجُر هَواكَ بقُدُّوسٍ وسُبُّوحِ |
| لقد تركتُ الهَوى للنَّاعمينَ بِهِ |
| فصُنتُ وجهيَ عن ذلٍّ وتجريحِ |
| سَرَى بنا اليأسُ في رَمضَاءَ محرِقةٍ |
| تُردِي العزائمَ بين الأينِ واللوحِ |
| واليَأسُ أروحُ من آمالِ مُرتَقِبٍ |
| شذا أزاهيرِها من بَعدِ تَصويحِ |
| يا راعيَ الضَّأنِ! قد رَوَّعتَها زَمناً |
| بما تأثَّرتَ من حبسٍ وتَذبيحِ |
| فإن تسلَّلَ من مرعاكَ نافِرُها |
| إلى مُرَادَيهِ من أمنٍ وتَرويحِ |
| أتاكَ، غيرَ بعيدٍ، صوتُ ثائرها |
| مَوجاً من البَأسِ، لا يُبقِي على نُوحِ |
| أذكت أساكَ الشُّطوطُ الخُرْسُ لو نَطَقَت |
| وأرَّقتْكَ مياهُ النَّهر لَو توحِي |
| مضى الزَّمانُ على مألوفِ سُنَّتِهِ |
| يُذَلِّلُ القِمَمَ العَصماءَ للسُّوحِ |
| ففِيمَ يَعتِبُ ذو عقلٍ على سفهٍ |
| في محنةٍ سادَ فيها كلُّ مقبوحِ |
| ضاقَت نفوسٌ بما تُخفِي، وإنَّ لها |
| يوماً يُهيبُ بها مُستَنفِراً: بُوحِي |
| متى يَعِي مُدَّعي الإدراكِ غايَتَه |
| وغايَتي من إشَاراتي وتَلويحِي؟ |
| وهل يُنيرُ، لسارٍ ضَلَّ، مَسلَكَهُ |
| شَرارُ زَندٍ بجُنح اللَّيلِ مَقدُوحِ؟ |
| طَرَحتُ أعباءَ عَيشِي غَيرَ مُتَّئدٍ |
| وظَلَّ ما بِفؤادِي غيرَ مَطروحِ! |
| * * * |