أَفبعد ما سنح الخيال ووافى |
ودّعن سرحك، وانطلقن خفّافا؟ |
وغدت سوابق ودّهن ذواهبا |
بالبرء، ليس وراءَهنّ معافى؟ |
من كل نافرة الهوى لم نقضها |
حقاً فكيف تميلها استعطافا..؟ |
سمعتك تهضب بالقريض فشاقها |
الإِيطاءُ حين تخيلته زحّافا؟ |
فمضت بما ظنته فيك مشوقة |
ومضيت تضمر للمراد خلافا |
أفذاك همك بالحسان زعمته |
حباً، طلبت لدفعه الإِنصافا؟ |
فإِليكهنّ نوافراً دعاءَة |
نظراتهن تطرَّحت إِلحافا |
وإِليكهن هوى تجسد صورة |
فيما بدا منهن لا أَوصافا |
ما دونهن سوى الستور وقد وهت |
وتعلقت بالعابرين هفافا |
فاعزم على ميسور أمرك واعتصر |
مما حبتك كرومهن سلافا |
فالعيش عيش العازمين وما أَرى |
لك -إِن أَمنت العجز أن تتجافى |
روى الحيا عهداً عرفنا أَهله |
أَحمى على جمر الهوى آنافا |
وغدا برحمة ربه متطلّباً |
وصل الحسان رأَى الحسان فخاخا |
يا أَنتِ إِن فتاك أهبة حالم |
هاب العيان فصاول الأَطيافا |
فتقبّليه -على الجنوح- كريمة |
رضيت بما حصد القريض كفافا |
فلقد تبلغك القناعة غاية |
فاض الخيال بمثلها استخفافا |
والصبر أَعون منهجيك على السرى |
وأرق في عميائه أَسدافا |
يا أَنت لا يحزنك أَنك زورق |
لم يلق في عرض المحيط مطافا |
ملاّحه أشقى لدفّته هوت |
فطوى الشراع وأَسلم المجدافا |
هي تلك أَسباب الهوى وشباكه |
شعر أَطاف بقائليه فطافا |
ولربما أَجدى الكلام وإِن تكن |
منح الحياة مطالباً تتكافى |
فزني بميزان العروض رؤَى الهوى |
ومصيره وعبابه الرجّافا |
وهبي بما تعطين قصداً يرتضي |
ويطاق لا بخلاً ولا إِسرافاً |
يا أنتِ ما كل الغيوم تحملت |
مطراً فشيمي العارض الوكافا |
فعسيت لاقيه سوانح فيضها |
إِن لم تصبك فدارها إِخلافا |
صرنا إِلى زمن ينازع قاعد |
فيه الفخار الراحل الطوّافا |
ليت الذي خلق المطامع كلها |
للحالمين -كما تراد- جزافا |
أَوليْتَ ملتمس السلامة نالها |
عرضاً كما نجني الزهور قطافا |
يا للعقول من السنين تساوقت |
سوداً مثقلة الظهور عجافا |
حسن الحسان بهن وعد يرتجى |
بخلائق تتعجل الإِخلافا |
الداعيات إِلى الحفاظ وليته |
منهن كان وفاً لنا وعفافا |
الشائبات وصالهن لمن وفى |
وحمى وشد بنائهن زعافا |
الذارفات الدمع حيث أَردنه |
سحراً يرد الأَقوياءِ ضعافا |
المولعات بكل لحظ جارح |
لم ينتفضن لوقعه استنكافا |
التاركات حمى الكرامة نهبة |
للشك زلزل صرحه إِرجافا |
وآهاً لأفئدة هناك خضيبة |
عاشت لهن على الأَسى أَهدافا |
قل للذي امتلأت رؤاه لآلئاً |
أَلقت عليه شعاعها الرفّافا |
صارعت أعماق البحار فلم أَجد |
ورؤاك -إِلاّ هذه الأصدافا |
وذهبت أفتقد العيون فلا أَرى |
فيهن ذاك العالم الشفّافا |
إني لأَستعدى الزمان على الهوى |
فأَراه أَضيق بالمنى أكنافا |
* * * |